د. إبراهيم بن عبدالله المطلق/ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
أمر الله عز وجل بوحدة الصف والاعتصام بحبل الله تعالى ونبذ الخلاف والتفرق فقال جل وعلا: {وّاعًتّصٌمٍوا بٌحّبًلٌ اللَّهٌ جّمٌيعْا وّلا تّفّرَّقٍوا وّاذًكٍرٍوا نٌعًمّتّ اللَّهٌ عّلّيًكٍمً إذً كٍنتٍمً أّعًدّاءْ فّأّلَّفّ بّيًنّ قٍلٍوبٌكٍمً فّأّصًبّحًتٍم بٌنٌعًمّتٌهٌ إخًوّانْا}
وبين سبحانه أن التفرق والاختلاف سبب في الفشل وذهاب الريح وفيه استعلاء للخصم فقال عز من قائل: {وّلا تّنّازّعٍوا فّتّفًشّلٍوا وّتّذًهّبّ رٌيحٍكٍمً} وقد حث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على وحدة الكلمة ووحدة الصف ولزوم الجماعة فثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله:
(وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار)
وأمر صلى الله عليه وسلم بقتل كل من حاول شق العصا وتفريق الصف وترك الجماعة ولا شك أن الأمة بحاجة إلى الوقوف عند هذه النصوص العظيمة وفقهها والعمل بها ونبذ الأفكار الوافدة التي ملأ قلوب أصحابها الحقد والحسد بما ينعم به هذا المجتمع راع ورعية من أمن وطمأنينة ورغد عيش وسلامة معتقد ووحدة صف إن هذا المجتمع قد تميز عن غيره من المجتمعات بوعي أفراده وفطنتهم وإدراكهم لما فيه مصلحتهم ونجاتهم لذلك اختار الله عز وجل مجتمع العرب وخاصة مجتمع الجزيرة ليكون مقراً لآخر رسالته ومهبطاً لوحيه ومنطلقاً لهداية البشرية جمعاء.
وقد عرف هذا المجتمع على مر التاريخ بهذه الصفات النبيلة والأخلاق السامية فوقفوا مع الحق والتفوا حوله منذ بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وموقفهم من دعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله والتفافهم حوله ونصرتهم لدعوته بدءاً بالإمام محمد بن سعود رحمه الله وانتهاءً بكل من أيد هذه الدعوة وساهم في لم الشمل وجمع الكلمة ووحدة الصف من أئمة الدعوة وغيرهم.
وقد تضافرت جهود أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم في محاولة غرس بذور الفرقة والشقاق والنزاع والاختلاف بين أفراد هذا المجتمع وعلى جميع المستويات ولكن {وّيّمًكٍرٍونّ وّيّمًكٍرٍ اللَّهٍ وّاللَّهٍ خّيًرٍ المّاكٌرٌينّ}
بذلوا جهوداً جبارة في تسميم عدد من أبناء جلدتنا ممن سافر إلى بلدانهم لمواصلة التحصيل العلمي والحصول على شهادات وخبرة في بعض التخصصات النادرة
ولما لم يجد ذلك شيئاً ولم يصلوا إلى بغيتهم الماكرة سخروا وسائل اعلامهم وسلطوا أقلامهم وألسنتهم في محاولة النيل من كرامة هذا البلد والطعن في أفكار أهله ومناهجهم وتعليمهم وسلوكهم.. واتهامهم بمناصرة الإرهاب وتأييده ودعمه.
يا سبحان الله لم يسطر التاريخ موقفا عدائيا واحدا من المسلمين تجاه الأمم الأخرى بل لقد كان لحسن تعامل المسلمين مع غيرهم من أهل الديانات الأخرى أثر كبير في اعتناق الكثير من أولئك دين الإسلام ومحبتهم لأهله.
من الأدلة على ذلك موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلكم الغلام اليهودي الذي كان يخدمه حيث أدى حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وحسن تعامله معه إلى هدايته واعتناقه الإسلام
وهكذا كان هدي السلف الصالح ومن تبعهم وسار على هديهم من الخلف طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما يفعله أصحاب الديانات الأخرى بالمسلمين إذا كانت لهم الدائرة فمحاكم التفتيش في الأندلس والتي كان المسلمون يعذبون فيها تحت الأرض بصنوف العذاب دون ذنب أو جريرة إلا أنهم مسلمون والتي يقتل فيها كل من تلفظ بلفظ الجلالة وما يفعله اليهود اليوم بالمسلمين الأبرياء العزل في فلسطين ليس من الإرهاب في شيء.
إنني من خلال هذه الأسطر أدعو أبناء هذا المجتمع المسلم بصفة عامة وأبناء كل مجتمع مسلم بصفة خاصة وأبناء هذا البلد بضرورة وحدة الرأي والكلمة والصف ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم وإضاعة الفرصة على أعداء الإسلام جميعاً بالوصول إلى هدفهم الآثم فديننا واحد ودماؤنا غالية وأعراضنا مصونة ولله الحمد.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ورزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع مجيب وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
|