* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
الخسائر الاقتصادية التي ستلحق بالدول العربية نتيجة لتوجيه ضربة عسكرية للعراق ستكون فادحة. خاصة في ظل اعتماد معظم الدول العربية على صادرات البترول اضافة الى الصادرات السلعية والخدمية. ومصر ستتعرض لخسائر كبيرة نتيجة لاعتمادها على قناة السويس، وتحويلات العاملين بالخارج الى جانب الصادرات خاصة وأن الحكومة وبالتحديد وزارة التجارة الخارجية كانت تهدف الى رفع حجم الصادرات المصرية الى العراق لنحو 2 مليار دولار سنويا فماذا عن الخسائر التي ستلحق بمصر نتيجة لتوجيه ضربة عسكرية للعراق.
في البداية يعاني الاقتصاد المصري من مشاكل متعددة بداية من ارتفاع العجز في الميزان التجاري الى 2 مليار و20 مليون دولار خلال الربع الأخير من السنة المالية 2001/2002 طبقا لاحصائيات البنك المركزي المصري، وبلغ العجز في ميزان المدفوعات الكلي للعام الحالي نحو 6 ،9 مليارات دولار، وتشير دراسة للدكتور محمد عبدالحليم عمر مدير مركز صالح للاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر الى ان نحو ثلث الموازنة العامة موجه لخدمة الدين العام، حيث بلغ اجمالي الدين العام حوالي 250 مليار دولار منها 47 مليار دولار ديون خارجية، و203 مليار دولار داخلية بنسبة تصل 70% من الناتج المحلي الاجمالي، وتصل فوائد هذه الديون في الموازنة الجديدة لمصر نحو 3 ،28 مليار جنيه بالاضافة الى 8 ،14 مليار جنيه أي 30% من جملة الانفاق العام في الموازنة. هذا بخلاف المشاكل الأخرى كالتضخم وارتفاع معدلات البطالة، والركود الذي يسيطر على الأسواق. وبدأت الدولة سياستها نحو زيادة الصادرات سواء السلعية أو البترولية عن طريق الاكتشافات الجديدة ولكن من الواضح ان هذه الآمال ستتبخر مع أول تحرك أمريكي لضرب العراق.
مليارا دولار صادرات
وضعت وزارة التجارة الخارجية استراتيجية لتنمية الصادرات المصرية الى الأسواق الخارجية ومنها أسواق العراق وتستهدف زيادة الصادرات الى 2 مليار بنهاية الأعوام الثلاثة القادمة. ولكن وسط التهديدات الأمريكية البريطانية المتزايدة بضرب العراق لن تستطيع تحقيق هذه الاستراتيجي ة بل ان ضرب العراق سيؤدي الى خسائر في الصادرات المصرية تصل الى 90 مليون دولار هي حجم ما تم تصديره عام 2001م طبقا لتقرير التجارة الخارجية الصادرة عن وزارة التجارة الخارجية المصرية حيث تعد العراق من أهم الأسواق للصادرات المصرية حيث ارتفعت الصادرات عن العام السابق بنسبة 43%، وبلغت الصادرات المصرية للعراق خلال السبعة أشهر من العام الحالي نحو 33 مليون دولار.
هذا بخلاف الخسائر غير المباشرة للصادرات المصرية حيث ستتأثر معظم صادراتها لمنطقة الشرق الأوسط والدول العربية نتيجة للحروب، والخوف من حدوث أي عمليات ارهابية ضد وسائل النقل المحملة بالصادرات وقد وصلت الصادرات المصرية للدول العربية حوالي 13% من جملة الصادرات للعالم الخارجي.
قناة السويس
لن تخرج عائدات قناة السويس سالمة من الخسائر إذا تم توجيه ضربة عسكرية للعراق حيث بلغت عائداتها حوالي مليار و93 مليون دولار خلال السبعة الأشهر من العام الحالي وذلك من اجمالي المتحصلات البالغة 2 مليار و723 مليون دولار متحصلات نقل والقناة والسياحة والسفر والاستثمار، وغيرها طبقا لاحصائيات النشرة الاقتصادية الشهرية سبتمبر 2002م الصادرة عن وزارة التجارة الخارجية. وبلغت اجمالي عدد ناقلات البترول عن نفس الفترة حوالي مليون و406 ألف سفينة عبرت القناة وبدون شك ان هذه السفن المحملة بالبترول قادمة من منطقة الخليج هذا بخلاف السفن المحملة بالسلع الأخرى والتي قد تتوقف في الموانىء لحين انتهاء الحرب المحتملة مما يكبد مصر خسائر تصل الى 2 مليار دولار هي عوائد قناة السويس في عام 2001م.
البترول المصري
ويعد البترول المصري هو أكبر خاسر في حالة توجيه أمريكا ضربة عسكرية للعراق خاصة وأن مصر الآن من أكبر المناطق النشطة في اكتشاف حقول البترول والغاز الطبيعي فقد حققت العام الماضي أعلى معدل بالنسبة للدول العربية حيث حققت 30 اكتشافا لحقول البترول والغاز.
وتنتج مصر حاليا 650 ألف برميل يوميا ويتوقع الخبراء أن توجيه ضربة عسكرية للعراق سيؤثر سلبا على صادرات البترول بوجه عام رغم احتمال حدوث قفزة في الأسعار فور توجيه الضربة، ويرجع ذلك الى ارتفاع أسعار التأمين على السفن الناقلة للبترول بسبب تزايد المخاطر من نشوب الحرب وتراجع حركة السفن بشكل عام مع حدوث أي تواترات بالمنطقة خاصة وأن المنطقة تأثرت بشدة في الحرب الأمريكية السابقة في أفغانستان هذا بالاضافة الى الخوف من سيطرة أمريكا على بترول العراق وتخفيض أسعار البترول.. ربما الخسائر التي ستلحق بالاقتصاد المصري هي التي دفعت جيمس ويلفنسون رئيس البنك الدولي في زيارته للقاهرة في 14 أكتوبر الماضي الى التعهد بتقديم مساعدات الى مصر في حالة مواجهتها أي أزمات اقتصادية ناجمة عن توجيه أمريكا لضربة عسكرية للعراق. ولكن هل تحمي هذه المساعدات الاقتصاد المصري.. سؤال متوقف على احتمالات الحرب أو اللاحرب.
| 
