حين تكون إحدى السعوديات كابتن طيَّار.. فهذا يعود لها وهذا اختيارها.. إن خيراً فخير لها.. وإن شراً فلها.. والحقيقة أننا لسنا أوصياء على الخلق نحدد لهم مستقبلهم داخلياً وخارجياً.
فهي قد اختارت وهذا حق لها!
** لكن الشيء الذي من حقنا أن نتدخل فيه هو ألا يفسر رفض المجتمع لهذا العمل أو ذاك بأنه تخلف وتأخر وجهل وخلافه.
فهذا اختيار المجتمع ومن أبسط حقوقه ألا يُوصم بمثل هذه المفردات على اختياره..
ثم إننا لو تتبعنا انخراط النساء في عمل «كابتن طيَّار» لوجد ذلك قليلاً جداً في أكثر الدول تقدماً.. ونسبة الطيَّارات للطيَّارين لا تكاد تُذكر..
** الشيء الآخر أن الطيَّارة السعودية ابنة مجتمع مكة المتنوِّع والمتداخل مع أفكار اجتماعية كثيرة من الشرق والغرب إثر مواسم الحج والعمرة..
بمعنى أنها مدينة منفتحة على فكر الآخرين ومختلفة تماماً عن غيرها من حيث سيطرة الموروث الاجتماعي الخاص عليها، إذ يلتقي سكانها بتوليفة كبيرة من الجنسيات الإسلامية.
وتقول الطيَّارة السعودية إنها لن تنشئ بناتها على نهج النشأة التي نشأت عليها.
وكان حرياً بها أن تحدد ملامح نشأتها، إذ يمكن أن تكون نشأة صحيحة وهي التي خرجت عليها..
أو تكون نشأة غير سوية ذات ملامح مهمِّشة ومغيِّبة للمرأة دون وجه حق..
لكن ترك الأمر هكذا معلَّقاً ومفتوحاً وتعريض المجتمع كله إلى الانتقاد فقط لأنه لم يرحب بخروجها بدون محرم واشتغالها في الطيران.. فهذا فيه إجحاف بحق المجتمع الذي تنتمي إليه.
ثم إن صنع القرار الذاتي هو سمة واضحة لكثير من النساء السعوديات.
وعلى الكابتن طيَّار السعودية ألاَّ تحلِّق في سماوات يريدها الإعلام وهو يحتفي بها من أجل هذا.. وكان عليها ألا تنساق خلف شهوة الأضواء.
فغيرك مئات النساء دخلن عالم الطيران.. فلماذا هذه الملاحقة لك بالذات ولماذا تحرضك الأسئلة لكي تقولي ما تخجلين منه فهو مؤذٍ لأهلك وناسك..
نحن لا نعترض على اختيارك.. فهذه حريتك الشخصية ومسئولية أسرتك.. لكننا سنظل نعترض على كل كلمة ترمين بها نساء مجتمعك واختياراتهن.. فليس بالضرورة أن نكون طيَّارات حتى نكون قادرات على أخذ قرارنا بأنفسنا.. فقرراتنا كثيرة وقد أخذناها بأنفسنا ولم تُفرض علينا وأهمها على الإطلاق مجالات العمل التي تناسبنا..
قرارات أخذناها بأنفسنا ولم تمل علينا.. ولم نحصل على ثمن مقابل لها.. بل ثمنها واضح وبادٍ في نجاحات متعددة قد تكونين غير مهتمة بها..
حلِّقي.. فهذا من حقك..
لكن عليك أن تقدِّري اختيارات الناس بنفس القدر الذي تودين فيه لو قدَّروا اختيارك!!
|