Thursday 26th December,200211046العددالخميس 22 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
تربويات: في صميم ما خلف الأبواب
د. خيرية إبراهيم السقاف

مواصلة:
وفي داخل الفصول الدراسية عندما تغلق الأبواب لحجرات تضم الدارسين والدارسات مع معلميهم ومعلماتهن، ماذا يحدث داخل هذا الحيَّز المكاني؟ خلال المقرر له من حيَّز زماني لا يتجاوز الساعة في المدارس، أو الساعتين في التعليم العالي؟... وقد نبدأ بالمراحل الابتدائية، هذه التي يتم فيها التأسيس ويتعهدها المعلمون بالغرس، غرس البذور، لمستقبل نماء، ومستقبل إثمار؟... مَن الذي يراقب سلوك المعلم داخل هذه الحجرات: ألفاظه، كلماته، حركاته، أسلوب تعامله، أسلوب عقابه، أو ثوابه، قدرته على عدم التحيُّز، وطمس الإنسان في داخل الإنسان، هل يبعث على الثقة ويعلِّم في أخلاق راقية وتناول إنساني؟ أم يعلِّم في فظاظة من القول، وسطوة في السلوك وانتهاك حرمة الإنسان داخل الإنسان؟ هل يدرك أنَّ «المرء بأصغريه، قلبه ولسانه» أم يتعامل مع الصغير من بني الإنسان على أنَّه لا يشعر ولا يدرك؟ وهل ينسى أنَّ قلب الإنسان النابض في صدره إنَّما فيه من الإحساس ما يحرِّك شعوره بمدى الرضى والتقبُّل، أو بمدى السُّخط والرَّفض، وكيف يتعامل مع دموع الصغير عندما يتألم من خطأ سلوكي ورد منه تجاهه؟ هل يدرك حجم خطئه، أم يخشى عقوبة الإدارة والأهل فيتراجع في غير لياقة به كمعلم؟ أم يواصل أخطاءه مع الصغير سافهاً بعرض الحائط كيان هذا الصغير الذي وُضِعت أبجديات التعرف عليه في قوائم تنظيرية أمامه: الوجدان العقل النفس إلى آخر ما هي قوائم التَّنظير دون أن يتابع أمر العناية بها ومراعاتها داخل حجرات الدّرس أم لا؟
من يتابع المعلمين والمعلمات وهم يبصمون في نفوس الصغار آثار حروق نفسية ووجدانية وهم يحسبون أنَّ الصغير لا يحس ولا يشعر وبالتالي فإنَّه يتخيل أو يبالغ عندما يخرج الأمر عن أبوابه المغلقة؟...
هناك حالات كثيرة تردني، بعضها ليس فقط في المدارس الأولى.. هناك أيضاً في المراحل الأعلى تلك التي تتطلَّب مراعاة خصائص نمو الإنسان وحاجته في شخوص الدارسين إلى شخصيات قديرة بالوقوف في الموقف التعليمي الذي هو على درجة بالغة في الأهمية بل الخطورة. هناك من طُرِد وفُصِل عن المدرسة وحُرِم من مواصلة التعليم بسبب سلوك خاطىء من المعلم ولم يراع جانب الأصغر وعُزَّز جانب الأكبر... ولو بُحث عن السبب لعوقب الأكبر حتى لو لم يكن للصغير إلاَّ السبب في عقابه... ذلك لأنَّ التربية تتطلَّب «الاحتضان» لمواقف الأضعف وعادةً التلميذ هو الجانب الأضعف. وهناك من توقَّفت عن الدراسة في الكليات لبذاءة وإحباط أسلوب التعامل والتلفُّظ من قِبل مدرساتها.. هناك حالات ليت من يفتح الملفات ويقرأ الأسباب.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved