Thursday 27th march,2003 11137العدد الخميس 24 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في هول تبعات التهويل..!
د. فارس محمد الغزي

«الهوال» في القاموس اللغوي الشعبي يشير إلى مبالغة الأفراد الأسوياء في ادعاء المرض، ولهذا سمي هؤلاء «المتهيولون».. جمع متهيول اشتقاقا - كما اعتقد - من التهويل والمبالغة في توصيف واقع الحال الصحي وتصويره - وهما - على نحو مأساوي وخطير. هذا وتكمن خطورة «الهوال» في ان الفرد قد يصدق مع التكرار اوهامه حيث ان الايحاء الذاتي الملح - الى وعلى الذات - يجعلها مع التكرار عرضة لأن تصدق ما يزجيه عقل صاحبها المتهيول، بمعنى ان مدعي المرض - غير المريض اصلا - قد يأنس بهذا الادعاء ويعتاد عليه الى درجة زرعه لبذور القناعة في مخه ليقنع جسده وهنا يتحقق الاسوأ حيث يمرض هذا الانسان بحق وحقيق واستحقاق.. هذا ومن دلائل صحة هذه الفرضية حقيقة اضطرار العلماء الى اختراع عقاقير زائفة مصنوعة في الغالب من السكر وذلك لمنحها الى من يهول حقيقة واقعه الصحي ويبالغ فيه وتعرف هذه العقاقير طبيا باسم «بلاسيبو».
وبالتأكيد فلكل منا تجربة خاصة مع هذه النوعية المتهيولة، وهذا ما ألجأني في الحقيقة الى محاولة البحث الجاد عما يفسر ذلك علميا، ومما اعتقد انني - بعد جهد جهيد - قد عثرت على ضالتي او مطيتي التي ستقلني - لتنقلني - الى عالم اسباب وبواعث ذلك. وبالرغم من تعدد التفسيرات فقد اخترت لكم منها ما اعتقد انه الاقرب الى الصحة ويتمثل ذلك بنظرية قديمة - ومع ذلك جد مناسبة - تعرف بنظرية «القصور العضوي» لعالم جمع في آن بين تخصصات الطب والاجتماع والنفس اسمه «ادلر». فقد رأى هذا العالم ان الانسان يولد ب«مشاعر قصور» جسدية..
بمعنى انه يأتي الى الدنيا وهو يعتقد بأن غالبب اعضاء جسده قاصرة.. بل عرضة للفشل في اية لحظة من وجوده.. انه بصيغة اخرى يولد باستعداد فطري وقناعة راسخة بأنه ناقص الاعضاء ومعرض كما قلت لقصور احدها وفشله في اداء مهماته كأن يعتقد مثلا بقرب توقف قلبه عن النبض او فشل كليته او ما شابه ذلك، وهذا الامر - كما هو معنى قول العالم المذكور - يخلق لدى مثل هذا الفرد ضغوطا نفسية هائلة تدفع به الى «الهوال» الجسدي هربا من شدة وطأة اوهامه النفسية. وذلك بادعاء المرض وتهويل حرج وتردي حالته الصحية في وقت تصول العافية وتجول في انحاء ومناحي ومتعرجات جسده على نحو يسمح لاثقل كائن فضائي لأن يهبط - بسهولة ويسر - على عرض اكتافه العريضة!
عليه اقول اللهم اني قد بلغت بالقول: يا متهيولي العالم اتحدوا.. او بالاصح «اعقلوا!» ..كفوا عن تهويل الامور وتضخيمها فقد تُصدِّق اجسادكم - بفعل التهويل - رسائل ادمغتكم وحينها «يفوت الفوت» فتقعون بفعل ذلك ضحايا للامراض الهائلة عدداً المهولة حجماً..ً

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved