امتطيت صهوة قلمي لاستشراف انوار ما كتبته الاخت فاتن الحربي في عدد الجزيرة «11186» ليوم الخميس 14/3/1424هـ حول تعقيبها على موضوعي «الى عشاق الحرف والكلمة.. متى يتجدد الدم الازرق في عروقكم؟» في عدد الجزيرة «11157» ليوم 14/2/1424هـ.. وبعد سبر اغوار هذه الاسطر الرائعة صحا قلمي من غفوته على حقائق واحاسيس تجرعت مرارتها منذ كان قلمي في سن المهد بعد.. وقبل ان اسله من غمده.. لقد تحدثت الاخت بشفافية تامة.. وبجرأة ادبية وعلى غير عادتها جاءت احرفها هذه المرة.. تحاكي شعورها وآلامها.. وها هي تبدع في وصف آلامها.. وتحكي مخاض حروفها - وتصور قراءتها لاعين من حولها واثرهم على نتاجها. لا ادري بعدما قرأته من نبضها!! لا ادري اذا كانت احرفها قد أُجهضت!؟ ولكن الاخت فاتن ضربت على وتر الحس عندي وعند الكثير من الكتَّاب.. بما اظنه واقع الحال لا محال.
* ان ما كتبته الاخت يستحق ان اسطر في في كل عبارة من عباراتها وقفات.. ووقفات ذلك انها تحدثت عن همومنا.. وتجلت احرفها وسباق عباراتها مدعومة بحضور شعري رصين.. هذا قلمي يشكر الاخت على اطرائها وثنائها وان كنت لا استحق كل هذا الثناء ولست اكتب من قبيل رد الدين بالثناء.. ولكنها الحقيقة فعبارات الاخت اجبرتني ان اسطر واجزم بأنها عبارات نازفة وكأني بقلمها ينزف دماً.. مما تحسه وتعانيه في رحلتها مع الكتابة.. ولانه ليس احساسها فحسب بل احساس الكثيرين لذا سطرت وكتبت فبقدر ما اؤيد الاخت على عرضها الرائع لاسباب اغفالنا عشقنا.. «الحبر والورقة والقلم» بقدر ما اشيد بهذا الطرح الرائع.. وسبك اسلوب اجاد في عرض الواقع!!
* لقد اجادت الاخت فاتن في عرض قضية انعدام التشجيع لما يسطره اليراع!! ولا اخفيكم انني عشت زماناً التوتر جله حتى فقدت الادلَّة.. والتي تثبت للآخرين صدق نبضي.. ومن قلمي!! ذلك اني اصطدمت بمثل ما اصطدمت به الاخت في بداية خطواتي في الكتابة والنشر.
حتى صرت في صراع مع نفسي وكيف اثبت للآخرين بأن ما اكتبه هو من بنات افكاري.. الى درجة ان استغرقت في النرجسية والذاتية والحديث عن الذات لادعم موقفي وحقي المسلوب!! ولاكتب واكتب واستشرف اصوات القراء..حول ما اكتبه من آراء كل ذلك لاثبت للآخرين بأن ما اكتبه لم يكن ليتدخل فيه فكر او تسطره يراع دخيلة!! وليبقى مبدأ التشجيع.. هو الدافع.. لفرض الثقة في النفس.. والتي قد تكون تولدت في نفس الكاتب الا انها تزعزعت وتناثرت اشلاءً حول شكوك الآخرين من قراء نبضي!!
* نعم اردد وكما سطرت يراع الاخت «نريد ان نلمس انتاجنا في غير عائلاتنا» ولكن لا اخفيكم بأني ولله الحمد تجاوزت هذه العقبة واسترددت ثقتي بنفسي.. فعمر قلمي النابض بحرف الجزيرة خمسة عشر عاماً.. ولد ونُكئ.. بجروح اثر ظروف قاهرة - وآراء قاصرة!!
كنت ادرك ان البدايات مهما كانت متعثرة في البداية الا انها ستأتي قوية وحاسمة في النهاية.. احبتي نريد ان نقرأ نتاج نبضنا في عيونكم حباً ونقداًَ هادفاً!!
* نحن في «العزيزة» نعشق فجر المسافات الثائرة وصهيل احلام المواهب الواعد.. واللحظات الصادقة!! نحن ككتاب نستجدي خطوات ثابتة فاعلة.. ولا نستطيب البوابات الباردة.. المحطمة النافذة الى عقولنا بشكوك «الابداع الهامشي».
* انني لم اشأ الحديث عن ذاتي لانها ليست القضية لكن القضية.. هي ذلك الانطباع المتسرع لدى بعض القراء.. كما وصفتهم الاخت فاتن «بالعامة» من الناس ويتجلى هذا الانطباع لديهم من اول قراءة لهم لنبضنا وبلا استيعاب الامر الذي يغمط هذه الذات ويثيرها لاثبات هذه الذات المسلوبة الحقوق الفكرية!! وليُجِزْ العقل لها حقُّ الدفاعية في عرض افكارها او تحديد مساراتها الحسِّية.. والتي تمنح لنا ككتاب حتمية الانتماء او الهوية!! وسبق ان قلت ان الكاتب كالطائر بلا جناح.. وله ان ينثر من الآراء والافكار ما اقتضاه الحال.. ومن ذات تعي طبيعة هذه الحال وليأت احد القراء ليتجوَّل في «جزيرتنا» وفي حديقة احرفنا وكلماتنا.. ويتحسس نبضنا المطروح بتلقائية الطموح!! وباندفاعية تلك النظرة الاولى.. راح في متابعة مسالك لا تنتمي لجوهر ما نكتب وما يناقش كمظهر ايجابي.. ولينتهك عذرية بوحنا الصادق وطرحنا الهادئ وفضاءاتنا الحالمة بالود والمحبة والمحفوفة بهدف صدق الطرح الاجتماعي وليقتطع الحديث ومن كلمة.. واحدة او من عبارة واحدة.. قد خانت كاتبها سياقاً ومن عجز في التعبير عند الكاتب وليعاكس هذا القارئ بها رياحنا!!
وما اكثرها.. وقوعاً وبعفوية تامة.. وراح يجزم ان ليس حقنا ككتَّاب ان نتغنى ونتحدث بما نشاء حتى لو كان من باب وجهات النظر.. واعتدى على احقيتنا في عرض آرائنا..
* اي اخية: كلنا يردد ويمتضغ الالم والحلم معاً.. وكم من احلام وئدت وهي لا زالت في سن المهد بعد!! فما اسوأ ان يسيء فهمك الآخرون!!
* المشكلة يا اخية ان ليس الجميع ينهل من دور المعرفة واروقة البيان.. حتى يتوسموا فيما نكتب وتكتبين الصواب ومصداقية الانتاجية.. بل لانها لم توافق ميولهم واهواءهم.. ولانهم ليسوا من ارباب الحرف والكلمة وعليه يجب ان نكون مستعدين لان ندفع ثمن هذا التهميش لما نكتب!! على صفحات بيضاء بريئة من تراكمات آلام واحزان ولدتها آراء واشجان متضاربة!! وعلى نسق «كيفما تكونوا يولَّ عليكم» اقول «كيفما تكونوا يُردُّ عليكم!!».
* اختي: قد يقول قائل ليس من الواجب ان اقرأ للآخرين.. وان فُرِضَتْ علينا هذه القراءة فهي من قبيل العاطفة المتوثبة والمجاملة العابرة من قبل غالبية الناس لكن العقلانية المنشودة هو ان نفهم ما يدور!! وما الذي ينبغي ان نفهمه!! وما الذي يود قوله الكتاب.. وهذه العقلانية المنشودة اظنها تتجاوز حدود المجاملة او السطحية الى احترام رأي الكاتب او القارئ.
وهنا اقولها بحق ومن منبر العزيزة: لتكن احرفنا صادقة كل الصدق فيما نود ان ننقله ونبينه للآخرين مستشعرين امانة الكلمة مدعومة باحترام عقلية القارئ حتى لا نصادم بمثل هؤلاء!! وبعدها لينقل الآخرون عنك وعنا ما يشاؤون!!
فلست وحدك المسؤولة عن نتيجة طرح امر ما فيما يطرح هذه الايام عبر اروقة الصحافة وبالذات عبر دائرة قضايانا الاجتماعية.. والتي لا يمكن ان نجزم بأنها من المسلمات..بل هي مد وجزر بين آراء القراء.. تتجاذبها وجهات نظر صائبة وخاطئة!!
لذا توقعي ان يُصادم رأيك الآخرون.. ذلك اننا في عصر تزاحمت فيه الاتصالات وتفتح الكثير حول قضايا اضحت لهم فيها آراء.. وآراء.. ولا عجب ان تُفاجئي بمن يضع «نقاط البلاهة على الحروف الساكنة» والتي عندها تسكن عقول!! وازاء هذا السكون تتنفس الصعداء عقول اخرى سلمت من هذا العبث النثري!!
* وختاماً نريد ركض حرفكِ كما كان!! وكما هو الآن في صحوة نبض قلمك!!
ولا نريد لكِ ولا لكتاب العزيزة - الاوفياء - ان تنحسر ابداعاتهم في بوتقة «مهمشي الحرف والكلمة ومحطمو الابداع».. هؤلاء الذين فقدوا هوياتهم.. فقمة منانا ان يجدوا هوياتهم المفقودة وعلى من يعثر على هوياتهم ايداعها الى اقرب مكتبة عامة!!
وختاماً اقول للاخت فاتن: كما كانت بدايتك حُلُم مُشْمِسْ.. نريد النهاية ان تكون حصاداً أخضر وحنيناً أجمل على صفحات العزيزة الغراء.. واياك ان تتأثري بهتافات الموتورين الهامشيين!!
دمتم في حفظ الله ورعايته
أ. سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي
معلم بمتوسطة صقلية - المذنب
|