تنشر بين فترة وأخرى نسب البطالة لدينا في المملكة وهي متقلبة التقدير حتى تم حسمها مؤخراً من قبل مصلحة الاحصاءات العامة والتي قدرتها بنسبة 8% من الجنسين وكانت في السابق تنشر بنسب عالية جدا ولا تستند لأي دراسات رسمية أو بيانات في هذا الخصوص، وتعتبر هذه النسبة المعلنة الرسمية عالية نسبة إلى عدد السكان في المملكة أو بمعنى أدق لحجم القوى العاملة لدينا، وقد يستغرب الكثير عن المبررات التي تظهر في اقتصادنا الوطني هذا الحجم الكبير من البطالة برغم وجود ما بين 6 إلى 7 ملايين أجنبي يعملون في سوق العمل لدينا، فما هذا التناقض بين بطالة مرتفعة وتتزايد سنويا في ظل هذا الحجم من العمالة في مختلف مستوياتهم المهنية من أدنى المهارات الى أعلى الدرجات المهنية والتخصص.
خلال الأسبوع الماضي أعلن الحرس الوطني في القطاع الغربي عن توفر وظائف برتبة جندي وكانت الحاجة فقط لعدد 900 متقدم فقط، ولكن ماذا حدث حين التقديم للتسجيل كما ذكرت احدى صحفنا المحلية ومزودة بالصورة الكاملة لها، الذي حصل ان تقدم لهذه الوظائف المحدودة الآلاف لها ولم تحدد الصحيفة كم عدد هذه الآلاف ولكن يتضح من الصورة وبشكل واضح ان المتقدمي يفوقون العدد المطلوب بمراحل كبيرة، حتى أن أحد المتقدمين وهم جامعيون شكا من طريقة التقديم والعدد الكبير جدا حتى انه تم استدعاء الشرطة للتنظيم وانه حضر من الليلة السابقة!! للتقديم على الوظيفة ولكن لم يحظ بنصيبه في التقديم حتى ان البعض قدم من مدن ومناطق بعيدة، وتم اقفال التقديم من أول يوم تم تسلم الطلبات فيه وقد رد الكثير من المتقدمين بعدم قبول ملفاتهم للاكتفاء بمن تقدم.
هذه الحالة التي من الممكن ان تحدث في أي قطاع آخر سواء كان عسكريا أو مدنيا من وزارات أخرى أصبحت شيئا ملموسا وواضحٍ بلا أدنى شك وهو أن المتقدمين للوظائف يفوقون العدد المطلوب بأعداد مضاعفة ولاشك، وهذا من جانب الرجل ولكن ماذا عن المرأة التي تعتبر أقل فرص وظيفيا من الرجل في كل القطاعات الأخرى عدا التعليم الذي من السهولة التقدم له وهي مسألة وقت ومكان للقبول في الوظيفة، وبعض القطاعات الصحية والجمعيات المحدودة وغيرها لا يوجد شيء حتى اننا نجد حين تُطرح أي فرص عمل للمرأة نجد أعداداً هائلة تتقدم للوظيفة ولكن القليل جداً من يحظى بهذه الفرصة لمحدودية الفرص وعدم توفر وظائف بقطاعات أخرى.
وقد بدأت الدولة بمعالجة هذا الاشكال في تكدس الكثير من الرجال أو النساء بعدم توفر فرص العمل من خلال السعودة للوظائف بكل القطاعات سواء الحكومية أو القطاع الخاص خصوصا ووضعت برنامجا لذلك ومدة زمنية لتحقيقه وبرغم البطء وعدم تعاون بعض القطاعات في القطاع الخاص إلا ان هناك إصرارا حكوميا وإجراءات لتطبيق السعودة، وأيضا معالجة مخرجات التعليم التي تخرج سنويا أعدادا كبيرة من الخريجين دون حاجة القطاع الخاص الذي أصبح يبحث عن التقنية واللغة وغيرها من متطلبات العصر الحديث وليس كما في السابق وهناك دعم حكومي كبير يتم من خلال صندوق الموارد البشرية الذي يدعم الشباب والقطاع الخاص في التوظيف وهو يحقق نجاحات مستمرة وملموسة.
اللافت للنظر والذي يثير الاستغراب مؤخراً من خلال ما يطرح في الصحف وبعض وسائل الاعلام ان توضع البطالة هي أحد الاسباب المسؤولة عن الارهاب أو أحد أسباب نمو ظاهرة الارهاب سواء على مستوى العالم أو لدينا، ولن استرسل بشرح عن الارهاب وما هي دوافعه ومسبباته وهو خارج موضوعنا هنا، ولكن أن يقال ان البطالة تساهم في نمو أو تزايد الارهاب فهو قول مبالغ فيه وغير صحيح برأيي، ولسبب واضح جدا فالبطالة موجودة في الولايات المتحدة الاقتصاد الأول في العالم وموجودة في اليابان بنسب نمو عالية مستمرة وموجودة في كل الدول الاوروبية دون استثناء أو ما يسمى العالم، الصناعي ككل، وأيضاً موجودة في الصين والهند الاقل نمواً وكل دول العالم، فلماذا التركيز هنا ان البطالة ساهمت بنمو الارهاب الدولي أو المحلي فالبطالة والركود الاقتصادي وجهان لعملة واحدة فما الجديد وهي علاقة طردية بينهما؟ إذاً لا يوجد مبرر واضح للتركيز على ربط البطالة بالارهاب، والاسباب الحقيقية لهذا الارهاب أتركها لمن هو مختص بهذا النقاش السياسي وهي ذات أبعاد فكرية وأطماع سياسية لا غير في النهاية.
|