كان الحديث في الاسبوع الماضي عن الهدف من وراء الدعوة لاقامة منطقة تبادل تجاري حر بين الولايات المتحدة الامريكية ودول الشرق الاوسط والآثار الاقتصادية المتوقعة للتحالفات الاقتصادية غير المتكافئة على الدول الاضعف او الاقل نموا، والتي لن تكون في صالحها في كثير من الحالات، هذا مع افتراض عدم وجود استعداد مسبق لاستخدام هذه التحالفات لتحقيق اهداف معينة والوصول الى غايات تسعى اليها الدول الاقوى. ولذا فإن الاخذ في الاعتبار بجميع الاحتمالات الممكنة لما تحمله دعوى تحرير التجارة الشرق اوسطية يوجب التفكير في الاهداف الحقيقية الاقتصادية وغير الاقتصادية لعملية تحرير العراق.
وينطبق على هذا الوضع الحكمة التي مفادها ان الوصول الى نفس النتائج لا يستلزم بالضرورة استخدام نفس الوسائل في كل مرة فلكل حال ما يناسبها.
وتتعاظم الآثار السلبية لهذا التحالف عندما لا يقتصر تأثيره على الدول الداخلة فيه بل يمتد ليشمل الدول الاسلامية والنامية غير الاعضاء، اذ ان هذه التحالفات تؤدي الى تحول وجهة تيارات المبادلات التجارية لصالح الدول الاعضاء حتى ولو لم تكن المزود المناسب وبعيدا عن الدول غير الاعضاء حتى ولو كانت المزود المناسب للسلع والخدمات.
الامر الذي يتسبب اولا في احداث آثار سلبية على الروابط والاتفاقيات التجارية بين الدول الاسلامية واضعافها بشكل كبير. ويتسبب ثانيا في ارتفاع تكلفة الواردات بالنسبة للدول المستوردة وبخاصة الدول الاضعف في هذا التحالف مما يعني مزيدا من المشاكل الاقتصادية علاوة على هذا فإن التحالفات غير المتكافئة تؤدي الى تزايد درجة اعتماد وتبعية الدول الاضعف للدول الاقوى داخل التحالف.
وفي جميع الحالات، تشير الابحاث ذات العلاقة بدراسة جدوى اقامة تحالفات او اتفاقات تجارية او الدخول فيها الى انه لا يمكن اعتبار التبادل الحر الجزئي الذي يجمع بين تدابير التحرير الاقتصادي تجاه بلدان معينة وتدابير حمائية تجاه بلدان اخرى تشكل مصدر شراكة حقيقية بناء على اعتبارات اقتصادية واقليمية وقومية ودينية افضل سياسة يمكن الاخذ بها. وتتوقع هذه الابحاث ان تحل التحالفات الاقتصادية في المستقبل محل تكتلات الدفاع المشترك، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، وان تقوم بنفس مهامها ووظائفها.
ومما لاشك فيه ان التحالفات التجارية الاكثر فائدة والاكثر منطقية هي تلك التي تتم بين دول متجانسة من حيث هياكلها الانتاجية ومستويات دخولها وتحمل قدرا من التباين الذي يساعد على تحقيق الاستخدام الامثل للموارد الاقتصادية المتاحة لكل منها. ويشمل شرط التجانس تشابه الانظمة والقوانين والقيم.
قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود
|