Sunday 8th December,200211028العددالأحد 4 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أُمِّيَّةُ العَصْر الحديث أُمِّيَّةُ العَصْر الحديث
عبدالله بن منور الجميلي /المدينة المنورة

تُعَرَّف الأُمِّيَّة سابقاً بأنها: الجهل بالقراءة والكتابة. ومجتمعنا في السابق كان فريسة سهلة لهذه الأمية، ولكن بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ثم بالدعم اللامحدود الذي قدمته الدولة - أعزها الله - لقطاع التعليم، ولاسيما تعليم الكبار رجالاً ونساءً لاح صباح العلم فأعلن ليل أمية القراءة والكتابة انسحابه.ولكن يبدو أن الأمية في عرف عصرنا الحاضر لها مظاهر مختلفة وصور متعددة لعل منها:
أولاً: الأمية الشرعية، فرغم تعدد وسائل التعليم ووسائطه في عصرنا اليوم وسهولة الوصول إليها؛ إلا أن هناك طائفة من المجتمع ما زالت تجهل ما هو معلوم من الدين بالضروة، وما لا يُعذر المسلم بجهله؛ إما لقلة الاطلاع، أو لعدم جديته، وما نوعية الأسئلة التي تطرح عبر برامج الإفتاء إلا خير شاهد على هذه الأمية.
ثانياً: كسل المجتمع واعتذاره بسجن الظروف في بحثه عن تحقيق الآمال والطموح على أرض الواقع. فانتشار تفسير الأحلام، واتساع القاعدة الجماهيرية لها؛ إنما هو شكل من أشكال الأمية الحديثة التي يفر المجتمع بها عن واقع يحتاج إلى بذل المجهود بحثاً عن أمل مفقود يكذبه حُلم عابر.
ثالثاً: خضوع بعض الشباب وانقيادهم أتباعاً؛ لقشور الثقافة والحضارة الوافدة، فهؤلاء الأميون تناسوا جذور قيمهم ومسلمات دينهم ومجتمعهم، وتركوا الفوائد المنثورة لهذه الحضارة أو تلك الثقافة، وأخذوا يقلدون الآخر في لباسه، وظاهره الخَلقي والخُلقي الذي قد يتنافى مع ثوابتنا الدينية والاجتماعية، فهؤلاء انقادوا ورواء مكامن الشهوات في نفوسهم التي طغت بنيرانها المهيِّجة على صفاء الدين والعقل.
هؤلاء الأميون أصابهم العمى عن الهدف الأسمى من التقنيات الحديثة، فتسابقوا وراء إكسسواراتها الخارجية. ولا شك أن انتشار الإعلانات في صحفنا المحلية عن نغمات الجوال يعد صفعة على وجه مجتمع يدعي محو الأمية.
رابعاً: الموظف الذي يؤدي عمله تفضلاً، لا واجباً، لا شك أنه قد ارتدى ثوب الأمية، فهذا الأعمى لو أبصر قلبه لعلم أن المراجع هو صاحب الفضل عليه، فلولاه ولولا معاملته، لما وجدت الوظيفة التي يقبع خلف مكتبها بوجهه الكئيب الذي يشبه بمحياه المتضجر وجه البليد من طلابنا صباح يوم السبت.
خامساً: ومن مظاهر الأمية المعاصرة بحث المجتمع عن الكماليات، خضوعاً لعرف التقليد بغض النظر عن الحاجة أو القدرات المالية، وانتشار التقسيط بصمة إبهام على صحة هذا الواقع.
سادساً: السلطان الخفي للأمية الجديدة الذي يجعل المجتمع يتلبس بأمور يرفضها الدين أولاً، ثم العقل والمنطق السليمان. كمخالفة أنظمة الإقامة وأنظمة المرور وغيرها، فالحملات التوعوية التي تقوم بها الجهات المختصة بما تكلفه من جهد ومال؛ نحن في غنى عنها لو أيقظنا الفكر من سبات الأمية.إن صور الأمية في هذا العصر متعددة وقائمتها طويلة، والقضاء عليها ينبوعه الصافي الفرد. فلو أن كل فرد في المجتمع أقام لنفسه مدرسة يمحو بها مظاهر الأمية من شخصيته لأصبح مجتمعنا قادراً على إعادة التاريخ وصناعة الحضارة المفقودة.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved