شاءت إرادة الباري عز وجل أن ينتقل إلى جواره الأخ العزيز والصديق الوفي والزميل الأمين الأستاذ عبدالله بن إبراهيم الجلهم، قضى رحمه الله نحبه بعد أن انتهى من أداء صلاة الفجر يوم الاثنين الموافق 25/3/1424ه عندما تعرضت له سيارة مسرعة وهو في طريقه إلى منزله فضربته ضربة أودت بحياته في الحال، كان ذلك آخر عهده بالدنيا الفانية أداء هذه الصلاة العظيمة وما تلاها من أذكار وأدعية وآيات قرآنية فهنيئاً لمن تكون مثله هذه نهايته ولا يعني ذلك أن المصيبة ليست عظيمة والخسارة ليست فادحة فمن عاصر وزامل هذا الرجل أو سمع شيئاً عن سيرته وإن كان ليس أمامه إلا أن يرضى بقضاء الله وقدره لا بد أن يحزن عليه حزناً كبيراً وأن يتألم ألماً شديداً لفقده.
كيف لا وهو الإنسان الذي ضرب أروع الأمثال في النزاهة والاستقامة ومخافة الله والأمانة النادرة في أداء ما أوجبه الله عليه والقيام بكل الأعمال التي أسندت إليه في الدولة بكل إخلاص وكان آخرها رئاسته لبرامج ورعاية المعوقين شديدي الإعاقة والقابلين للتأهيل. بذلك أسكنه الله فسيح جناته جهوداً متواصلة وصادقة لتطوير خدمات هذه الفئة العزيزة على الجميع. وقد تحقق الكثير مما كان يرجوه لها رغم الصعوبات التي واجهته والتي اضطرته لطلب الإحالة على التقاعد المبكر ولم يقطع صلته بإخوانه وزملائه بعد التقاعد فزيارته لهم واطمئنانه على أحوالهم مستمرة ربما كان آخرها مجيئه لي لهذا الغرض قبل وفاته بما يقرب من عشرين ساعة مع زميل آخر يشبهه في الوفاء الأستاذ علي بن صالح المغلوث لهذا فإن مصيبتي به لا تقل عن مصيبة أولاده وأهله وذويه.
كان لي نعم المعين والسند بعد الله، يقوم بعملي وأقوم بعمله أثناء غياب أحدنا. كانت زمالة يسودها الثقة والمحبة والتفاهم التام على كل ما يضمن نجاح رعاية الفئات المحتاجة رعاية سليمة مناسبة لأوضاعها التي تشرفت بخدمتها وكالة الوزارة لشؤون الرعاية الاجتماعية السابقة التي ازدهرت ازدهاراً لم يسبق له مثيل خاصة عندما كان على رأسها صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان، أعود فأكرر أن أبا أديب كان مثالاً في أخلاقه الفاضلة وتواضعه وبساطته وزهده ووفائه وأن إخلاصه في العمل وما أسفرت عنه جهوده المخلصة يستحق معها أن يكرم من قبل ولاة الأمر بأحد الأوسمة التي اعتادوا أيدهم الله لمنحها للموظفين المخلصين أمثال هذا الرجل.
لقد أدى به ورعه إلى أن يتنازل عن جزء من استحقاقاته المالية عندما أحيل إلى التقاعد خوفاً من أن يكون في يوم من الأيام قد تأخر أو خرج أثناء الدوام الرسمي مع أنه كان مثالاً في الحضور المبكر والانصراف المتأخر وله من الصفات الحسنة ما لا يحضرني حصرها بسبب ما أعاني منه من هول هذه المصيبة المؤلمة التي لا يسعني إزاءها إلى أن أسأل العظيم الأعظم أن يتغمده بواسع رحمته وأن يغفر له وأن يعفو عن زلاته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يجبر مصيبة الجميع فيه. كما أتقدم بخالص العزاء لزوجته الفاضلة أم أديب ولأبنائه وبناته وإخوانه وذويه وزملائه ومحبيه وأن يجعل أولاده من بعده خير خلف لخير سلف.
}انا لله وانا اليه راجعون{
|