ليست هناك عبارات واضحة لما حدث منذ أيام.. ليست هناك كلمات قادرة على التعبير، بعد أن عجزت عقولنا عن التصديق.. فما حدث لم يكن أمراً عادياً وتفاصيله ودقائقه لم تكن أيضاً سهلة التصور.. وليست هناك حاجة لنقول إن ما حدث دخيل على مجتمعنا وعلى جميع المشاعر الإنسانية، وإنه غريب على كل ما تعلمناه وعشناه وجربناه في حياتنا كلها.
إن الإرهاب لا وطن له.. ولا سقف يحميه.. ولا أرض واحدة يفترشها..
كل الأوطان أمامه مباحة وكل الأراضي مفتوحة.. لا يفرق بين منشأة أو جندي يحميها، كما أنه لا يضع حدوداً بين المستهدف والبريء.
بعد يومين فقط من انفجارات الرياض ضربت الدار البيضاء، وقبلها عدة بلاد أخرى، وإذا كانت الدوافع أحياناً تختلف من بلد لآخر فإن النتيجة واحدة!
مزيد من الدمار والخراب وتعطيل القوى الاقتصادية وزعزعة الاستقرار ونقل الرعب الى الأطفال، وارتهان المصالح بالقلق وتوقف أو تغير عجلة الحياة وارتعاش خطواتها.. وتوقع المزيد من الدماء كل يوم.
والمشكلة أنه ليست هناك مؤشرات معينة يمكن الاستناد إليها، لا في الحكم على الأشياء ولا لنتائجها المتوقعة، فالضربات تأتي من غير الأماكن المتوقعة ومن أشخاص ملئت عقولهم بأفكار غريبة، فباتوا يسمون «الانتحار» استشهاداً وتدمير النفس «عملية فدائية» وتخريب المنشآت وقتل الأبرياء «جهاداً في سبيل الله».
نحن إذاً أمام معضلة يمتزج فيها الدين البريء من كل هذا «الخرف» بأفكار مضطربة تعشش في عقول مهوشة، فقد أصحابها القدرة على قيادة أنفسهم فتركوا غيرهم يقودونهم نحو الهلاك، رافعين شعارات هم أبعد من يكون عنها.
إننا لسنا في مجال الرد أو التفنيد على ما حدث، ولا الدفاع عن رجال نعلم جيداً مدى قدرتهم ووطنيتهم وتمسكهم بالدين والثوابت وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية.
لسنا في حلبة دفاع لأن الأمور لا تحتاج إليها، فالجهود التي بذلت لأمن هذه البلاد المباركة والتي لا تزال تبذل، لا أحد ينكرها أن يشكك فيها، كما أن حدوث تفجيرات مثلما حدث لا يعني عدم السيطرة الأمنية على مجريات الأمور وإلا اعتبرنا أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها غير قادرة بكل ما أوتيت من قوة وتقنية على تأمين نفسها بدليل أحداث (11) سبتمبر الشهيرة.
في نفس الوقت لا مجال أيضاً للتبرير أو اعتبار أن ما حدث مجرد حادث سيمر دون حساب، فسمو وزير الداخلية حفظه الله أعلن عن استنفارتام لكل تراب الوطن ودعا الى اليقظة التامة ضد كل من يسيء إلى الأمن أو يحاول العبث بمقدرات ومكتسبات الشعب السعودي، ودعا سموه أيضاً في الوقت نفسه إلى أهمية الالتفاف والتلاحم لتشكيل جبهة داخلية تحمي مقدساتنا وثوابتنا وكل ما نحرص عليه فوق أرض هذا الوطن الغالي لتأكيد نعمة الأمن والاستقرار التي كانت سمة.. وستظل إن شاء الله.. لبلادنا وتراثنا وما يصاحبها من عادات وتقاليد وحضارة إسلامية.
إن الأيام القادمة شئنا أم أبينا ستشهد تحولات كبرى في أكثر من مجال وستمتد يد التطوير إلى أماكن جديدة لتكتمل المنظومة الأمنية بشكل أكبر يسع الجميع.
وإن كان الوضع يحتاج إلى تكاتف من الكل سواء من المسؤولين أو المواطنين أو المقيمين، فإن الارهاب لا يفرق بين واحد منهم كما أنه لا ينتقي أهدافه، وحتى ولو حدث، فإن عملية الانتقاء نفسها لا تجدي نفعاً، فالكل مرتبط بسلسلة واحدة، وتكفي اشارة واحدة إلى أن الشركة الأمريكية التي طالها الانفجار كان يعمل فيها أكثر من (700) مواطن سعودي.
والله وحده يعلم كيف ستسير أمورهم في الأيام القادمة..
نسأل المولى العلي القدير أن يحفظ لهذه البلاد الطاهرة قادتها وأن يعزها بالإسلام وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان إنه سميع مجيب.
|