Thursday 26th December,200211046العددالخميس 22 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المجتمع وأسئلة تبحث عن إجابات المجتمع وأسئلة تبحث عن إجابات
عبدالله الجميلي - المدينة المنورة

تقول إحدى الأساطير وهي تحكي عن قوم يعيشون خارج ظرف الزمان والمكان؛ هؤلاء القوم وقعوا فريسة لأسلوب التغرير الفكري الذي سلبهم إرادتهم؛ مما جعلهم مُنْقادين لكل ناعق يلبس رداء المعرفة وجلباب الحضارة.
وفي صباح يوم غابت فيه شمس التفكير جاء هؤلاء القوم إلى حكيمهم وقدوتهم يشكون ويطلبون الخلاص، فقد علق قرنا الثور داخل الإناء الفخاري الذي فيه الماء.
فأشار عليهم الحكيم بأن يقتلوا الثور، ويُخَلِّصوا قرنيه من الإناء، فكبَّروا وهلَّلوا لهذا الرأي السديد، ودون دراسة أو تفكير قتلوا الثور؛ فازداد قرناه التصاقاً بالإناء الفخاري، فعادوا أدراجهم يطلبون النجدة من ذاك الحكيم المزعوم الذي أشار عليهم بأَنْ يكسروا الفخار لتخليص قرني الثور الميت، فتعالت أصواتهم مُنْقَادين لهذا الحل فكسروا الإناء. هؤلاء القوم قادهم التخدير الفكري والتبعية إلى حلول قتلت الثور وكسرت الإناء.
هذه الأسطورة تذكرتها وأنا أرى حال مجتمعنا، وبعض أفراده يقعون ضحايا لتخدير الغزو الفكري، وقشور الحضارة الغربية الزائفة.
ولَعَمْري فإن تخدير المجتمع والسيطرة على تفكيره أشد فتكاًَ بالأمم من بقيه المُسْكِرات؛ لِمَا أَنّ الثانية تفتك بجسد الفرد ولكنّ الأولى تُسْلِب المجتمع إرادته بعيداً عن قيمة وثوابته. فَحَال مجتمعنا اليوم يَطرح أسئله حرّى تبحث عن إجابات تضيء الطريق وتُصْلِح الحال.
فلماذا ونحن ذلك المجتمع الإسلامي الطيب الذي يعتز بدينه أولاًَ، ومن ثمَّ بعاداته وتقاليده الأصيلة؟ لماذا ونحن ذلك المجتمع الذي ينتمي لحضارة الإسلام الخالدة التي أفادت من حضارات الهند والرومان، والفُرْس واليونان؛ فقطفت منها الرحيق، وأَبْعَدت الشوائب؛ لتصنع حضارة إسلامية بدأت من حيث انتهت الحضارات الأخرى، فأشرقت شمساً بمختلف الفنون والعلوم أضاءت ليل أوروبا في العصور المظلمة؟
لماذا عندما دارت الدائرة علينا، وأصبحنا مستوردين للحضارات رضينا بأن نكون لقمة سائغة لما تحمله حضارة الآخرين من أفكار هدّامة لديننا ومجتمعنا؟
فأضحينا مِثْل أولئك القوم في الأسطورة آنفة الذكر مسلوبي الإرادة أتباعاً حذو القذة بالقذة لتلك الأفكار؛ دون أنْ نَعْرِضَها على ديننا وقيمنا الاجتماعية.
بل حتى ما صنعته تلك الحضارات من تَقَدُّم مُذْهِل في وسائل الاتصالات ونَقْل المعلومات اتخذه بعض أفراد مجتمعنا قارباً يُبّحِرون به خارج أسوار الأعراف والتقاليد.
وفي منأى عن الغوص في أعماق التيارات الفكرية الوافدة التي تحاول تخدير المجتمع في مختلف فئاته. دعونا نضرب أمثلة من الواقع الظاهر للعيان.
فالإنترنت مثلاً تلك الثورة المعلوماتية الهائلة التي تقدم وسيلة رائدة في البحث عن المعلومات بأسرع وقت وأيسر طريقة.هل أفدنا منها لخدمة ديننا ومجتمعنا دعوياً وثقافياً هل أفدنا منها للتأثير في الآخر؟
نعم، عند البعض. وهم قلة. ولكنّ الكثير الغالب أصبحت الانترنت عندهم مِعْول هَدْم للدين والأخلاق؛ فاهتمامهم منْصب على البحث عن بروكسيات يقفزون بها إلى المحذور شرعاً وعرفاً.
وأمّا منتديات الإنترنت فأغلبها وللأسف الشديد أصبح مَسْرَحاً للسبّ والشتم ونشر الشائعات المغرضة فما يُكْتب فيها أشبه ما يكون بالعبث الكتابي الذي يشوه جدران المنازل والأماكن العامة.
مِثَال آخر القنوات الفضائية إياها التي مارست غزواً على عقول الشباب، فسيطرت عليهم، وانقادوا لها بسلاح الغرائز والشهوات، فكل برامجها بتوقيت السعودية.
فبعيداً عن الإجابة بنظرية المؤامرة التي شربناها مع حليب أمهاتنا، والتي نؤمن بها فأمة الإسلام مستهدفة ما بقي الخير والشر وما تعاقب الليل والنهار.
نُريد من علماء الدين والتربية وعلم الاجتماع إجابات صادقة وافية لهذه التساؤلات:
لماذا أصبح مجتمعنا أرضاً خصبة لكل زارع بذرة شر؟
لماذا يَسْهُل على الآخر تخديره والسيطرة عليه؟
أين الوازع الديني؟ أين المراقبة الذاتية؟ أين الاعتزاز بالدين والقيم؟
هل العيب في أسلوب تربيتنا؟ أو طريقة دراستنا ومناهجنا؟ أسئلة مهمة لعل صفحات جريدة الجميع «الجزيرة» تكون ساحة لنقاشها والبحث عن إجابات لها.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved