تزايد حوادث القتل وسقوط الطائرات المروحية الأمريكية في العراق واستمرار المظاهرات الرافضة للاحتلال الأمريكي لهذه البلاد ينذر الأمريكيين والبريطانيين بأن صيفا ساخنا ينتظرهم في العراق.
الأمريكيون والبريطانيون انجزوا شيئا مهما للعراقيين وهو تخليصهم من نظام دكتاتوري دموي استبدادي، إلا أن المحتلين «المحررين» لم يحسنوا التعامل مع بعد مرحلة التحرير والحرب التي انتهت بعد اسقاط النظام السابق، فأضافوا الى أعدائهم ومعارضيهم أعداء ومعارضين جددا، فمع كل اجراء خاطئ لقوات الاحتلال تنظم جماعة معارضة أخرى، ولعل أكبر الأخطاء التي ارتكبها بول بريمر الحاكم الاداري الأمريكي للعراق هو حل الجيش العراقي دون أي مقدمات مما أدى الى تشريد أربعمائة ألف عراقي يعولون أربعمائة ألف أسرة عراقية، وإذا عرفنا ان العراقيين مثلهم مثل باقي العرب أسرهم كبيرة، وأن معدل ما يعوله الرجل العسكري العراقي من خمسة الى عشرة أشخاص فمعنى هذا أن قرابة الأربعة ملايين انسان أصبحوا بلا مورد مالي يكفل العيش بالحد الأدنى، وإذا أضفنا الى هذه الملايين، ملايين أخرى بعد تسريح موظفي وزارتي الاعلام والداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات تكون الحصيلة ملايين كثيرة تنضم إلى الملايين الأخرى من العاطلين عن العمل والمشردين الذين جميعهم مؤهلون وجاهزون للانضمام الى المعارضة التي إن لم تجد وسيلة لاطعام من يعولونهم فإنهم سيتجهون للسلاح المتوفر أكثر من الغذاء في العراق لإسكات الجوع الذي يضغط على بطون أسرهم.
والذي تابع ما تنقله شاشات التلفاز ويسمع ما يقوله العراقيون وخاصة الرجال المطرودين من الخدمة، وأنهم سيلجئون الى السلاح للحصول على مرتباتهم يعرف أن الجوع لا يرحم، وأنهم فعلا سيلجئون الى السلاح.. سواء للحصول على الغذاء بأساليب النهب.. أو قتل الجنود الأمريكيين الذين يعتبرونهم سبب حرمانهم من رزقهم ورزق عيالهم.
وهكذا أصبح المحرِّر عدواً بفضل الاجراءات الخاطئة التي أقدم عليها الحاكم الاداري الأمريكي الذي لم يكتف باجراء التجارب الفاشلة لادارة وحكم بلد عريق وغني كالعراق، بل يعمل على تجويع أهله وتحويلهم أعداء.. وأعداء شرسين ويحسنون القتال في بلد في كل بقعة فيه قطعة سلاح.. بل وسلاح خطير.. وثقيل.
|