Monday 9th December,200211029العددالأثنين 5 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الأطفال.. وفقراء الداخل وتبرعاتنا!! الأطفال.. وفقراء الداخل وتبرعاتنا!!
تركي بن منصور التركي

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان في الصيام والقيام والصدقة، وقدوتنا وحبيبنا عليه أفضل الصلاة والسلام كان يحثنا دائما على تلمس حاجات المحتاجين والتقرب الى الله عز وجل باعطائهم مما رزقنا الله وأنعم به علينا، ولنا في ذلك عظيم الأجر.
هذه الخيرية في البذل والعطاء والتصدق على الفقراء والمحتاجين كانت من أقوى عوامل النصر والدعوة إلى الله تعالى حينما تقترن الحسنة بالدعوة الى الله والترغيب في شرائع هذا الدين الحنيف، واقتداء بسيرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في رمضان وحبه لبذل الخير، تتسابق عدد من الجمعيات الخيرية في هذا البلد على تلمس حاجات المسلمين هنا في هذه البلاد وغيرها من بلدان المسلمين، وتجتهد اكثر ما تكون في هذا الشهر الفضيل وذلك لأنها تلمس حرص ورغبة المحسنين هنا في الانفاق والتصدق في هذه الايام المباركة، وتتسابق من هذا المنطلق الجمعيات على كسب ما يجود به المنفقون رغبة في نيل الاجر (الدال على الخير كفاعله) وتذليلا للصعاب التي قد تواجه المنفقين في البحث عن المستحقين للصدقات أو الزكاة. وهذا الحرص المحمود من قبل الجمعيات التي تنتشر فروعها ومكاتبها في غالبية مدن مملكتنا الحبيبة سواء التي تتوجه بتبرعاتها للمحتاجين في الداخل أو في الخارج لمست عليها بعض الملاحظات التي أشعر أنها تؤثر بصورة أو بأخرى على عمل تلك الجمعيات وربما ان لها نتائج سلبية سواء في الوقت الراهن أو المستقبل، ولعلي أوجز هذه الملاحظات بالنقاط التالية:
- تسابق الجمعيات قبل بدء موسم هذا الشهر الفضيل الى طباعة (كوبونات) تبرعات تحوي قيمة المجال الذي سيصرف فيه التبرع، ثم توزع على آخرين يبحثون عن الأجر أيضا في المساهمة في توزيع هذه الأوراق، لكن الملاحظ على هذه الطريقة انها اصبحت منتشرة وبشكل كبير وعلى نطاقات واسعة، سواء في المدرسة أو في اللقاءات الاجتماعية أو المساجد، ويقابلك وأنت خارج من مسجد أكثر من شبل يحمل بين يديه دفتراً لجمع التبرعات، وهنا أقف عند مسألة من الذي يمنح هذه الكوبونات ليقوم بجمع التبرعات؟ شاهدت أطفالا في السابعة والثامنة وهم يحملونها ويقفون هنا وهناك (يسألون) المارة والمصلين ان يتبرعوا، ورغم ان لهذا الفعل جانباً إيجابياً وهو تعويد للأطفال على القيام بأعمال البر التطوعية، لكن لها جوانب أخرى غير ذلك منها مثلا تعويده على (السؤال) والالحاح فيه وهو ما قد يكسبه عادات سلبية في قادم أيامه، كذلك منح الطفل هذه الدفاتر وما تحمله من مبالغ قد توقع أسرته في اشكالات غير محسوبة خاصة ان كانت من ذات الدخل المتوسط، فهناك من لاحظت أسرته عليه شراءه للعب ومقتنيات ولم تكن تعلم عن مصدر هذه المبالغ، وآخرون أضاعوا هذه الدفاتر ووقعت أسرهم في اشكالية سداد ثمنها، وهنا يبقى الدور في تنظيم هذه المسألة من خلال المدارس ذاتها، بأن تحدد من هم الذين ينبغي أن يمنحوا هذه الدفاتر، وأين ينبغي عليه ان يجمع التبرعات وبالامكان ان يكون ذلك ضمن الانشطة اللامنهجية للمدارس وفي جمعيات التوعية الاسلامية مثلا، ولعل من له أبناء يدرسون في مراحل التعليم العام خاصة الابتدائي سيلمس أثر هذه المسألة، بل أن من يأتي لأخذ ابنه من مدرسته يفاجأ بعدد الطلاب الكبير الذين يحملون هذه الدفاتر.
النقطة الثانية تتعلق بتوعية الطلاب بأهمية التبرع، وأين ستصرف هذه التبرعات، فكثيرون منهم يفعلون ويبادرون وهم لا يعلمون سبب هذا العمل الذي يقومون به، فلو تم استغلال مثل هذه المناسبات لتبصير الطلاب بواقع المسلمين وحاجتهم وما يتعرضون له من صعوبات معيشية وبالامكان الاستعانة في ذلك بأشرطة عرض بالتعاون مع الجمعيات الخيرية ذاتها، وبالامكان وبدلا من منح كل طالب دفتراً لجمع التبرعات ان يقام يوم من ايام الشهر الفضيل وحاجتها للدعم، بحيث لاتتكرر أكثر من جمعية في المدرسة الواحدة وهذا بالامكان ان يتم بالتنسيق مع إدارات التعليم المعنية في المناطق.
- النقطة الثالثة هي ما لا حظته ولا حظه كثيرون بتميز احدى الجمعيات الخيرية الكبرى في نشر (كوبوناتها) وتوزيعها على نطاق واسع وكبير، سواء فيما يتعلق بمشاريع افطار صائم أو مشاريع دعوية، حيث انها تتوجه في معوناتها وجهدها الى المسلمين خارج هذه البلاد، والذين لهم علينا الحق الكبير بالوقوف معهم والتخفيف عنهم، خاصة وأن من هذه المشاريع الاغاثية ما يقترن بدعوة وتعليم، ولكني أرى في هذا المجال ان هناك مسلمين في هذه البلاد يحتاجون لهذه التبرعات، والوضع الذي عليه الناس هذه الأيام اختلف عن عشر سنوات سابقة وبالتالي وجد لدينا محتاجون وربما للقمة العيش كما هو في البلدان الاخرى نتيجة الانفجار السكاني وتراجع الاقتصاد العالمي، وأصبح مع هذا لزاما على هذه المؤسسات ان توجه جزءا من أعمالها ومشاريعها لمن هم في داخل البلد، رغم ان هناك من سيقول ان هناك جمعيات مخصصة لأبناء البلد، فأقول انها إما لن تستطيع ان تفي بحاجة الجميع، أو أنها ليست بقوة هذه الجمعيات الخارجية، ورأيي أن تخصص هذه الجمعيات نسبة معينة من تبرعاتها لمشاريع داخل هذا البلد، فمثلا وليس حصرا قضية مساعدة الشباب على الزواج أو تنفيذ مشاريع سكنية فيها مناطق معينة يكثر فيها الفقر والحاجة أو تنفيذ مشاريع ربحية تدر عوائد يستفاد منها بتوظيف الشباب والشابات وتوفير دخول كريمة لهم، أو غير ذلك مما يفيد المحتاجين في هذه البلاد.
ختاماً أسأل الله عز وجل أن يتقبل من المنفقين نفقاتهم ويجزي الساعين على ايصال الصدقات كل الخير ويسدد على طريق الخير خطاهم.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved