توعد الله سبحانه وتعالى من أعرض عن القرآن وما فيه من الهدية بأشد وعيد كما أنه قد ضمن لمن اتبعه ألا يضل ولا يشقى قال الله سبحانه وتعالى:
{فّمّنٌ اتَّبّعّ هٍدّايّ فّلا يّضٌلٍَ ولا يّشًقّى"}، قال ابن عباس رضى الله عنهما: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة،
ثم توعد من أعرض عنه بقوله تعالى: {وّمّنً أّعًرّضّ عّن ذٌكًرٌي فّإنَّ لّهٍ مّعٌيشّةْ ضّنكْا وّنّحًشٍرٍهٍ يّوًمّ القيّامّةٌ أّعًمّى"، قّالّ رّبٌَ لٌمّ حّشّرًتّنٌي أّعًمّى" وّقّدً كٍنتٍ بّصٌيرْا، قّالّ كّذّلٌكّ أّتّتًكّ آيّاتٍنّا فّنّسٌيتّهّا وّكّذّلٌكّ اليّوًمّ تٍنسّى"}.
قال ابن كثيررحمه الله: ومن أعرض عن ذكري وخالف أمري وما أنزلته على رسولي وتناساه وأخذ من غيره هداه فان له معيشة ضنكا في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره بل صدره ضيق حرج لضلاله وان تنعم ظاهره ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء فان قلبه في قلق وحيرة وشك مالم يرجع إلى القران وهدايته وعن أبي سلمة عن أبي سعيد رضي الله عنه فإن له معيشة ضنكا أي يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه اضلاعه، وروي مرفوعا والموقوف أصح، وقال ابن القيم رحمه الله في«مفتاح دار السعادة»: والمعنى ومن أعرض عن كتابي ولم يتبعه فان له معيشة ضنكا فسرها غير واحد من السلف بعذاب القبر وجعلوا هذه الآية أحد الادلة الدالة على عذاب القبر
ولهذا قال: {وّنّحًشٍرٍهٍ يّوًمّ القٌيّامّةٌ أّعًمّى"، قّالّ رّبٌَ لٌمّ حّشّرًتّنٌي أّعًمّى" وّقّدً كٍنتٍ بّصٌيرْا، قّالّ كّذّلٌكّ أّتّتًكّ آيّاتٍنّا فّنّسٌيتّهّا وّكّذّلٌكّ اليوًمّ تٍنسّى"}.
أي تترك في العذاب، كما تركت العمل بآياتنا فانه لما أعرض عن الذكر الذي بعث الله به رسوله ورغبت عنه بصيرته أعمى الله بصره يوم القيامة وتركه في العذاب كما ترك الذكر في الدنيا مجازاة له. انتهى كلامه رحمه الله وكأن هذه الآيات لم يقصد بها المسلمون في هذا الزمان الذي أصبح فيه القرآن مهملا عند بعض الشباب وترك يعلوه طبقات الغبار في المساجد ورفوف البيوت وأعرضوا عما فيه من الذكر والهداية ويرتكبون المحرمات غير مبالين بأوامر الله جل وعلا بل يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون، ولكن قال الشاعر:
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
|
والله المسؤول أن ينصر دينه ويعلي كلمته انه سميع مجيب.
|