لا يزال هاجس معوقات وتحديات تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لم يعالج خاصة وأنها تمثل شريحة كبيرة من عدد المنشآت الاقتصادية والتي وصل عدد سجلاتها التجارية حوالي 500 ألف سجل تجاري موزعة على النحو التالي: 11 ألف شركة كبيرة و68 شركة مساهمة والباقي يمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة حيث ان منشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة لها أهمية لما تتضمنه من مفاهيم وخصائص وجوانب إدارية وفنية إلا أنها تواجه تحديات عديدة مثل: الإغراق والمنافسة والاحتكار ومشاكل التمويل والتسويق بالإضافة إلى حاجتها لإقامة علاقات تكاملية مع بقية قطاعات الاقتصاد مما يجعلها بحاجة إلى مزيد من الدعم والتشجيع حتى تقوم بدورها في دعم الاقتصاد الوطني خاصة وأن تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة أصبح عاملاً مهماً لكثير من الاقتصاديات في العالم.
ويواجه كثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة العديد من المشاكل التمويلية حيث ان بعضها يكون في بداية التأسيس فلا تستطيع تقديم ضمانات عينية 100% لذا فالمصارف تنظر في التعامل مع المنشآت قيد التأسيس بنوع من الحذر سواء كانت هذه المنشآت صغيرة أو كبيرة لأن مقومات النجاح وعوامل الفشل لهذه المنشآت متعددة وكثيرة لذلك تقوم البنوك بدراسة هذه المنشآت بشكل صحيح لضمان عدم تحمل البنك مخاطر قد تعيق عملية استرداده لأمواله ويعزي المسؤولون البنكيون حرصهم على توفر الضمانات اللازمة لدى المؤسسات الصغيرة إلى محدودية موارد المؤسسين المالية وعدم توافر الخبرات اللازمة والسابقة في مجال النشاط بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية الأخرى التي تحكمها ظروف السوق من حيث جودة المنتج والمنافسة السوقية وحجم العرض والطلب على المنتج وغيرها من العوامل المؤثرة في نجاح أمر فشل المؤسسات.
إن المصارف تنظر في موضوع تمويل مشروع معين من منظور عدة أسس منها نوع النشاط نفسه وقدرة هذا النشاط على تدوير المال المستثمر بما يحقق العوائد القادرة على سداد التمويل المطلوب وتحقيق العوائد المرغوبة من النشاط لصاحبه لذا فالبنك ينظر إلى عدة عوامل منها:
الموقع.
الإدارة الجيدة المؤهلة للمؤسسة.
توفر رأس المال الذاتي المناسب.
وغيرها من العوامل التي يحرص البنك أن تكون متحققة في المشروع حتى يضمن نسبة نجاح تؤهل صاحب المشروع ليكون قادراً على سداد القرض.
لذا فان الحصول على القروض من البنوك التجارية يعتبر من المشكلات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة لأنه يرتبط من وجهة نظر رجال الأعمال بعدد من المعوقات منها:
كثرة الضمانات التي يطلبها البنك من المقترض.
طول فترة الإجراءات.
قصر فترة الإقراض.
وبالمقابل نجد أن البنوك تحصر أسباب إحجامها عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في عدد من الأسباب يمكن إيجازها فيما يلي:
عدم كفاية الضمانات المقدمة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
عدم وجود القيادة الإدارية التي تستطيع إعداد الدراسات التي توضح الكفاءة والجدارة الائتمانية لمنشآتها.
طول وبطء إجراءات التقاضي وإثبات الحقوق في حالة تخلف المقترض عن السداد.
هذا بالإضافة إلى وجود بعض المصادر الحكومية والتي تتولى تمويل بعض المنشآت الصغيرة وبعض الحرف وخريجي المعاهد وغيرهم وهي:
1 صندوق التنمية الصناعية والذي أنشأ وحدة لإقراض منشآت الأعمال الصغيرة عام 1405ه .
2 بنك التسليف السعودي، والذي يقدم قروضاً متوسطة الأجل لفئة الحرفيين وخريجي المعاهد ومراكز التدريب الراغبين في فتح ورش ومحلات خاصة بهم.
وتتمثل أهم مشكلات التمويل لهاتين الجهتين في التالي:
يعتبر صندوق التنمية الصناعية المشروعات الصغيرة تلك المنشآت التي لا يزيد إجمالي تكلفتها عن 4 ملايين ريال، كما أنه لا يقرض المشروعات التي ليس لها ترخيص صناعي، وبما أن الترخيص الصناعي لا يمنح إلا إذا بلغت تكلفة المشروع مليون ريال أو أكثر، فان النتيجة العملية تتمثل في أن الشريحة المؤهلة للإقراض تنحصر في المشروعات التي يبلغ إجمالي تكلفتها بين مليون وأربعة ملايين ريال فقط.
بالنسبة لبنك التسليف فانه يضع حدا أقصى لحجم التمويل المتاح وهو 200 ألف ريال كما يقصر التمويل على خريجي المعاهد المهنية مع طلب ضمانات محددة.
لذا فمن الضروري أن تكون هناك جهة متخصصة في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع توسيع شريحة المستفيدين من هذه القروض وتقديم المساعدات لها في مجال التسويق بتوفير ونشر المعلومات عن الأسواق الخارجية بصورة منتظمة، بالإضافة إلى تعريف البلدان الأجنبية بالمنتجات والصادرات السعودية وتطبيق نتائج البحوث التي تمت في مجال دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومحاولة تحقيق الاستفادة القصوى منها حتى تقوم هذه المنشآت بدورها في التنمية الاقتصادية.
* مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية |