«سعودة» وظائف سائقي الأجرة
يوسف بن محمد الضبيعي

على الرغم من أن موضوع السعودة في المجتمع مازال يشغل اهتمام القيادة وكثير من أبناء الوطن، إلا أنه حديث ذو شجون متاح للجميع أن يدلي كل بدلوه من مسؤولين وإعلاميين واقتصاديين ومواطنين للوصول إلى أيسر السبل لتوفير أكبر قدر ممكن من الفرص المتاحة للمواطنين في ظل وجود العمالة الوافدة التي يقدر عددها بستة ملايين. فبعد صدور الأمر السامي الكريم مؤخراً والقاضي بسعودة مهنة سائقي الأجرة بالمملكة وحصر العمل فيها على المواطنين تجاذبت الحديث مع أحد المسؤولين السابقين ممن كان لهم باع طويل بشؤون العمالة والسعودة في البلاد، حيث أثنى على هذا الأمر مؤكداً أنه جاء في الوقت المناسب لخلق آلاف من الفرص للمواطنين وإن هذا القرار امتداد للقرارات السابقة الخاصة بسعودة بعض المهن... إلا أني علقت على رأيه وقلت له .. أليس من المناسب لو كان تطبيق هذا القرار جاء وفقاً لمبدأ التدرج.. بمعنى يعطى أصحاب تلك الشركات فرصة مثل تحديد أن تكون نسبة السعودة لديهم 20% بعد سنة من صدور القرار ثم 30% بعد سنتين ثم 50% بعد السنة الثالثة وهكذا أو وفقاً لأي نسبة تراها الجهة المختصة حتى لا تتعطل حركة النقل الخاص بشكل مفاجئ وكذلك دفع الضرر الذي قد يلحق بالشركات التي تفاجأت بمثل هذا القرار.. فعلق المسؤول برأيه ودرايته بهذه المهن فقال.. مهنة الأجرة في المملكة تختلف عن كثير من المهن وليس من الضروري تطبيق مبدأ النسب فيها لأن كثيراً من المواطنين يعملون بها ويعرفونها ومن مختلف الأعمار ومتى أتيحت لهم الفرصة بالدخول بها دون منافسة من العمالة الوافدة في تلك الشركات فإنها ستستقطب عدداً كبيراً منهم، لأن المعروف لدى الجميع أن سائق «الليموزين» الوافد كان ملتزما لشركته بدفع مبلغ يقدر بنحو مائة وخمسين ريالاً يومياً - ربما أكثر أو أقل- غير دخل السائق نفسه. والميزة الأخرى بهذه المهنة أن عملها حر ومادام أن هناك فائدة من العمل فسوف يظل المواطن يعمل دون كلل أو ملل بخلاف الوظيفة في متجر أو مكتب بدخل ثابت لا يتغير، إضافة إلى أن المواطن يكون حر نفسه في هذا العمل متى ما رغب عمل ومتى ما رغب أخذ وقت كاف لراحته. فهمت من حديثه ولسان حال هذا المسؤول في حواري معه أن هذه المهنة على قدر ما تعمل بها تعود عليك بالفائدة أو المكسب المادي ومن ثم فإن هذا القرار لن يعطل أو يشل حركة هذه المهنة كما يتبادر إلى الذهن. إن صدور هذا الأمر الكريم بسعودة هذا القطاع لاشك أنه رسالة للقطاعات الأخرى وتأكيد جدية واهتمام الدولة وأجهزتها المختلفة وبخلق أكبر قدر من الفرص للمواطنين.
ولتؤكد مرة أخرى أنه ليس هناك بطالة بمفهومها الاقتصادي ولكن يبقى الوجه الآخر للعملة هو القطاع الخاص، والذي عليه أن يتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع ويستعد للتفاعل الإيجابي مع هذه القرارات لا أن يطالب بمهل مختلفة لتطبيق تلك القرارات بحجة وقوع الضرر عليهم فكفى عليهم ذلك. وأن تكون لديهم القناعة التامة لسعودة كل ما هو ممكن وأن الدولة جادة وسائرة في هذا الاتجاه.