* تورنتو محمد داود:
في اكتوبر الماضي، أعلنت شركة تاليسمان إينرجي بيع حصتها في شركة النيل الكبرى للبترول في السودان، لوضع نهاية للانتقادات العنيفة التي ظلت هدفاً لها داخل وخارج كندا لنحو أربع سنوات.
يقول لسان حال المسؤولين في تاليسمان «سحقاً للسياسة ودعاة حقوق الإنسان» وهم لا يخفون حزنهم على «بيعهم للجمل بما حمل» لاسيما وأنهم ينظرون للاستثمار في النفط السوداني باعتباره صفقة عظيمة.
حصة تاليسمان في إنتاج شركة النيل الكبرى للبترول والبالغة 25 في المئة كانت من نصيب شركة النفط والغاز الطبيعي المملوكة من قبل الحكومة الهندية التي دفعت 750 مليون دولار (2 ،1 بليون دولار كندي) ثمناً لها.
بالنسبة للهند، كانت الصفقة الأكبر من نوعها في مجال الاستثمار النفطي في الخارج، كما أنها جاءت في الوقت المناسب لاسيما مع تدني إنتاج خام النفط الهندي خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب تقادم حقولها النفطية، بما فيها حقول بومباي العليا.
في السنوات الأخيرة حاولت الهند زيادة إنتاجها من النفط المحلي عن طريق طرح امتيازات التنقيب للشركات الأجنبية مقابل المشاركة في العوائد النفطية.
ينتج مشروع النفط السوداني 12 مليون طن من خام النفط كل عام، وهو ما يساوي إنتاج أكبر الحقول النفطية الهندية في بومباي.
تستورد الهند حالياً نحو 70 في المئة من احتياجاتها النفطية، وهي عانت بشدة من جراء تذبذب أسعار النفط العالمية خلال الفترة السابقة، كما أنها تخشى من إمكانية أن يؤدي عمل عسكري أمريكي ضد العراق إلى حدوث إرتباك في أسواق وتدفقات النفط العالمية، عقب توقيع صفقة البيع أوضح رئيس مجلس إدارة تاليسمان، جيم بوكي، أن المساهمين في الشركة قالوا بأنهم «تعبوا من مراقبة وتحليل الوضع في السودان باستمرار».
بوكي، الذي خلف انطباعاً بأنه لم يكن من المتحمسين لقرار البيع، حاول من جديد تأكيد أن استثمار شركته في السودان كان عملاً في مصلحة الجميع، بما فيهم السكان المحليين في مناطق حقول النفط السودانية.
وأشار بوكي إلى ماقامت به الشركة في سبيل الارتقاء بأوضاع هؤلاء السكان من بناء مستشفى في هجليج ومدرسة وتوفير مياه الشرب النقية وشق الطرق.
لكن جماعات حقوق الإنسان الكندية ومجموعات الضغط الأخرى التي حملت تاليسمان على الانسحاب من السودان لا تتفق مع ما يقول به بوكي.
ويقول أحدث تقرير حقوقي، ينشر هذا الشهر، إن الأنشطة التي قامت بها تاليسمان لم تعد بأية فوائد على المواطنين المحليين، مشيراً إلى أنها اتسمت بالغموض.
ويقول التقرير الذي شاركت في إعداده كل من جورجيت جاجون، المحامية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، والبروفيسر اودرى ماكلين، أستاذة القانون بجامعة تورنتو، إن مستشفى هجليج الذي مولت تاليسمان بناءه «غير متاح للنوير والدينكا الذين يعيشون في المناطق المجاورة في حاجة ماسة للعون».
كما أن المدرسة «تقوم بتعليم الأطفال باللغة العربية بدلاً عن اللغة المحلية.
في هذا الاسبوع كشفت تاليسمان إينرجي وشركة نفطية عملاقة أخرى هسكي إينرجي عن خطط لإنفاق ما يقرب من 4 بليون دولار في عمليات استكشاف وتنمية نفطية خلال العام الجديد، وسوف تسهم تاليسمان بما قيمته 1 ،2 بليون دولار في هذه الخطط، ما يعني ارتفاعا في حجم استثماراتها مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ حجم الاستثمار فيه 95 ،1 بليون دولار.
يعتقد أن هذا ما كان ليحدث لولا عائدات صفقة البيع الأخيرة.
قال جيم بوكي، رئيس مجلس إدارة الشركة «لدى تاليسمان الآن إمكانية استكشاف نفطي أكبر من أي وقت مضى في تاريخنا».
|