كنت أظن أن الألسن الصحفية شعرت بالارهاق فتوقفت عن الحديث عن القنوات الفضائية كأنما رضينا بالأمر الواقع الذي لا يمكن تغييره. أو أننا اكتشفنا ان حديثنا في السابق لا مبرر له.
والقنوات اللبنانية التي أثارت كثيرا من الجدل في السنوات القليلة الماضية حتى اتفق معظم الناس أنها مؤامرة دولية استهدفت قيمنا وأخلاقنا وأوقاتنا وملابسنا، الشيء الذي لم نختلف عليه هو ان تلك القنوات أخذتنا على حين غرة وبشكل مفاجىء لم نحسب له أي حساب «وهل سبق لنا أن عملنا حساب أي شيء!!؟؟» لأننا تعودنا على صورة للتلفزيون تقوم على الرقابة الصارمة. عندما جاءت تلك القنوات اهتزت كل أركان معارفنا القديمة عن التلفزيون والوسائل الاعلامية. كما أننا صممنا أنفسنا لنعيش المفاجآت لا التحسب والتعاطي مع الواقع. ربما يعود هذا المفهوم لغياب النظرة العلمية للأمر مما جعل كل من هب ودب يكتب بوحي من عواطفه.
على كل حال نلاحظ في الوقت الحاضر شبه سقوط لتلك القنوات بعد ان امتلأ الفضاء بالقنوات التي تتحذف من كل حدب وصوب. لعلكم تلاحظون أن القنوات اللبنانية أصبحت في الظل وتكاد تختفي. لم يعد أحد يتحدث عنها او يشير اليها كما ان برامجها التي اعتمدت على مواضيع «احم احم» لم تعد تجتذب حتى كبار الفارغين شيابا كانو أو مراهقين.
لو دققنا قليلا سنلاحظ ان مشكلتنا مع القنوات السخيفة ليست مع المراهقين والفارغين وليست مع المتآمرين علينا ولكن مع الوهم الذي أحطنا أنفسنا به فبقدر ما نضخم مسألة وخطورة قنوات السخف بقدر ما نضع أنفسنا في اطار من الوهم.
من المعروف عالميا أن الاعلام أو البرامج التي تقوم على عامل الجنس هي أول من يسقط. فالناس تأخذها المفاجأة في البداية ثم بعد قليل يفتر حماسها وتنصرف عنها وخصوصا إذا توفر البديل مهما كان هذا البديل.
لو قرأنا ما كتب في تلك الفترة سنرى اننا أكثر البلدان العربية حديثا عن الخطر ولكننا لم نعمل أي شيء بل انتظرنا حتى دخلت سوريا وقدمت عدداً من البرامج الدرامية سحبت جزءا من البساط من تحت أقدام مروجي الجنس. ثم جاءت مصر وسحبت بقية البساط حتى تداعت تلك القنوات وأصبحت قنوات ثانوية. أرجو ان يكون هذا درسا لنتعلم منه ان الجنس لا قيمة له عند الناس الأسوياء. والشيء الثاني اننا كنا سلبيين في كل الأحوال.
وقبل ان انهي قولي ألفت نظر الإخوة الآباء والأمهات الى (قناة غنائية) لا اعرف من هم اصحابها فهي تعتمد على أشد أنواع الجنس ابتذالا والشيء المحير في هذه القناة أنها مجانية ولا يوجد فيها إعلان يدعمها مما يجعلنا نتساءل: من يصرف عليها؟! اقترح على كل بيت عاقل ان يشطبها.
فاكس 4702164 |