ترتيب البيت العراقي

يفيد العراق كثيراً أن يحصل على الحكومة التي تتناغم مع طموحات وآمال شعبه وتمثل مختلف فئاته وجماعاته العرقية والدينية وتعمل على تلبية الأولويات والا فإن قيام نظام بمواصفات غير عراقية وغير متوائمة مع التطلعات الوطنية سيعيد الى الأذهان مجدداً تجربة صدام التي استمرت طوال عقود لكنها لم تستطع الصمود لمدة أيام أمام جحافل الجيوش الاجنبية فسقطت بمباركة ابناء الشعب العراقي الذين كتموا طوال كل تلك العقود رفضهم لها.
ومع الترحيب الواضح من قبل الشعب العراقي بالمساعدة الأمريكية الإ أن هذا الشعب سيكون ممتناً لواشنطن إذ إنها أسهمت في الترتيبات التي ستساعده في اختيار حكومته التي يرتضيها والتي يرى أنها ملبية لطموحاته لا طموحات هذه العاصمة أو تلك..
ويتطلب الامر لحين الوصول الى اختيار الحكومة المنتظرة انقضاء فترة من الوقت ستشكل في حدّ ذاتها اختباراً للثقة بين القوى العسكرية الموجودة في العراق والشعب العراقي..
فقد عكست تجربة إسقاط تمثال صدام حسين أول أمس في العراق جانباً مما يمكن ان يشكل عدم الثقة عندما رفع جندي أمريكي علماً أمريكياً فوق التمثال ثم سحبه سريعاً ليضع العلم العراقي مكانه.. وبين الخطوتين ارتفعت مخاوف من شبح الاحتلال وهكذا فإن أي بادرة للإخلال بسيادة العراق أو القفز على ثوابته ومكتسباته ووحدته الوطنية المتمثلة في علمه قد تشكل إخفاقاً في جهود التهدئة وتعمق حالة الشك من قبل العراقيين تجاه هذه القوات الأجنبية ومطامعها ومراميها.
وبينما يتم القضاء بشكل منتظم ومتواصل على مظاهر سلطة صدام حسين بكل ما يعنيه ذلك من استخدام للقوة فإنه مطلوب كثير من الحذر من التجاوزات التي قد تصاحب العمليات العسكرية من جهة تفادي الاستفزازات.
كما يبقى من المهم أن يتم الحفاظ على المنشآت الاقتصادية وغيرها من مكتسبات الشعب العراقي من الذين انتهزوا غياب السلطة ليعيثوا فساداً ويسرقوا وينهبوا ويخربوا.
وفي كل الاحوال فإن العراقيين هم الاقدر على إدارة شؤونهم بما في ذلك حفظ الأمن والنظام، ولهذا فإن الترتيبات لإقامة سلطة عراقية ينبغي ان تحظى بالأولوية، فالعراق غني بأبنائه الذين يحوزون من الخبرات والدراية والوطنية ما يؤهلهم لإدارة بلدهم بكل الكفاءة اللازمة.