Thursday 27th march,2003 11137العدد الخميس 24 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بشاعة الحرب بشاعة الحرب
جيري لانسون ( * )

الموت والمآسي والآلام هي الصور التي تأتي بها الحرب، لهذا السبب أشك في محاولات الجيش الامريكي إثناء الإعلام عن عرض أي من هذه الاشياء اثناء استمرار الغزو على العراق.
السبب واضح، فمن ينسى صورة الطفلة التي كانت تركض شبه عارية في شوارع فيتنام وجسدها مشتعل بعد اصابتها بقذائف النابالم المحرمة التي كان يلقيها جنودنا هناك على المدنيين الفيتناميين! أي صورة ابلغ في تعبيرها الوصفي من صورة تلك الفتاة التي تجثو كئيبة على جثمان أحد المحتجين الذي قتل بيد الحرس الوطني الامريكي في فيتنام! وبالمقابل كم كان مؤلما مشاهدة صورة جثة الجندي الامريكي التي كان يتم سحبها في شوارع مقديشو ابان التدخل الامريكي قصير الاجل في الصومال؟
مثل هذه الصور هي التي تشرح معنى الحرب، فإن كان القصف على بغداد يظهر وكأنه اطلاق العاب نارية خلال الاحتفال باليوم الوطني لدينا، فالامريكان هم الاكثر شعورا بعدم الارتياح بعد انتقال شعور«الصدمة والرعب» الرهيب بين صفوف الجيش الامريكي كما رأيناه على الجندي الأمريكي الأسير.
ربما هذا جزء من ردة فعل القيادة الأمريكية الوسطى بيوم الأحد المروع الذي أطلقت فيه شبكة الجزيرة التلفزيونية صور للأسرى والجرحى الأمريكيين ليعلن الرئيس «بوش»ان هذا يعتبر سوء معاملة للأسرى الأمر الذي يعد انتهاكاً لمعاهدة «جينيف» لأسرى الحرب، ولم يتطرق الرئيس الى ما عرضه التلفزيون الامريكي من صور لوجوه اسرى عراقيين، وعلى العكس فقد طالب المحتجين في العاصمة واشنطن هيئة الاذاعة البريطانية ان تقوم ببث مثل هذه الصور«المفجعة» مرارا وتكرارا. وبدون شك، هناك اعتبارات اخلاقية ضرورية يجب مراعاتها من قبل وسائل الاعلام قبل ان تقوم ببث مثل الصور التي عرضتها قناة الجزيرة، فهؤلاء الجنود لديهم عائلات، لا يعرفون عند بث الخبر العاجل ان كان ابناؤهم قد القي القبض عليهم او تم قتلهم، كما ان اعتبارات الخصوصية والكرامة ينبغي ان تؤخذ في الحسبان عند اتخاذ اي قرار بعرض صورة شخص ميت وعلى وجه الخصوص من يمكن التعرف على هويتهم.
وعلى الرغم من قوة جوانب الخصوصية، فهناك جانب اخلاقي آخر، يجادل في ان شبكات التلفزيون ومواقع الانترنت والصحف التي اختارت عدم بث صور الجزيرة قد ينظر اليها على انها لا تلبي احتياجات مشاهديها، الحرب هي شيء فظيع ولايحتمل وها نحن نرى ذلك مرارا عند احتدامها ونقوم بتكرار الخطأ بسعينا المستمر لتكون الحرب هي الاداة في حل النزاعات، علاوة على ذلك فالمسؤولية الاعلامية النزيهة تتطلب عرض الاحداث بصورة صادقة فبعد ان واجهت (CBS) الامة بتلك المشاهد لم تعرض أي من الشبكات الامريكية شيئا الى ان قامت (NBC) بعرض موجز بعد صمت طويل استمر اكثر من يوم، وظل الوقت في انتظار ردة فعل العائلات، وفي نفس الوقت نجد ان صور وتقرير قناة الجزيرة الموجز الذي تضمن جثث وأسرى القوات الامريكية المرعوبين قد تمت مشاهدته في جميع انحاء العالم، فان كان العالم اجمع قد شاهد هذه الصور اليس حريا بالامريكان مشاهدتها بشكل مكتمل وصحيح، فان كان صدام حسين لايعير الأسرى اهتماما ويعاملهم بسوء، الا يحق للشعب الامريكي معرفة نوعية ذلك الرجل؟
نجد حاليا ان الاعلاميين المرافقين للجيش الامريكي في حرب الخليج الاولى بحوزتهم صور تفصيلية تفوق في بشاعتها العاب الفيديو الخيالية، فمن المهم جدا للشعب الامريكي استذكار هذه المشاهد وخاصة تلك الصور التي اصبحت قاصرة على الاستخدام العسكري، اضافة الى جميع الصور التي تتعلق بما تقوم به القوات الامريكية.
لنأمل ان يكون هناك هامش اوسع من المرونة في تغطيات وسائل الاعلام الامريكية للحرب الحالية يختلف عما حدث خلال حرب الخليج لعام 1991م، والى ان يتم ذلك ستظل صور الحروب دائما هي ابشع الصور.

( * ) رئيس قسم الصحافة بكلية «اميرسون» في ولاية بوسطن خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب «الجزيرة»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved