كتب الأستاذ عبدالله بن بخيت في زاويته يارا في عدد الجزيرة 11020 وتاريخ 25 رمضان موضوعا بعنوان (الزار) وفي الحقيقة موضوعي هذا ليس تعقيباً على موضوع الأستاذ عبدالله بقدر ما هو تعقيب على عنوان الموضوع وتلك الظاهرة التي تستحق فعلاً النقاش وتبادل الآراء ووجهات النظر حولها.. أما فكرة الأستاذ عبدالله فقد تحدث فيها عن حلقته التي كتبها «طاش» وفشلت فشلاً ذريعاً كما هو الحال مع معظم حلقات ذلك العمل الذي أصبح مملاً في سنواته الأخيرة.. عموماً كما أسلفت سأتناول ظاهرة الزار وسأتحدث عنها كونها قضية تستحق الوقوف عندها كثيرا وما يهمنا معرفة أسبابها الحقيقية العلمية وكذلك الاجابة على سؤال مهم هو لماذا؟ فعلاً لماذا يحدث كل هذا في الزار؟ وقبل ذلك سأقوم من وجهة نظر شخصية جداً بتعريف كلمة الزار والتي اعتقد انها مشتقة من الفعل زار أو يزور ويقصد بها الجني الذي يتلبس ذلك الإنسان في اعتقاد ممارسيها لفترة قصيرة ولا يلبث ان يذهب بعدها ويعود الشخص إلى طبيعته الأولى أي انه زاره وذهب، أما المعنى الآخر الذي أراه فربما يأتي من الزير «الآلة الموسيقية» التي تستعمل في حفلات الزار ويكون لها دور فاعل في ذلك.. والله أعلم.
بعد هذا يجدر بنا ان نسأل لماذا يقوم ذلك الشخص «المزيور» ان جازت هذه التسمية بهذه الحركات العجيبة والرقصات الغريبة والخطيرة في أحيان كثيرة والتي ربما أودت بحياته ان لم تخلف جروحا دائمة وآلاماً مبرحة.. ولماذا تستمر هذه الحالة فقط لمدة زمنية محددة لا يلبث الشخص بعدها ان يعود كما كان عليه قبل الزار سواء بمفرده أو بمساعدة الآخرين وهناك سؤال مهم أيضاً وهو ما الذي يحدو بذلك الإنسان ان يفعل ذلك الأمر الذي ربما كان فيه خطورة عليه وعلى غيره.. وأيضاً نريد ان نعرف لماذا لحن معين ونغمة معينة حتى «يستنزل» ذلك الشخص عليها؟ ولماذا ليس أي لحن أو أية أغنية؟ هل هناك موقف حياتي لذلك الشخص مع هذا اللحن أو هذه الأغنية سواء أكان ذلك الموقف سلبياً أو ايجابياً مرتبط بهذه الأغنية أو «الشيلة» أثار وجدان وعاطفة ذلك الرجل وذكره بما مضى فعبّر عن ذلك بتلك الرقصات والانفعالات القوية؟ إذاً هل هذا الشيء انفعال وجداني ولكنه قوي؟ أم ان ذلك ساعة طرب ونشوة ممزوجة بالألم أو الفرح والسرور النفسي؟ أم ان هناك أشياء أخرى وهل يمكن ان تكون لواعج مكبوتة في داخل ذلك الإنسان خرجت على شكل تلك الافعال وعبر عنها بذلك للتنفيس والانبساط؟ لو سألت ذلك الشخص بعد ان يهدأ ويعود لطبيعته الأولى عما فعل هل يستطيع ان يتذكر ويجيبك؟ أم انه لن يتذكر شيئاً مما حدث.. فإذا تذكر إذاً هل هو في كامل وعيه عندما قام بذلك وإذا كان واعياً لماذا فعل ذلك الأمر والذي ربما يكون فيه خطورة كبيرة عليه؟ وإذا لم يتذكر فمعنى ذلك ان هناك خللاً فيه غير سوي وهذه مشكلة؟ وهل هو سلوك مرضي فعلا ام مرض نفسي أم غير ذلك فإذا كان سلوكاً أو مرضاً نفسياً لماذا لا يتجه ذلك الشخص للعلاج بمساعدتنا وإذا لم يكن كذلك فلماذا كل هذا الألم؟ أنا والعياذ بالله مثلكم لا أنكر وجود الجن أبداً فهذا مذكور في ديننا وعقيدتنا الإسلامية وقرآننا الكريم، ولكن إذا كان شيطانا فعلا فلماذا لا يتلبس الإنسان إلا في تلك الحفلات؟ بينما نرى ذلك الشخص في كامل قوته وعافيته النفسية والجسدية ربما سنين عديدة إذا لم يكن جميع عمره شريطة ألا يتعرض لمثل تلك المواقف.. وأخيراً يا ترى لماذا لا نشاهد تلك الأفعال في الحفلات الرسمية بالرغم من وجود ما يدعو إليها؟ فعلاً كل هذه أسئلة حائرة وملحة وتحتاج إلى إجابات شافية ووافية من قبل علمائنا ومشايخنا الأفاضل ورجال الطب النفسي.
ختاماً قرأت موضوعا قديما يقول بانه كان هناك أناس يطربون جداً لسماع الأغاني والمزامير وأصوات القينات ويبلغ بهم الطرب والنشوة إلى حد ان يتمرغوا في الأرض ويحثوا على أنفسهم التراب بل قد يموت البعض منهم من شدة الوجد؟!.
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي |