تعرضت الأمة الإسلامية منذ قيام الدولة الإسلامية في المدينة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لعدوان مستمر من أطراف داخلية وخارجية، وخلال أربعة عشر قرناً مضت على قيام الدولة الإسلامية شهد تاريخ الأمة تيارات وتنظيمات شق أفرادها عصا الطاعة وخرجوا على جماعة المسلمين بغياً وعدواناً رغم ادعائهم بأن هدفهم من ذلك خدمة الإسلام ونصرته، ولقد شكلت هذه الأخطار الداخلية تهديداً لوحدة المجتمع الإسلامي وتجانسه، وإن المرء ليعجب من فئة تنتسب لهذا البلد المسلم وتسلم نفسها لمنظمات خارجية تستغلهم لتنفيذ مخططاتها العدوانية الرامية إلى ترويع الآمنين وزعزعة أمن واستقرار هذا البلد الذي ظل وسيظل مضرب المثل في الأمن والاستقرار بإذن الله، والحق أن الإسلام بريء من مثل هذه الأعمال العدوانية فكل تعاليمه توصي بالعدل والرحمة والإنصاف وتنهى عن الظلم والإفساد في الأرض وترويع الآمنين والخروج على الإمام وجماعة المسلمين.
إن مواجهة مثل تلك الأعمال العدوانية يتطلب من الجميع التعاون واليقظة لكي تتضافر وتتحد الجهود للتصدي لهذه الأفكار المنحرفة والوافدة على مجتمعنا المسلم، والدور الأكبر من المسؤولية مناط بوسائل الإعلام لتقوم بدورهام ومؤثر في بحث الأسباب والوسائل لمعالجة مثل هذه الظاهرة، ويعد الحديث الذي تفضل به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز لجريدة الجزيرة في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 12/3/1424هـ منهجاً واضحاً لكيفية تعامل وسائل الإعلام مع هذه الظاهرة الشاذة، فقد حث سموه وسائل الإعلام على القيام بدورها في توعية أفراد المجتمع وبيان دور المواطن في التصدي لمثل هذه الأفكار، موقف الشريعة الإسلامية من هذه الأعمال العدوانية، ومدى استفادة أعداء الأمة من مثل هذه الأعمال للنيل من الإسلام وتشويه صورة المسلمين، والتركيز على بحث أسباب وقوع أفراد هذه الفئة ضحية لأفكار منحرفة وافدة.
إن تحقيق مثل ذلك لا يتأتى إلا من خلال طرح رؤى واضحة وصادقة وهادفة بعيدة عن توزيع الاتهامات وتحميل أطراف رافضة ومستنكرة لمثل تلك الأعمال وداعية للتصدي لها بكل حزم وقوة، ومن هذا المنطلق فإن مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة مشتركة وعلى الجميع أن يقف بحزم أمام هذه الأفكار والأعمال العدوانية التي لا تمت إلى تعاليم ديننا أو قيم مجتمعنا أو مناهجنا التعليمية بصلة، كما أتمنى أن تتم هذه المعالجة بعيداً عن استخدام عبارات اللمز والهمز وإصدار الأحكام وتعميمها دون الاستناد على أدلة واضحة وبينة وذلك لنتمكن من الوصول للأسباب الحقيقية والسبل والوسائل المناسبة لعلاجها حماية لأبناء أمتنا وإبعادهم عن خطر الوقوع بيد أعداد الأمة وتسخيرهم للنيل من هذا البلد المسلم وأهله، وهذا الأمر يتطلب من الجميع بذل المزيد من الجهود المخلصة الصادقة والابتعاد عن الاتهامات واختلاق أسباب وهمية لمصالح شخصية بعيدة عن مصلحة الوطن والأمة.
والله أسأل أن يحفظ بلادنا وأبناء أمتنا من كيد الكائدين.
|