أما الإغاثة العاجلة الثانية، فهي تلك التي يرفعها بين وقت وآخر، أصحاب شركات سيارات الأجرة العامة، فهؤلاء الناس لديهم قدرة عجيبة، على الالتفاف على أي قرار، وبقدرة واحد أحد، يفاجأ الجميع، بأنهم في كل مرة ينجحون، في ما سعوا إليه، وكله في النهاية لصالحهم، ولصالحهم وحدهم، وقد بدأ أمر وزارة المواصلات مع هذه الشركات، بإصدار قرار يتم بموجبه تغيير سيارات الأجرة العامة كل ثلاث سنوات، ثم أصبح كل خمس سنوات، ثم أصبحت المدة مفتوحة، حتى تحولت السيارات إلى هياكل، تنشر الملوثات في كل مكان، إضافة الى ما يصيب راكبها، من أذى المقاعد، والروائح العفنة، حتى المكيفات التي كانت تفتح أو أنها مفتوحة في كل آن، أصبح بعض سائقي سيارات الأجرة لا يحرصون عليها، فإن طلبها الزبون فتحت، وإن لم يطلبها يكن أفضل.. لماذا تتدهور حال هذه السيارات؟ السبب بسيط هو أن من يقود السيارة، عليه إصلاحها، وتأمين الوقود لها، ولذلك فإن هذا السائق المطالب فوق ذلك كله بمبلغ مقطوع كل يوم يقوم بالأشياء الضرورية، أما النظافة والسمكرة والتوضيب فهذه أمور، من الممكن أن تسير السيارة بدونها، وإذا اعترضت وزارة المواصلات، فإن مجموعة ضغط شركات الأجرة العامة، جاهزة بالمقابلات الصحفية والإعلانات التي تنشر في العديد من الصحف وعلى صفحة كاملة لكل إعلان وبالألوان، لإثناء من أصدر قراراً في غير صالحهم، أن يرجع عن قراره!
لقد نشر أصحاب شركات الأجرة العامة، إعلاناً ملوناً على صفحة كاملة، كلفته قد تصل إلى (50) ألف ريال، يشتكون في هذا الإعلان من كثرة الديون، وعدم القدرة على سدادها أو الالتزام بسدادها في أوقاتها، وهم يطالبون في هذا الإعلان بأن يتركوا في حالهم حتى 30/12/1425هـ دون قيود حتى يتمكنوا من سداد ديونهم والوفاء بكافة التزاماتهم المالية لدى شركات التقسيط والبنوك حتى يخرجوا من السوق بأقل الخسائر»!! ويضيفون في هذا الإعلان ترحيبهم بالسائق السعودي لإيمانهم التام بأن المواطن هو القادر على معاونتهم على إدارة شؤون هذا القطاع الحيوي متى توفر ذلك، والذي تعذر عليهم إيجاده حتى عن طريق مكاتب العمل، ولم نلجأ لهذا النداء إلا بعد أن فقدنا الأمل في أن يتوفر لنا السائق السعودي، فكيف نطبق قرار السعودة؟ وعلامة الاستفهام الأخيرة من عندهم، وليس من عندي، لأنني أعرف أن أكثر من 90% من أصحاب شركات الأجرة العاملة، يتاجرون حتى في بيع وشراء «النمل»، وهم غالبا يملكون مكتبا واحدا لإدارة عمالة متعددة الأعمال والاختصاصات قد تصل إلى خمسة آلاف عامل للشخص الواحد، وأغلب هؤلاء وبالذات أصحاب الأجرة العامة، يأخذون مبلغاً محددا من السائق، إذا لم يقدمه اليوم، فإنه ملزم بتقديمه في اليوم التالي، مع تكفل السائق بالصيانة والمخالفات، فأين الخسارة إذاً، إنني أعرف أكثر من واحد، يملكون سيارات أجرة عامة وأجرة خاصة ومعها العديد من الشركات والمحلات والورش، هؤلاء في الواقع يحققون مبالغ جيدة، وبعض هؤلاء يؤجرون سيارات وباصات وحتى شيولات، فأين الخسائر، ثم إذا كانت خسائرهم بهذه الدرجة، لماذا يضحون بعشرات الآلاف من أجل إعلانات مدفوعة الأجر، وهم يعرفون أنها قد لا تؤثر على المسؤول الذي لم يصدر قراره، إلا بعد دراسة متأنية، راعت حاجة أبناء البلد لمزيد من فرص العمل.
إنني أسأل أصحاب الملايين، ملاك شركات الأجرة العامة لماذا لا يتضامنون فيما بينهم ويفتحون معهداً متخصصا، لإلحاق الشباب من حملة الثانوية أو الإعدادية، لتعلم قيادة سيارات الأجرة بطريقة حضارية، مع تقديم معلومات حديثة، عن الشوارع والأحياء وطرق الصيانة والسلامة العامة، ثم يعطى هذا الشاب سيارة جديدة، مع إلزامه بدفع مبلغ أو إيراد يومي مثلما يفعل (الهنود والبنجلاديشيون وبعض العرب) العاملون لديهم ما دامت العملية هكذا.. أو يصدر قرار كما هو معمول به في الإمارات باستخدام إلزامي للعداد مع ترك التسعيرة لآليات السوق، وأن يعطى السائق بدلا من الراتب نسبة 25% أو 30% من الدخل الذي يسجله يوميا، مع التزام الشركة بالصيانة والوقود، وأي راكب يكتشفه المراقبون من الشركة يعتبر مشواره مجانا!
أصلحوا سياراتكم وحدثوها ووطنوا وظائفها، حتى نحبكم ونحترمكم ونرفعكم فوق رؤوسنا، بدون الإعلانات المدفوعة والوسائل المختلفة التي تتبعونها للتأثير على أصحاب القرار.. فهؤلاء مواطنون يتألمون من حجم البطالة ومن تقاعسكم عن الإسهام في حلها!
فاكس: 4533173
|