عادت رحى الفواجع تدور جَرَّاء الجريمة الإسرائيلية الجديدة التي راح ضحيتها عشرة شهداء بمخيم البريج، وبهذه العودة تُصْدر حكومة إسرائيل صكاً جديداً باستمرار دائرة العنف الجهنمية والتي ستمتد بلهيبها الى الكل، بمن في ذلك مشعلو الفتن ومؤججو نيرانها.
الجريمة لم تكن مستغربة في سياق الأسلوب الإسرائيلي الدموي لحكومة الحرب التي يقودها شارون، لكن ما استفز المشاعر وزاد من آلام المأساة أن الجريمة جاءت هذه المرة في مناسبة إسلامية تسمو فيها روح التسامح وتعم مشاعر الإخاء والتعاضد، كما جاءت في وقت ينادي فيه الكل بحماية المدنيين الأبرياء من فواجع الحرب ومآسيها، لكن إسرائيل لم ترعوِ ولم تكترث، فكان معظم ضحايا عدوانها من المدنيين بمن فيهم موظفات بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، ووأدت القوة الغاشمة مشاعر الفرح والتسامح في قلوب الأسر المفجوعة في أيام عيد الفطر.
إن عشرات الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية التي اجتاحت مخيم البريج الفلسطيني فجر الجمعة.. والتي ارتكبت المجزرة في بشاعة وتجرد من كل المشاعر الإنسانية.. إنما تعطي ضوءاً أخضر لثأر مشروع لا يمكن السيطرة على جموحه، خصوصاً وأن غياب الرادع الدولي الحازم للعنجهية الإسرائيلية لم يعد أمراً خافياً، كما أن معايير الكيل بمكيالين باتت قناعةً يتسع مداها داخل الشارع العربي تجاه أي تحرُّك دولي فيما يخص القضية الفلسطينية.
إن مثل هذه الجرائم لا تضمدها مشاعر «الانزعاج الشديد» التي أبداها أمين الأمم المتحدة، ولا تخفف من جراحها عبارات اللوم للسلوك الإسرائيلي التي تتردد أصداؤها في أكثر من مكان، فالعلاج الناجع لهذه الجراحات الغائرة هو موقف دولي حازم يتبناه كبار العالم لإيقاف العدوان الإسرائيلي وإلزام تل أبيب بمواقف تعيد الأمور الى نصابها وتحقق طموحات الشعب الفلسطيني في أرضه ودولته واستقلالية قراره.
وحسناً فعل وزير الخارجية الدنماركي الذي تتولى بلاده حالياً رئاسة الاتحاد الأوروبي حين قال معلقاً على المجزرة: «ينبغي أن نحرص في مكافحة الإرهاب على عدم إيقاظ شياطين سيتحتم علينا مكافحتها فيما بعد، وهذا يحصل حين نلجأ إلى مثل هذه الوسائل المفرطة.
|