قبل طرح خريطة الطريق على الفلسطينيين والإسرائيليين راجت وعلى نطاق واسع أنباء عن ضغوطات يقوم بها المئات من أعضاء مجلس النواب والشيوخ في واشنطن على حكومة بوش لإثنائه عن ممارسة أي ضغوط على إسرائيل لحملها على القبول بخطة الطريق، وانقضت بعد ذلك أيام عدة وإسرائيل لا تقبل بالخطة..
وعندما قال الرئيس الأمريكي أول أمس إن واشنطن تتفهم مخاوف إسرائيل تجاه الخطة أعلنت إسرائيل أن تقبلها استناداً إلى التصريحات الأمريكية حول أخذ المخاوف الإسرائيلية بعين الاعتبار.
وفي ذات الوقت ظهرت تفسيرات أمريكية متناقضة حول المخاوف الاسرائيلية إذ بينما يقول بوش إنه سيتم تفهم تلك المخاوف فإن وزير خارجيته كولن باول قال انه لن يتم إجراء أي تعديل على الخريطة وهذا أمر يتفق مع الموقف الفلسطيني الذي قبل هذه المبادرة وتمسك بعدم تغييرها.
ولا يعرف كيف ستتفهم واشنطن المخاوف الإسرائيلية دون تغيير في الخارطة.
وبالنسبة لما يسمى بالمخاوف الاسرائيلية فهي تكرار للمواقف المناهضة للسلام حيث إن إسرائيل تعترض على الخريطة لانها لم تنص صراحة على حرمان أكثر من خمسة ملايين لاجئ من حق العودة إلى بلادهم فلسطين على الرغم من القرار الدولي الذي يتيح لهم هذا الحق.
ويتعلق جانب من تلك «المخاوف» بما تنص عليه الخارطة بضرورة التنفيذ المتوازي والمتزامن للالتزامات حيث يتمسك شارون بتنفيذ الالتزامات الفلسطينية أولا ثم يعقبها تنفيذ الجزء الخاص بإسرائيل..
وبصفة عامة فإن المتطرفين في حكومة شارون وعلى رأسهم هو ذاته لا يستسيغون الركن الأساسي في الخطة وهو قيام دولة فلسطينية بحلول عام 2005م كما لا يحبذون أي اشارة إلى وقف بناء المستوطنات.
وبالنظر للانحياز الأمريكي التقليدي لإسرائيل فإن من الواضح أن كلّ تلك النقاط الاسرائيلية ستتلقى التفهم المطلوب من قبل واشنطن حيث إن بوش نفسه لم يخفِ أن إدارته ستعمل على ذلك. وعندما يحدث ذلك فإن هذه الخريطة تكون قد دخلت إلى طور الايهام والضياع ولن يستطيع أحد تبين أي أثر للطريق الذي كان يفترض أن تؤدي إليه.
ومع ذلك فإن المراقبين يلاحظون أن الرئيس الأمريكي ذاته قرر النزول الى ساحة العمل الفعلي لتوفير فرص النجاح لهذه الخريطة، غير أن التعويل على ذلك سيكون صائباً فقط إذا مارست واشنطن عملها دون انحياز لاسرائيل وهذا أمر مستبعد ولم توجد له سوابق في الماضي وليس هناك ما يحمل على الرهان على سابقة جديدة.
|