Monday 23rd December,200211043العددالأثنين 19 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

سلخ 360 كيلو متراً من الأرض الفلسطينية سلخ 360 كيلو متراً من الأرض الفلسطينية
الستار الصهيوني الحديدي لتطويق الضفة الغربية

  * رام الله - نائل نخلة:
في الثالث والعشرين من شهر حزيران «يونيو» 2002م أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة لبناء جدار آمن يفصل بين الضفة الغربية وإسرائيل ومن المتوقع أن يكتمل بناء الجدار بحلول شهر حزيران «يونيو» 2003م.
وفي الرابع عشر من تموز «يوليو» 2002 صادق مجلس الوزراء الإسرائيلي للأمن القومي على المرحلة الأولى للجدار المتعلقة بتسييج شمال الضفة الغربية وسيكون الجدار مقسما إلى ثلاثة أقسام: القسم الشمالي، القسم الخاص بالقدس وأخيرا القسم الجنوبي.
فقد صمم الجدار لتطويق الضفة الغربية على طول ثلاثمائة وستين كيلو مترا حيث بدئ العمل به قرب سالم، القرية التي تقع غربي جنين وسوف يسير جنوبا إلى الجنوب من منطقة الخليل وسيتضمن سياجا كهربائيا ودوريات أمن وخنادق.
إن هذا الجدار لن يتم بناؤه ضمن حدوده الحقيقية الدولية وعلى وجه التقريب بالنسبة لخط الهدنة 1949 أو «الخط الأخضر»حيث شرعت الحكومة الإسرائيلية في بنائه داخل الضفة الغربية أي في الأراضي الفلسطينية المحتلة فالجدار بما فيه المناطق العسكرية المغلقة المحيطة سيقوم بإلحاق إسرائيل ما يقارب 10% من أراضي الضفة الغربية.
فاستنادا إلى مشاريع قدمتها عدة مؤسسات فلسطينية، سيضم الجدار بشكل غير قانوني أرضا فلسطينية تشمل ما يقارب 75 مستوطنةإسرائيلية يسكنها 303 آلاف مستوطن إسرائيلي وبالتالي فان نحو 108918 فلسطينيا سيتم ضمهم بشكل غير قانوني إلى إسرائيل أو تطويقهم داخل الجدار.
إن الفلسطينيين الذين سيحولون بشكل غير قانوني إلى السيطرة الإسرائيلية المباشرة لن يتمتعوا بمكانة سكنية أو مواطنة بينما يتمتع المستوطنون الإسرائيليون حاليا بمواطنة إسرائيلية كاملة واكدت جمعية حقوقية فلسطينية تطلق على نفسها اسم «القانون» على أن ما يسمى ب «الجدار الآمن لإسرائيل» ما هو إلا جدار فصل عنصري فالجدار سيحد من حرية تنقل الفلسطينيين وحياتهم ودخولهم إلى أراضيهم حيث سيعمل الجدار على تقسيم الهوية الدينية والوطنية والعرقية.
ويتضمن جدار الفصل العنصري الضم غير الشرعي لبعض الأراضي الأكثر خصوبة في الضفة الغربية ولمصادر المياه، في حين يتم دفع الفلسطينيين إلى «بانتوستانس» و«كنتونات» وأقاليم ليتسنى لإسرائيل ضمان أقصى سيطرة على حياة الفلسطينيين وأراضيهم وهذا بحد ذاته واضح جدا عند دراسة حالة قلقيلية كما تعرضه الجمعية في هذا التقرير وقالت إن ما يسمى ب «الجدار الآمن» ما هو إلا شكل من أشكال الفصل العنصري «كما هو معرف قانونيا».
القسم الشمالي للجدار
إن القسم الشمالي للجدار الذي يبدأ بالقرب من حاجز سالم غربي مدينة جنين وينتهي في كفر قاسم جنوبي مدينة قلقيلية سيكون طوله مائة وعشرة كيلومترات ومن شأنه أن يعمل على تسييج نحو سبع عشرة قرية فلسطينية وسيتم تطويق وعزل 108918 فلسطينيا من سكان الضفة الغربية في داخل إسرائيل أو نقلهم إليها في الوقت الذي يتم فيه تدمير ومصادرة وضم آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل ترجمة للأوامر العسكرية الإسرائيلية التي صدرت بهذا الشأن ومن المقدر أن يتم مصادرة 6 ،1 % من الضفة الغربية بشكل غير قانوني وضمه لإسرائيل. ستقسم هذه القرى الفلسطينية السبع عشرة إلى أربعة أقاليم مختلفة أو «بانتوستانس» إذ ستكون الأرض بين الجدار وحدود إسرائيل منطقة عسكرية مغلقة وتدعي إسرائيل بأنها ستصدر تصاريح خاصة للسماح للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المنطقة للدخول إلى الضفة الغربية مع وجود نقاط تفتيش دائمة كل خمسة عشر كيلومترا داخل الجدار أما بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون خلف الجدار فيلزمهم التقدم بطلب للحصول على تصاريح خاصة لدخول المنطقة العسكرية المغلقة كما قد يرغب كل الفلسطينيين للدخول إلى هذه المناطق لأي سبب كان وسيتضمن «البانتوستان» الأول قرية رمانة «3046 نسمة» الطيبة «2155 نسمة» وعانين «3359 نسمة» على مقربة من جنين الواقع بين حائطين: جدار التفرقة العنصرية الرئيسي في الضفة الغربية وجدار آخر يفصل القرى عن الضفة الغربية فعدد السكان الإجمالي في هذا البانتوستان يبلغ 8560 فلسطينيا.
أما في «البانتوستان» الثاني فسيضم بشكل غير قانوني نزلة عيسى «2262 نسمة»، وخربة عبد الله اليونس «127 نسمة» برطعة الشرقية «3699 نسمة» وباقة الشرقية «3254 نسمة» إلى إسرائيل.
من الجدير ذكره أن برطعة الشرقية وباقة الشرقية قريتان في الضفة الغربية مع بلدتين شقيقتين داخل إسرائيل هما: برطعة الغربية وباقة الغربية.
وعلى الرغم من ضمها لإسرائيل فان الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المراكز الأربعة لن يمنحوا مواطنة إسرائيلية ولا إقامة ولو أن في بعض الحالات يقع الخط الأخضر لإسرائيل على بعد أمتار قليلة حيث سيمنع من دخول إسرائيل ولكن ليس واضحا بعد ما إذا سيعمل حاجز آخر على فصل هذه المناطق عن الخط الأخضر. إن كافة الملكية الفلسطينية الواقعة ضمن 60-100 متر من الجدار ستدمر أو دمرت وبالأخص الأراضي الزراعية أو المحروثة والأشجار حيث ستصبح قلقيلية محرومة على الأقل من 15% من أراضي البلدية التابعة لها، وإلى أكثر من 50% من الأراضي الزراعية وذلك بزيادة الضغط على عدد السكان المتزايد بسرعة يبدو بان التقديرات التقريبية التالية «15 و50%» في هذه المرحلة معتدلة في الوقت الذي تستمر إسرائيل بتغيير الطريق في تلك المنطقة.
الجدار الذي يطوق جنوب الضفة الغربية بما فيها القدس
لم يتم حتى الآن الاتفاق على الخطط أو الخرائط المفصلة والمتعلقة بما إذا سيتم بناء الجدار في جنوبي الضفة الغربية وعلى أية حال فان جمال سلمان مدير عام بلدية بيت لحم أفاد بأنه مع حلول 23 أغسطس «آب» 2002 فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت قد صادرت ما يقارب سبعمائة دونم من الأراضي الفلسطينية في بيت لحم لصالح بناء الجزء الجنوبي للجدار ومن المتوقع للجزء الجنوبي من الجدار الذي يبلغ طوله مائتين وخمسة عشر كيلو مترا أن ينتهي بضم إسرائيلي حقيقي أربعمائة كيلومتر مربع «أي ما يعادل تقريبا 7% من الضفة الغربية المحتلة» إذ ان أكثر من ثلثه يقع في القدس الشرقية المحتلة.
إن هذا الجزء من الجدار سيضم تسعا وثلاثين مستوطنة إسرائيلية مبنية بشكل غير قانوني إلى إسرائيل يسكنها حوالي 000 ،270 مستوطن و000 ،276 فلسطيني تقريبا.
لقد تم المصادقة على أربعة وخمسين كيلومترا تغطي القدس المحتلة فالخطط الخاصة بجدار الفصل العنصري حول القدس مشابهة عمليا مع ذلك الجدار الذي بني حول قلقيلية على الرغم من كونه أكثر تعقيدا وتهدف إسرائيل من هذا الجزء الخاص بجدار الفصل العنصري إلى تطويق أكبر عدد ممكن من الكتل الاستيطانية الإسرائيلية المبنية بشكل غير شرعي في القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية وفي نفس الوقت تقوم بإبعاد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وبناء على دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية خول رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون خطة تطويق القدس التي ستشمل حدود البلدية المحددة إسرائيليا بالإضافة إلى كتلتين «استيطانية مستوطنة إسرائيلية» كبيرتين لجيفؤون وأدوميم داخل جدار يبلغ طوله أربعة وخمسين كيلومتراً.
ومع هذا فان الجدار المخطط له للقدس لن يغطي فقط أراضي ملحقة بشكل غير قانوني يسكنها 000 ،180 مستوطن إسرائيلي غير شرعيين فحسب بل سيتضمن أيضا نحو 000 ،276 فلسطيني ولكي يتم حل هذه المشكلة الديموغرافية يفيد تقرير شؤون المفاوضات على أن إسرائيل تبني جدارين حول القدس. الأول جدار داخلي مبني في الأصل حول حدود محلية إسرائيلية لإبقاء الرؤيةالمحصورة والتوسعية لقدس إسرائيلية مع العديد من اليهود الإسرائيليين وقدر قليل من الفلسطينيين إن أمكن، يمكن لإسرائيل «وقد تفعل على الأغلب» بخلق «بانتوستان» يطوق قرية كفر عقب ومخيم قلنديا ولو أن السكان يحملون هويات مقدسية وبوجود هذا الجدار سيتم فصلهم عن كل من الضفة الغربية والقدس وستقوم إسرائيل بتجنب المشكلة المتسمة بالفوضى حيال ما العمل بآلاف الفلسطينيين على «الجهة الخاصة بهم» من الجدار.
الأرض والمياه
سيتم مصادرة آلاف الدونمات من الأرض الزراعية الأساسية بشكل غير قانوني وضم أو الاستيلاء عليها في مجتمع يتمتع باقتصاد تقليدي يرتكز على الزراعة. فالاقتصاد الزراعي بات مهما جدا خلال هذه الانتفاضة كإعادة الاحتلال العدائية وحظر التجول ونقاط التفتيش والأشكال الأخرى من العقاب الجماعي والإغلاق التي قامت بعزل قرى الضفة الغربية عن بعضها البعض مما أدى إلى اتكال متزايد على المنتجات المحلية والبينية من قبل كل من الإعالة والتوظيف الفوري.
إن الأراضي التي ستقوم إسرائيل بمصادرتها بشكل غير قانوني وضمها في المرحلةالأولى من جدار التفرقة العنصرية تعد من أكثر أراضي الضفة الغربية خصوبة فقلقيلية ومناطقها المحيطة تعد سلة فاكهة فلسطين حيث يتم بيع كل من الزيتون والفواكه والخضار الموسمية في جميع أنحاء الضفة الغربية وكدليل إيضاحي على الاعتماد المتزايد على الزراعة، كان 22% من اقتصاد قلقيلية قبل التاسع والعشرين من أيلول «سبتمبر»2000 يستند على الزراعة ومنذ بداية الانتفاضة ارتفع هذاالرقم إلى 45% ومن الجدير ذكره أن 2000 مزارع يمول نحو 000 ،15 فلسطيني في المدينة أي ما يشكل حوالي 5 ،37% من سكان قلقيلية الإجمالي.
تأثير جدار الفصل العنصري الإسرائيلي على الفلسطينيين التصاريح وحرية الحركة
أبقى جيش الاحتلال الإسرائيلي بثبات في كل التحديات القانونية إلى جدارالفصل العنصري على إصدار تصاريح خاصة للفلسطينيين الموجودين داخل السياج.
فمنذ عام 1967 طبقت إسرائيل نظام حظر التجول والحد من حركة السكان المدنيين ومنذ عام 1993 تم فرض نظام الإغلاق الخارجي والداخلي سواء أكان جزئيا أم كليا.
وبالأخص من خلال نظام نقاط التفتيش العسكرية ولا يمكن عبور نقاط التفتيش إلا من خلال بطاقة الهوية وفي الآونة الأخيرة اضطر الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى تقديم طلب للحصول على تصاريح خاصة أخرى للسفر من منطقة في الضفة الغربية إلى أخرى «من رام الله إلى نابلس على سبيل المثال».
إن تاريخ إسرائيل الطويل في استخدام نظام التصاريح «لدخول المدن الفلسطينية في الضفة الغربية ولدخول غزة، والقدس أو إسرائيل» يبين إساءة منظمة لهذا الإجراء المستخدم بشكل دائم كأداة للعقاب الجماعي تحت الذريعة الشاملة مخاوف أمنية ويشير تقرير سابق للجمعية حول تأثير حظر التجول والإغلاق إلى ما يلي: منذ أيلول «سبتمبر» 2000 تزايد نظام الإغلاق وحظر التجول بشكل كبير وأصبح يوصف الآن بحصار السكان المدنيين وفرضت إسرائيل إغلاقا شبه تام على قطاع غزة وسياسة تصاريح مشددة في الضفة الغربية وبشكل خاص لم يسمح بالسفر بين الضفة الغربية وغزة وكانت الحركة بينهم أو بين إسرائيل محدودة جدا.. فالسفر بين قرى ومدن الضفة الغربية قد تعرقل في أغلب الأحيان بسبب نقاط التفتيش والحواجز والطرق المدمرة ... فمنذ آذار «مارس»2002 بدأت إسرائيل بفرض نظام حظر التجول على الضفة الغربية الذي أبقى أحيانا نحو 000 ،600 فلسطيني في بيوتهم لمدة أربع وعشرين ساعة في اليوم. إن حظرالتجوال هذا إضافة إلى الممارسات العسكرية المستمرة قد حد من العمل الطبيعي لمعظم أوجه الحياة المختلفة.
في الرابع عشر من تشرين أول «أكتوبر» 2002 قدمت جمعية «القانون» التماسا لدى المحكمة العليا الإسرائيلية نيابة عن عائلات فلسطينية تتحدى الدمار والضم غير الشرعي لأراضيهم وبناء الجدار على ملكيتهم الخاصة.
وقد اقترحت المحكمة العليا الإسرائيلية بان بدلا من وجود ممرات «أي نقاط تفتيش» كل خمسة عشر كيلومترا لربط الفلسطينيين بأراضيهم، فوفقا للخطةالحالية، هذا يمكن أن يتزايد إلى اثنين أو أكثر مستندة على الاتفاقيات المبرمة بين المزارعين والجيش الإسرائيلي.وبعد نقاش هاتفي بين محامي «القانون» والملتمس الرئيسي رفضت هذه الاقتراحات. لأنها لا تؤمن بأن الجيش سيطبق فعلا تلك الاقتراحات. فالملتمسون ما زالوا يسعون لتحدي عدم الشرعية الأساسية لتدمير ومصادرة وضم غير شرعي من أراضيهم وبناء الجدار على ملكيتهم الخاصة. رفض الملتمس الرئيسي هذه الاقتراحات بقوله انه لا يستطيع أن يحضر المحكمة لإعاقته على إحدى نقاط التفتيش.
فبالنسبة لجمعية «القانون» هناك مخاوف حقيقية ومبررة باحتمال عجز الفلسطينيين عن الحصول على تصاريح لمغادرة المنطقة أو عجز الفلسطينيين خارج المنطقة العسكرية المغلقة من الدخول. وتحت ذريعة الأمن لا يستطيع الفلسطينيون تجديد التصاريح أو حتى العودة إلى منازلهم لحظة مغادرتهم المنطقة العسكرية المغلقة أو حتى الخوف على الفلسطينيين داخل البانتوستانات من أن يجدوا نفسهم فجأة تحت حظر التجول أو قد تم إغلاق الحاجز أيضا.
الإغلاق وحظر التجول والمخاوف الاقتصادية
إن الفلسطينيين الموجودين بين جدار الفصل العنصري وإسرائيل أو الضفة الغربية سيحرمون من حرية التنقل أو سيضطرون للعمل تحت إدارة إسرائيلية تعسفية صعبة المراس وبدون التراخيص «أو حتى وان كانت معهم»، سيتم عزلهم عن باقي القرى المحيطة والمجاورة وعن أراضيهم الزراعية أيضا. وفي الوقت الذي اتهم الإغلاق «وإجراءاته اللاحقة كمنع التجول» مرارا وتكرارا على كونه شكلا من أشكال العقاب الجماعي، أدى ذلك إلى البطالة الواسعة الانتشار وإلى فاقة وجوع، ومنع الحصول على التعليم و الخدمات الصحية والعبادة فان جدار الفصل العنصري الإسرائيليي تعهد بالمثل بل وبما هو أسوأ من ذلك من ذلك حتى إن المناطق الفلسطينية، من بلدات وقرى ومخيمات لاجئين مرتبطة اقتصاديا بأكثر من نصف المؤسسات الفلسطينية التي تعمل في التجارة الفلسطينية الداخلية. فقد أشار البنك الدولي في آذار «مارس» 2002 إلى أن الإغلاق والمواجهة قد أديا إلى هبوط شديد الانحدار في التجارة والتوظيف والاستثمار والسبب المباشر للكساد هو الإغلاق وبالتالي يشدد على أن الفتح أو تخفيف الإغلاق ما هو إلا الشرط الأكثر أهمية في حال كبح الهبوط أو إزالة الضغط الاقتصادي على الشعب الفلسطيني.
إن السياسات المتعمدة والمطبقة تحت الاحتلال الإسرائيلي كالإغلاق وحظرالتجول وعملية التمييز الواضحة في تسريع دخول السلع الإسرائيلية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة في حين إعاقة السلع الفلسطينية؛ ومنع الوصول الطبيعي للغذاء والمياه وحصاد الأراضي الزراعية؛ والتدمير المبرمج للبنية التحتية المدنية والرئيسية والأرض والملكية والأعمال التجارية بالإضافة إلى الضرائب المحجوبة من الحكومة الإسرائيلية عن السلطة الفلسطينية؛ والتحكم التأديبي على الصادرات، والسياسة الخارجية وسياسات التنمية التي عملت من اجل زيادة إفقار شعب كامل. وجاء في تقرير أصدره مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة UNSCO يدرس تأثير الإغلاق الإسرائيلي على الفلسطينيين خلال الفترة الواقعة بين 1/1/2002-30/6/2002 ما يلي: ... انخفضت مستويات الدخل بشكل مثير، مما أدى إلى ارتفاع حاد في مستويات الفقر إذ يصل الآن إلى 60%. فالبطالة تصل الآن حوالي 50% وأعلى حتى خلال العمل في حظر التجول.
وقد أوجدت سياسات الإغلاق خسائر اقتصادية تصل لنحو اكثر من 1 ،1 بليون دولار أميركي، فالتجارة الداخلية والخارجية تتقلص والاستثمار هبط إلى مستويات جديرة بالإهمال والأعمال التجارية الفلسطينية آخذة بالانهيار أيضا.
الإغلاق وحظر التجول والغذاء
إن التأثير الأكثر عقابا على الإغلاق وحظر التجول الذي سيرتفع فقط مع جدارالفصل العنصري الإسرائيلي وتطويق الفلسطينيين داخل «البانتوستانس» ما هو إلا الفقر والجوع فجمعية «القانون» بشكل خاص تخاف من احداث غزة «Gazafication» للفلسطينيين المطوقين داخل البانتوستانس في حين سيتم إحكام الإغلاق على الفلسطينيين الذين يتم القبض عليهم عند جدار التفرقة العنصرية على كل من إسرائيل والضفة الغربية بالاتكال على إسرائيل في ضمان حريتهم في الحركة وحقهم من سبل العيش.كحال الفلسطينيين في غزة. وبناء على نفس التقرير الذي أصدره مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة UNSCO الذي يدرس تأثير الإغلاق الإسرائيلي على الفلسطينيين خلال الفترة الواقعة بين 1/1/2002- 32002/6/0 الخاص بالفقر والإفقار:
«... تكشف النتائج التمهيدية المأخوذة من عينات المسح النسب الشاذة لسوء التغذية في الضفة الغربية وقطاع غزة مع سوء تغذية حاد ومزمن واضح بنسب أعلى بكثير من تلك الموجودة في السكان العاديين التغذية». وبالنسبة لغزة سيتم خلق نموذج مخيف وواقعي للبانتوستانس الجديد من خلال جدار التفرقة العنصرية.
«إن مؤشرات التغذية تشير إلى حالة صعبة في قطاع غزة أكبر بكثير من تلك في الضفة الغربية والذي ليس بالأمر الغريب الذي أشار إلى أن غزة قد تحملت حالات مطولة ومتدهورة في البطالة والفقر. فهناك تقريبا42% من أهل غزة يعتمدون على المساعدة الغذائية... وأظهرت الدراسات بأن 13% من الأطفال في غزة عرضة لسوء تغذية حاد وان 18% منهم عرضة لسوء تغذية مزمن».
إن الإغلاق وحظر التجوال قد وضعا على ما يبدو للتسبب بمعاناة جسيمة. فهناك تقرير أصدرته مؤسسة «كير» الدولية بيّن وجود سوء تغذية مزمن وحاد واسع الانتشاربين الأطفال تحت سن الخامسة ويتزايد بسرعة.
إن التقدير الغذائي الخاص ب «كير» يشير إلى زيادة في عدد الأطفال السيئي التغذية مع وجود 5 ،22% من الأطفال تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد «3 ،9 %» أو مزمن «2 ،13%». فالنسب التمهيدية عالية جدا في غزة مع المسح الذي يظهر أن 2 ،13% من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد يجعلهم متساوين مع أولئك الموجودين في بلدان مثل نيجيريا وتشاد. وفي عام 2000 قدر وجود 5 ،7% و5 ،2% من الأطفال الفلسطينيين يعانون من سوء تغذية مزمن وحاد وأشار مجيبو المسح لمؤسسة «كير» إلى أن سبب العجز في غزة كان أساسا نتيجة لإغلاق الحدود الذي أحكم إغلاق قطاع غزة عن مصر وإسرائيل والضفة الغربية.
الإغلاق وحظر التجول والمياه
إن جمعية «القانون» معنية بإيصال المياه للفلسطينيين فور بناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي فبناء على سجلات الإسكان في تقرير ال UN SR 2002 يونيو- حزيران.
هناك ست طرق رئيسة للانتهاكات الإسرائيلية المؤسساتية بحق الشعب الفلسطيني في تأثير المياه على المأوى والبيئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي:تدمير مصادر المياه الفلسطينية، والمضخات والآبار وتوزيع البنية التحتية من قبل العسكريين والشبه عسكريين «المستوطنين»؛ عدم توفير البنية التحتية للمياه بما فيها الشبكات والتسهيلات لحلول محلية؛ نقص الصيانة الصحيحة للبنيةالتحتية الحالية لمنع تسرب وفقدان المياه منع الفلسطينيين كليا من حفر وبناء تسهيلات نقل للمياه. وبالأخص في مناطق مستعمرات المستوطنين اليهود؛ توزيع تمييزي وتوفير مياه غير كاف للفلسطينيين في المناطق التي تسيطر فيها مصلحةالمياه الإسرائيلية «ميكوروت» وتلوث الطبقات الجوفية الفلسطينية عبر الإغراق المشترك للنفاية القاتلة، والاستخدام الخطر للأسمدة الكيماوية والضخ المتزايد والمؤدي إلى التملح. وبالنسبة للاستخدام المقارن للمياه. يقول التقرير أن إسرائيل تقوم بانتزاع أكثر من 85% من المياه الفلسطينية من الطبقات الجوفية للضفة الغربية. أي حوالي 25% من استخدام إسرائيل للمياه. ويبين بأن الفلسطينيين يستخدمون 246 ام سي ام من مصادر المياه لتزويد نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لسد حاجاتهم الزراعية والصناعية والمحلية. بالمقارنة مع استخدام إسرائيل ل 959 ،1 ام سي ام لسكانها البالغ عددهم نحو ستة ملايين. إن الاستهلاك لكل فرد فلسطيني يبلغ 82 سم3، بالمقارنة مع 5 ،326 سم3 لكل مواطن ومستوطن إسرائيلي. أي أن استهلاك المياه اليومي لكل فرد يصل خمسة أضعاف ما يصل الفلسطينيين «ويصل سبعة أضعاف أولئك الموجودين في غزة».
إن الاستهلاك الفعلي لكل فرد فلسطيني يعد أقل بكثير من ذلك بسبب التسرب من تحت الشبكات الحافظ عليها. فإلى الأسفل من قلقيلية يقع نظام الطبقة الجوفية الغربي الذي يزود 51% من مصادر المياه الخاصة بالضفة الغربية وهذا سيتم ضمه بشكل غير قانوني مع 14بئر ماء في المدينة.
أي تقريبا 30% من مصادر مياه المدينة وفي الوقت الذي تكون فيه نتائج هذا غير معلومة بعد فان الحادثة السابقة الإسرائيلية المتعلقة بحرمان الفلسطينيين من الوصول إلى المياه تحدث قلقا شديدا فادعت مؤسسة دفاع إسرائيلية سابقا بأنها تعمل بعناية مع الإدارة المدنية لضمان دعم مياه ثابت للفلسطينيين «غير المتورطين في نشاط إرهابي»!!.
إن العديد من القرى الفلسطينية تعتمد على الآبار من خلال تجميع المياه للشرب والزراعة. فطبقا لتقرير UN SR حول الإسكان هناك أكثر من مائة وخمسين قرية فلسطينية «أي حوالي 000 ،215 مواطن». وحوالي تجمع سكاني في 282 قرى الضفةالغربية لا تتمتع بوصول مباشر لشبكة مياه عامة أو خدمة توزيع. وبالتالي فهي تعتمد على الشاحنات لتزويد المياه من أجل سد الحاجات الأساسية ومع هذا وبسبب قيود الحركة المفروضة منذ بداية الانتفاضة واصلت ناقلات المياه مواجهة صعوبات جمة في نقل المياه ونتيجة لذلك فإن القرويين المحرومين من نظام المياه يعانون من أزمة مياه حادة ويواجهون أخطارا صحية.
جدار الفصل العنصري
والسلامة البدنية للفلسطينيين
سيكون التأثير الآخر المنظور على الفلسطينيين خاصة على أولئك المطوقين، سلامتهم خلال سعيهم لإبقاء نوع من حرية التنقل والحركة أو دخول أراضيهم الزراعية إذ سيعيشون في مناطق عسكرية مغلقة وعلى مدار الانتفاضة الحالية لم تقم القوات الإسرائيلية حتى الآن بتحقيق جدي في وفيات أي مدني فلسطيني فبالنسبة لتقرير «بيتسيليم» الذي يراجع تطبيق حظر التجول على مدار الفترة الواقعة تقريبا بين حزيران «يونيو» وتشرين الأول «أكتوبر» قام الجنود خلال فرض حظر التجول بقتل خمسة عشر فلسطينيا على الأقل وبجرح أو إعاقة وتشويه العديد.
كيف سترد القوات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين الذين يحاولون العمل في أراضيهم وترك منازلهم أو ممارسة حقهم في حرية الحركة والتنقل؟ إن وجود منطقة عسكرية مغلقة في منطقة سيتواجد بها فلسطينيون سيخلق قلقا شديدا إذ سيصبح هؤلاء الناس عرضة للجنود التواقين لإطلاق النار مع إمكانية بسيطة أو معدومة للاستئناف ناهيك عن المراقبين الدوليين «رسميا أو بشكل غير رسمي» وأجهزة الإعلام الدولية أو وسائل أخرى من المحتمل لها إجبار الجنود الإسرائيليين التصرف بحصانة أقل.
طبيعة الأوامر العسكرية المستخدمة في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية
إن الأوامر العسكرية التي أصدرها القائد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية موشيه كابلنسكي تستخدم للاستيلاء على الأرض وفي حقيقة الأمر ينوي الجيش الإسرائيلي الاستيلاء على «مصادرة وضم غير قانوني» هذه الأراضي حتى الحادي والثلاثين من كانون أول «ديسمبر» عام 2005.
فمن المحتمل أن تتجدد الأوامرالعسكرية المستخدمة لمصادرة وضم غير قانوني للأراضي مرارا وتكرارا وما من مهلة زمنية على التجديد إذ من الممكن القيام بها بشكل غير محدد وتبدو أوامر كابلنسكي العسكرية لأول وهلة مؤقتة إذ هناك احتمالا بأن تعاد الأراضي المصادرة بعد التاريخ المذكور أعلاه أو قد تكون قد رفعت للمراجعة.
إن الأوامر قد أصدرت ظاهريا بشكل مطابق لتعليمات «لاهاي» إذ سيتسنى لقوات الاحتلال افتراض رقابة إدارية مؤقتة على الأراضي المملوكة من قبل الحكومة والعمارات والوحدات الإدارية ومع هذا فان قوة الاحتلال لا تنال حقوق الملكية بل الرقابة الإدارية المؤقتة فقط لا غير علاوة على كونها ممنوعة من مصادرة الأراضي والملكيات الخاصة.
إن الجدار الآمن بما فيه السياج المكهرب والجدران والخنادق ونقاط التفتيش تشير إلى التأسيس لبنية تحتية ونظام دائم فما من شيء مؤقت حيال الجدار.
وعلى أية حال وبعد القضية البارزة حول مستوطنة إيلون موريه في 1979 حيث قدم زعماء لجوش إيمونيم المتطرفة «كتلة المخلصين» التماسا لموافقة المحكمةالعليا الإسرائيلية للمستوطنة استنادا على ديمومتها بدلا من الضرورة العسكرية، أوقفت إسرائيل استخدام التوجيهات العسكرية للمستوطنات متجهة نحو سبل أخرى لمصادرة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لهذا الغرض.
ومجددا فان الأوامر العسكرية للاستيلاء على ومصادرة الأرض بشكل غير قانوني قد أعيد تقديمها في 1994 لبناء طرق فرعية استيطانية للإسرائيليين فقط فما بين آب «أغسطس» 1994 وأيلول «سبتمبر» 1996 قامت إسرائيل بالاستيلاء على 4386 دونما من الأراضي الفلسطينية بواسطة أوامر عسكرية.
وحين قدم السكان الفلسطينيون التماسا للمحكمة العليا الإسرائيلية لإيقاف الاستيلاء على أراضيهم مبينين أن الطرق الاستيطانية لا يمكن اعتبارها ضرورة عسكرية إلا أن المحكمة قدرفضت الالتماس مبقية تفاوض الدولة على أن بناء الطرق كان ضروريا لحاجات أمنية مطلقة.
وبهذا المضمار يتوجب بيان الأوامر العسكرية التي أصدرها موشيه كابلنسكي القائد العسكري في الضفة الغربية فالأوامر العسكرية حول الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية قد قدمت بثبات على أساس إستراتيجية عامة لتعزيز الاحتلال بدلا من الإدارة في المناطق المحتلة وللضمان فإن إسرائيل قادرة على ضم غير قانوني لأراض فلسطينية مهما أمكن وفي الاستيلاءعلى سبل عيش الفلسطينيين سواء خلال حظر التجول ومنع السلع أو مصادرة الأراضي فالنتائج بحد ذاتها واحدة.
المزاعم الإسرائيلية
حيال جدار الفصل العنصري
تدعي إسرائيل على أية حال ان المصالح الفلسطينية مخدومة ببناء جدار الفصل العنصري إذ لن يقوم الجيش باللجوء إلى إعادة الاحتلال واستخدام نقاط التفتيش والإغلاق وغيرها من أشكال العقوبات الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان لضمان أمن إسرائيل فالجدال نفسه قد استخدم في السابق لتبرير الطرق الالتفافية الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة القائمة على أراض فلسطينية مسروقة وبناء على ذلك الجدال سيتمتع المستوطنون الإسرائيليون بالأمن على الطرق المخصصة لهم حصريا «فهو فصل عنصري فعلي كون الفلسطينيين محرومين من استخدام تلك الطرق» والذي سيقلل نقاط التفتيش وعمليات إغلاق وإعادة احتلال المناطق الفلسطينية.
إن بناء طرق فصل عنصري خاص بالإسرائيليين وحدهم لم يقم بتاتا بتخفيف تواجد إسرائيل العسكري الوحشي في الضفة الغربية أو قطاع غزة بل ازداد في الواقع في القوات والمعدات والوحشية إذ ان الطرق القديمة أصبحت خطرة للمستوطنين، باتت الطرق الجديدة القائمة على أراض مصادرة من الفلسطينيين بعد 2000 السبب في اندلاع الانتفاضة الثانية كان واضحا منذ البداية أن جدار الفصل العنصري لن يكون مختلفا فنقاط التفتيش وحظر التجول واطلاق النار العشوائي على المدنيين والإغلاق وغيره سيستمر كما هي الحال بالنسبة لمبدئها الأساسي الذي لا يكمن ببساطة في المخاوف الإسرائيلية حيال «التسلل».
وبالأحرى فان مثل هذه الإجراءات مفروضة بينما يتصرف الجيش الإسرائيلي على نحو متزايد دون حساب وحصانة في الضفة الغربية بدعم من حكومة إسرائيل والمجتمعات الدولية فالإغلاق وحظر التجول والنار العشوائية الموجهة نحو المدنيين ستتواصل في الوقت الذي ترفض فيه إسرائيل تفكيك المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية القائمة ضمن جدار الفصل العنصري وبالتالي يضمن مطلب القوات الإسرائيلية في حماية المستوطنين الإسرائيليين والعيش بشكل غير قانوني على الأرض الفلسطينية المحتلة. والمزيد من ذلك سيتواصل بينما يستخدم الجيش الإسرائيلي القوة بانتظام دون الأخذ بعين الاعتبار المعيشة الفلسطينية وذلك من أجل استرضاء جناح اليمين الإسرائيلي التواق إلى وجود إشارات لقوة إسرائيلية في الوقت الذي تتواصل فيه المقاومة الفلسطينية للاحتلال.
أمن إسرائيل
تدعي إسرائيل أن الجدار ضروري لأمن البلاد فكما جودل سابقا هناك أسئلة جدية يجب أن تثار بالنسبة إلى أساس الأمن الحقيقي لبناء الجدار وبدلا من ذلك فإن جمعية «القانون» تؤكد بأن الجدار يستخدم كأساس من أجل ضم غير قانوني لأراض أخرى وعلاوة على ذلك حتى وان عرض أي أساس أمني حقيقي لبناء الجدار يتوجب على إسرائيل التصرف ضمن حدود القانون الدولي. إن استخدام الجدار لفصل الضفة الغربية عن إسرائيل يمكن أن يقارن مع التبريرات الأمنية المتوفرة للسبل الأخرى الخاصة بالإغلاق الشامل المستخدم فبناء على جدال مقرر الأمم المتحدة الخاص بالأراضي الفلسطينية المحتلة جون دوجارد في آذار «مارس» 2002 فيما يتعلق بقيود الحركة والتنقل: فهو ليس لتجنب المجازفات الأمنية من عبور نقاط التفتيش بل بالأحرى من أجل إذلال الفلسطينيين والضغط عليهم للكف عن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وعاد في أيلول «سبتمبر» 2002 ليضيف: بأنه ما من شك بأن لإسرائيل مخاوف أمنية شرعية وفي الوقت نفسه انه لأمر ضروري السؤال فيما إذا كانت الإجراءات التي لجأت إليها إسرائيل وبشكل خاص تلك المتعلقة بحظر التجول والإغلاق قد عملت دائما على خدمة المطلب الأمني.
وفي أغلب الأحيان تبدو غير متكافئة وبعيدة جدا عن مصالح الأمن الأمر الذي يدفع إلى السؤال ما إذا لم يكونوا إلى حد ما مخصصين لمعاقبة وإذلال وإخضاع الشعب الفلسطيني فعلى مطالب إسرائيل الأمنية الشرعية أن تترجح نحو المطالب الإنسانية الشرعية للشعب الفلسطيني فمن وجهة نظر المقرر الخاص يبدو بأنه لا يوجد مثل هذا التوازن فتم التضحية بحقوق الإنسان لصالح الأمن وهذا تباعا يحدث تهديدا كبيرا للأمن الإسرائيلي: استحالة اليأس الذي يقود بعناد إلى العمليات الانتحارية وأعمال العنف الأخرى ضد الإسرائيليين.وطبقا لوزير الحرب الإسرائيلي السابق بينيامين بن إليعيزر إن الهجمات الإرهابية التي تطارد إسرائيل قد دفعتنا إلى بناء عقبة مستمرة لإيقاف تسلل الإرهابيين إلى داخل إسرائيل فإسرائيل تزعم بأن جدار الفصل العنصري سيسيطر على الطوبوغرافيا والذي سيمكن المراقبة من الطرق الدورية ومع هذا فإن «بيتسيلم» تجادل بأنه في أغلب المناطق تمر طرق الحواجز بقيعان الأنهار أو سفوح التلال وليس بالضرورة النقاط العالية وعلاوة على ذلك فان القرى الثلاث الكبرى على مدار هذا القسم من الحاجز قائمة على التلال وبالتالي فان العديد من أقسام الطرق الدورية المخططة لا تطل عليها.
الجدار في سياق القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل
الاستيلاء على الأراضي والتدمير
تنص المادة السابعة والأربعون من اتفاقية جنيف
بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب - أغسطس 1949 على أن لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي علي مؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة واستنادا إلى هذه المادة فإن الأوامر العسكرية وبناء الجدار الأمني هي خرق للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان.
لقد تخطت إسرائيل كافة السلطات الشرعية التي يمنحها القانون الدولي الإنساني للمحتل وذلك من خلال مصادرة الأراضي والممتلكات من أجل بناء هذا الجدار.
العقاب الجماعي
تقول المصادر الإسرائيلية بأن هناك أسبابا أمنية وراء بناء الجدار «الأمني» العنصري ولكن تدمير ومصادرة الأراضي هو بمثابة عقاب للمواطنين خصوصا هؤلاءالذين تتم مصادرة أراضيهم وبيوتهم بشكل دائم.
الجدير ذكره أن القانون الدولي الإنساني يمنع العقاب الجماعي. تنص معاهدة جنيف الرابعة التي وقعت عليها إسرائيل على منع تدمير الممتلكات في الأراضي المحتلة «المادة 53». تدمير الممتلكات هو عقاب جماعي تمنعه أيضا المادة «33» من معاهدة جنيف الرابعة ويعتبر أيضا عقاب خارج نطاق القضاء وتدخلا في الممتلكات والبيوت.
الاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية
تنص الاتفاقية المرحلية حول الضفة الغربية وقطاع غزة «أوسلو 2» الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في 28 أيلول «سبتمبر» 1995 على منع أي من الأطراف من اتخاذ أي خطوة تغير من وضع الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تترتب عليه محادثات الوضع النهائي وتنص الاتفاقية أيضا على اعتبار الضفة الغربية وقطاع غزة منطقة موحدة يحافظ على سيادتها خلال الفترة الانتقالية.
الجدار الأمني شكل من أشكال التمييز العنصري:
ما يسمى بالجدار الأمني الإسرائيلي هو أحد أشكال التمييز العنصري المتجذر في نظام التمييز العنصري والاستعمار في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تعرف معاهدة التمييز العنصري هذا التمييز على أنه جريمة ضد الإنسانية تعاقب عليها الدول الأطراف من خلال محكمة دولية خاصة ينشئونها ويأتي هذا التعريف بالمعنى الواسع ليشمل البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف والنظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية «1998» والمعاهدة الدولية ضد جريمةالتفرقة العنصرية «1973».
تعرف هذه الاتفاقيات والمعاهدات التفرقة العنصرية على أنها نظام مؤسسي قائم على التفرقة العنصرية من أجل ضمان سيطرة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى وقمعها. تنطبق عناصر هذا التعريف على السياسات والإجراءات الإسرائيلية ومنها انتهاك حق الحياة والحرية الشخصية. القتل. التسبب في أذى جسدي أو عقلي.
التعذيب المعاملة المهينة الاعتقال التعسفي تطبيق إجراءات تهدف إلى تدمير شعب.سواء كان ذلك بشكل كامل أو جزئي تطبيق إجراءات تمنع من مشاركة شعب في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية وانتهاك حقوقهم الإنسانية الأساسية. مثل حق التعليم والعمل والعودة والتعبير عن الرأي وتشمل الإجراءات إجراءات تشريعية تهدف إلى خلق تفرقة عنصرية بين شعبين ومنع التزاوج بينهما ومصادرة الأراضي والممتلكات واستغلال القوى العاملة ومحاكمة ومعاقبة الأفراد الذين يعارضون هذه التفرقة.
يهدف ما يسمى بالجدار الأمني الإسرائيلي إلى تقسيم السكان على أساس عرقي وفصل المواطنين الفلسطينيين عن بعضهم وإعاقة حركتهم من خلال فرض حظر التجول والإغلاق ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي والممتلكات الفلسطينية التي تعتبرمصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات الفلسطينية كما أن الأفراد المحبوسين بين ما يسمى بالجدار الأمني وإسرائيل من جهة والضفة الغربية من الجهة الأخرى هم من الفلسطينيين فقط مما يؤكد على وجود دافع عنصري وراء اختيار موقع الجدار وإن استخدام أفضل الأراضي الزراعية الفلسطينية موقعا لبنائه يخلق «كانتونات» صغيرة بينه والضفة الغربية وإسرائيل وتحرم هذه «الكانتونات» المواطنين الفلسطينيين من الأرض والمصادر الأخرى.
فعلى سبيل المثال تم خلق «كانتون» في قلقيلية من أجل توفير حاجات مجموعة صغيرة من المستوطنين اليهود غير القانونيين الذين سيسكنون فوق أراض مصادرة بشكل غير قانوني على حساب حرية وحياة المواطنين الفلسطينيين. سيمنع الجدارالأمني حركة الفلسطينيين ولكن حركة المستوطنين اليهود الذين يعيشون في مستعمرات غير قانونية على أرض الضفة الغربية لن تتأثر وبالتالي فإن الجدار الأمني عمليا يعمل على فصل مجموعتين عرقيتين مع نتائج مدمرة تصيب مجموعة واحدة وهي الفلسطينيين.
إن الجدار الأمني يفصل أيضا بين عائلات وتجمعات فلسطينية ويعيق ويمنع تحركاتهم لأنه يعزز من نظام السيطرة على الحركة من خلال وضع نظام تصاريح خاص يتيح المجال للفلسطينيين المحبوسين بينه وبين إسرائيل والضفة الغربية للتحرك.الجدار الأمني الذي تبنيه إسرائيل لا يعطي أي اهتمام لحياة الفلسطينيين وأراضيهم ومياههم ويعكس رغبة إسرائيل في مصادرة الأراضي ومصادر المياه بطرق غير قانونية.لقد فشلت المحكمة العليا الإسرائيلية في إقناع الحكومة الإسرائيلية بالالتزام بالواجبات التي يفرضها عليها القانون الدولي وبالتالي إطلاق يد الجيش الإسرائيلي في مصادرة الأراضي بطرق غير قانونية. وقوبل حشر مئات آلاف من الفلسطينيين بصمت إسرائيلي ودولي. هناك ميزتان أساسيتان لهذا الجدار الأمني وهما حشرمجموعة عرقية واحدة ومصادرة أراضي ومصادر مياه تخص نفس المجموعة وهذه هي التفرقة العنصرية بحد ذاتها وهي انتهاك لمعاهدة جنيف الرابعة والاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved