لربما تكون العقبة الأولى والرئيسة في طريق تقدمنا وتطورنا وصعودنا جبال النجاح وتحدياته ومنحدراته الشاهقة، هي.... نحن أو نظرتنا الداخلية إلى أنفسنا تحديداً...
تروي لي صديقة تجربتها في هذا المجال فتقول (كان لي نفس طموحة وثابة وتفتحت ميادين طفولتي على حقيبة أحلام مكتنزة، كنت أحملها بداخلي وانتقل بها من هنا وهناك كميثاق متين لابد ان أؤديه للحياة على أكمل وجه.
لكن لربما المساحة الضيقة التي تحركت بها أجنحة طفولتي، مع شح الاهتمام والحب والتشجيع، قصف الكثير من تلك الأجنحة وأبهت لونها، وعلى الرغم من هذا لم تنطفئ تلك الجذوة التي كانت تقودني في المنعطفات الدامسة، والانهيارات السحيقة وتلك الجذوة الإلهية التي كانت تومض كالضوء في نهاية الأفق، صنعت الكثير في حياتي... تفوق على المستوى المهني عائلة جميلة وأطفالاً رائعين، بطانة ذهبية من الأصدقاء النادرين استمتاع بتفاصيل الحياة ونوافذها المضيئة، ولكن ذلك الصوت لم ينطفىء!!!
صوت جهوري قوي يتحين أوقات خلوتي وهدوء العالم من حولي ليخبرني بصراحة ووضوح ونبرة متهكمة بان هناك من يقوم بهذا العمل الذي بين يدي أفضل مني، ليس أنت من يؤدي هذا العمل على أفضل وجه لو أنها فلانة أو فلانة (ويحدد لي الاسماء ويجلب هيئتهن إلى دماغي) لفعلنه أفضل منك..!! في علاقتي الدؤوبة الحريصة مع أطفالي، أشعر أني ظالمة أو مقصرة وان ظروف عملي تأخذني منهم، في علاقتي مع زوجي تتسلل الساحرة الشريرة إلى خيمة الحب الوافر بيننا لتخبرني بأنه يستحق أفضل مني وأجمل مني، وانه مغبون في زواجنا.. وعندما يصفق لي المجموع لتفوق أو نجاح أقول إنهم مساكين أغبياء مخدوعون.
حتى وأنا أرقص وفي قمة نشوتي يهدر ذلك الصوت كم تبدو حركاتك ثقيلة وخرقاء توقفي فأنت تبدين مضحكة...!!! واستمرت هذه الصديقة تقول: وهكذا أمضي في حياة مختلسة كأنني لصة اختلست هذه النجاحات من أشخاص كان من الممكن ان يقوموا بها أفضل وأجود وأجمل مني...).
الجذوة التي في نهاية النفق لم تتوقف عن الوميض لتلك الصديقة ولربما جعلتها تشارك في بعض الدورات التي يسمونها self improvement ومابرحت تحاول الفوز بصك شرعيتها لحياة تعيشها خلسة.
ولم أسألها عن الصوت الجهوري القوي الذي يهدر في أعماقها هل يشبه صوت أب متسلط أو معلمة ظالمة متهكمة؟؟ ولكنني أعلم بان أعداءنا الحقيقيين هم أولئك الذين يعيشون بداخلنا خلسة في الظلام ويقتاتون على زهونا وفرحنا.. وألوان أجنحتنا.
|