تعصف بالمجتمعات في بعض الأوقات موضوعات تكون حديث الناس ومثار اهتمامهم ومحط سؤالهم؛ وهذا أمر طبيعي؛ بل تقتضيه ظروف كل حدث ومناسبة تمر؛ فمن الطبيعي أن تكون القراءة في مثل هذه الأيام لدى المثقفين والباحثين عن موضوعات لها علاقة بالتطرف والأديان والغلو والتعايش بين الحضارات أو الصدام بينها؛ ومن الطبيعي ان يبحث كل شخص عن تحديد مصطلح الارهاب ومن يستحق أن يوصف به؛ كل هذه الأمور طبيعية؛ وتفرض نفسها علينا جميعا.
لكن ما هو غير طبيعي أن ينصرف المثقف أو الباحث والمهتم بهذه الموضوعات انصرافاً كاملاً يكون الضحية هو اهتماماته الأصلية وهمه الثقافي وما كان لديه من أبحاث فهذا ولا شك توجه غير محمود ولا مطلوب بل من شأنه أن يكون المثقف متشعباً فيما لا يحسن به التشعب.
والمطلوب في هذا الأمر كله أن يواصل المثقف والباحث قراءته في تخصصه واهتمامه الأصلي سواء كان أدبياً أو تاريخياً وغير ذلك مع قراءة مناسبة فيما يجد في الساحة من أحداث دون أن تعصف به وتأخذه من همه الأول «!!».
ومما له أكبر الصلة بهذا الموضوع أن تجد أحد المختصين بموضوع تاريخي أو أدبي ترك تخصصه في ظرف كبير يعصف بالأمة تجد هذا ترك تخصصه وقد تأبط الصحف والمجلات رجاء أن يجد فيها تحليلا أو رأياً أو تعليقاً على قضية من القضايا؛ ثم بعد قراءة وقراءة تتلوها قراءة يخرج بدون أدنى شيء.
فقديما قيل: من أراد العلم في يوم وليلة فهو مجنون!!.
ومن أراد أن يصبح مؤرخاً وأديباً وسياسياً بين عشية وضحاها فماذا عساه أن يكون؟!.
والخلاصة أنه لا يمانع أحد في أن تقرأ ما تشاء وتتحدث فيما تحسن؛ لكن كل ما أتى بشكل سريع فمن المستحيل أن يكون أثره فعالا وباقيا.
|