مدخل
عيد الغربة.. عيد (الجوال)!!
* لأول مرة في حياتي أعيش الثلث الأخير من رمضان وأول أيام العيد السعيد مغترباً.. بعيدا عن وطني الحبيب.. بعيدا عن أهلي وأحبابي وبناتي..
قرأت عن الغربة في الكتب والقصص وحتى الأشعار.. لكن الفارق كبير بين القراءة والمعايشة الفعلية.. فعلاً الغربة وحشة.. ومرة.. لكن العزاء لنا في أيامها (البطيئة.. المملة) أصوات من نحبهم ورسائلهم عبر الجوال والايميل وكذلك تصفح الإنترنت.. وقبل هذا.. وذاك الاخوة الذين نلتقي بهم خارج الوطن.. نعايشهم ونمالحهم ويصبح كل منا جزءا يكمل الآخر مهما اختلفت ألواننا وجنسياتنا.. والقلب الاجتماعي عادة يأنس بالمعاشرة.. وتظل رابطة اللغة والدين هي الأقوى.
***
* لعلني أتساءل كيف كان حال من يعيش الغربة بدون الجوال والإنترنت.. بالتأكيد إن غربتهم كانت أشد وأقسى وأكثر مرارة.
لكن الغريب أن بعض من يتنفسون داخل محيط وطني الحبيب يعانون غربة أشد وحشة وظلمة.. ناجمة إما عن الهروب من المجتمع وتفضيل الانزواء طلبا للوحدة والعزلة أو أن قسوة المجتمع وأفراده حرمهم نعمة التواصل مع الآخرين والشعور بالدفء والحنان.. إما بالنسيان أو التجاهل ولعل العقوق يجيء سببا رئيسا في هذا الجانب.
وهناك (ثلة) تكتفي ببطاقات المعايدة ورسائل الجوال دونما تكليف النفس بالحضور والتواصل الفعلي وهؤلاء وقفوا في منتصف الطريق.. وكأن أيام العيد أصبحت لديهم مجرد (روتين) وبروتوكلات جافة خالية من المعاني والمشاعر الصادقة..
***
* يقولون: (الغربة ما هي سفر لبعيد.. أو هم يوم جديد.. الغربة لما أعز الناس عنك يغيب).
وأقول بأن الغربة من واقع تجربة تتألف من الثلاثة مجتمعة..!!
| 
