تبت أيدي هؤلاء الآثمين الذين قاموا بعملية التفجيرات التي هزت مدينة الرياض في يوم الاثنين الماضي الحادي عشر من شهر ربيع الأول تبت أيديهم وخابوا وخسروا لما تحملوه من آثام ومن دعوات عليهم مني ومن جميع اخواني المسلمين عامة وسكان المملكة العربية السعودية على الذين أزهقت أرواحهم بدون ذنب في سواد ليل بينما كانوا آمنين مطمئنين.. أزهقت أرواحاً بريئة ويتمت أطفالاً ورمّلت نساء وأرعبت شيوخاً لايملكون إلا كلمة حسبنا الله ونعم الوكيل على تلك الأيدي الآثمة المأجورة التي قامت بذلك ونحن نتساءل ماذا يريدون وما هي أهدافهم وما الدافع إلى كل هذا أم أعماهم الحقد والكراهية للإسلام والمسلمين فاستأجروا هؤلاء المغرورين وجعلوهم مطايا لتحقيق أهدافهم لتأليب المسلمين على بعض وبين المسلمين وأهل الميثاق والذي يؤلمنا كثيراً هو ان هؤلاء الذين قاموا بهذه الأعمال من بني جلدتنا ومن أبناء هذا البلد الذي تربوا في خيراته وافترشوا أرضه والتحفوا سماءه وبين أهليهم وذويهم وهم يزعمون أنهم بهذا سينالون الشهادة فهاهم الآن يعيشون في ذل ومهانة وخوف بل وأسى وحسرة وسوف يلقون مصيرهم المحتوم وعقابهم في الدنيا والخزي في الآخرة مع الخالدين في النار بإذن الله لما أزهقوا من النفوس البريئة بغير حق.
* أم أنهم يقرؤون كتاب الله ولا يفهمون معناه ولو أنهم تدبروا القرآن وتفقهوا فيه لم يجرؤوا على ذلك ولو أنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه لكان خيراً لهم ولما دعتهم ضمائرهم إلى هذا العمل ضد اخوانهم المسلمين ومن في ذمتهم ويزعمون أنهم سوف ينالون الشهادة وان هؤلاء الذين اعتدوا إذا كان حقاً مقصدهم الشهادة فلماذا يهربون ويختفون عن وجه العدالة ليبحثوا عن جريمة أخرى أي شهادة يريدون وهم يقتلون الشيوخ والنساء والأطفال أي شهادة يريدون وهم يسعون في الأرض فساداً قال تعالى في الآية (33) من سورة المائدة {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33)
ألا يعلم هؤلاء الآثمون أنه لا يوجد في كتاب الله ولا في الأحاديث الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم التي يتشدقون بها وهم يتقمصون ثياب الورع والزهد ألا يعلمون أنه لا يوجد بالقرآن والسنة ما يدل على أن مثل هذه الأعمال الممقوتة وفي جميع الأديان السماوية (أي قتل الإنسان الآمن وترويع الآمنين في منازلهم بغير حق) عدواناً وظلماً مهما كانت ديانته أو جنسيته إلا الذين يقاتلون المؤمنين ويحاولون ردهم عن دينهم فهؤلاء هم الذين يجب على المسلمين قتالهم وعدم التقاعس عنهم وهذا هو مجال الشهادة في سبيل الله قال الله تعالى {)وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) وليست الشهادة في هدم المنازل على الناس من أطفال ونساء وشيوخ ثم ماهي حجة هؤلاء أمام الله يوم القيامة ومن يجادل الله عنهم يوم القيامة أو مَنْ يكون عليهم وكيلا وماذا سيفعلون عندما يتخلى عنهم شيطانهم ويقول لهم مستهزئاً بهم وما كان لي عليكم سلطان إلا ان دعوتكم فاستجبتم لي انهم جهلوا أو تجاهلوا الآية رقم (92) في سورة النساء )وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:92)
من هذه الآية تبين ان الذمي في هذه الحالة مثله مثل المؤمن حتى في حالة الخطأ يتساويان في الحق ثم جاء في الآية التي بعدها وهي رقم (93) من نفس السورة {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
فهل هذه هي الشهادة التي كانوا يسعون إليها فأين قراءتهم للقرآن وتدبرهم لآياته ثم أين هم من طاعة الله ورسوله وأولي الأمر والله سبحانه وتعالى في الآية رقم (59) من سورة النساء يأمرهم {(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) } ثم قوله تعالى {أّلّمً تّرّ إلّى الذٌينّ يّزًعٍمٍونّ أّنَّهٍمً آمّنٍوا بٌمّا أٍنزٌلّ إلّيًكّ وّمّا أٍنزٌلّ مٌن قّبًلٌكّ يٍرٌيدٍونّ أّن يّتّحّاكّمٍوا إلّى الطَّاغٍوتٌ وّقّدً أٍمٌرٍوا أّن يّكًفٍرٍوا بٌهٌ وّيٍرٌيدٍ الشَّيًطّانٍ أّن يٍضٌلَّهٍمً ضّلالاْْ بّعٌيدْا} والمتدبر لهذه الآيات يلاحظ أن قتل الذمي تزيد عقوبته العدو والآيات التي تشدد على حماية البشرية بصفة عامة والمؤمنين والذميين وحماية أعراضهم وأموالهم كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله ولا يوجد في كتاب الله ولا في جميع شرائع الله التي أنزلها الله على أنبيائه ما يجيز استباحة دماء وأعراض وأموال الناس بغير حق قال صلى الله عليه وسلم: المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ان دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا.. في بلدكم هذا وقال صلى الله عليه وسلم لايحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه.. ولايملك تنفيذ ذلك إلا ولي الأمر ليس مطلقاً لجميع الناس أما الذين يسعون في الأرض فسادا ويبحثون عن أماكن وأناس آمنين ويهدمون عليهم منازلهم ويفسدون في أرضهم مثل هؤلاء الجبناء لذا اختاروا الأرض الطاهرة التي نشأوا وترعرعوا فوقها وتحت سمائها ونعموا بخيراتها فصاروا يتربصون بها وهم من الذين وصفهم الله في كتابه العزيز في الآية رقم (24) {)وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)
فقدموا أنفسهم فداء للشيطان وللأولياء الشياطين وغرر بهم الحاقدون وأعموا بصائرهم عن رؤية الحق وأصغوا بآذانهم لاستماع مزامير الشيطان وأبواق أعداء الله من غير المسلمين الذين تقمصوا الدين ونادوا باسمه وهم في أسلوبهم هذا بعيدون كل البعد عن الدين وأهله وجعلوا الأئمة وفقهاء الدين أعداء لهم فلم يجدوا ما يعبرون به عن حقدهم إلا باستعمال هذا الأسلوب أسلوب العاجزين عن الحجة فاشتروا الشر بالخير والنار بالجنة والمعصية بالطاعة والحرام بالحلال وباعوا مبادئهم العربية الأصيلة المعروفة بإكرام الضيف وحماية الجار واحترام الكبير ورحمة الصغير قال صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يحوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا وأوصى بحماية الجار قيل حتى ظننا أنه سيورثه أين الإسلام والإيمان والدين من هؤلاء ألا يعلمون ان المسلم إذا قتل نفسه فإن مصيره إلى النار؟
|