* رفحاء منيف خضير:
السدرة الشجرة المباركة
ورد في لسان العرب السدر شجر النبق واحدتها سدرة وجمعها سدرات وسِدِرات وسِدَر وسُدُور.
وفي القاموس المحيط السدر شجر النبق. والنبق ثمر السدر ويقولون: نبق ونِبق ونَبق والواحدة نبقة قال الجوهري: نبقة ونَبق ونَبقات مثل كلمة وكلم وكلمات.
وقد ورد السدر في مراجع كثيرة في القرآن الكريم في أربع آيات قال تعالى: {وّبّدَّلًنّاهٍم بٌجّنَّتّيًهٌمً جّنَّتّيًنٌ ذّوّاتّيً أٍكٍلُ خّمًطُ وّأّثًلُ وّشّيًءُ مٌَن سٌدًرُ قّلٌيلُ }. وقال تعالى: {وّلّقّدً رّآهٍ نّزًلّةْ أٍخًرّى". عٌندّ سٌدًرّةٌ المٍنتّهّى". عٌندّهّا جّنَّةٍ المّأًوّى"} الخ.
ووردت كلمة سدرة مفردة كانت أم جمعاً في العديد من أشعار العرب وارتبطت في أشعارهم بذكر ديار المحبوبة حيث ذكر ان محبوبته تقيم في موضع ذي سدر:
هل رام أم لم ذو السدر فالثلم ذاك الهوى منك لا دان ولا أمم |
والسدر من لوازم الموت كما ذكر أبو العتاهية:
يا يوم يوم السدر والكافور يا يوم يوم الكفن المنشور |
والسدر منجاة من الهلاك في قصة المثل العربي عند الصباح يحمد القوم السرى، ويقولون لا هلاك مع السدر حيث ورد في المثل «لا هلك بوادي خبر» أي بواد ذي شجر من النبق وغيره.
وورد السدر أيضا في حديث الإسراء «.. ثم رفعت إلى سدرة المنتهى». وقد ورد أن قطع السدرة حرام، وهذا إشارة للحديث النبوي الذي يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم «من قطع سدرة صوب الله رأسه إلى النار». وقيل المراد سدر المدينة وقال بعضهم سدر الفلاة.
والسدر تنتشر في صحراء محافظة رفحاء ويقصده الأطفال للاستمتاع بثمرة النبق، وخصوصاً في هذه الأيام وسط الأجواء الباردة والممتعة في إجازة عيد الفطر المبارك.
«الجزيرة» زارت منتزهات المحافظة والتقت بعدد من المختصين والأطفال والمواطنين ليلقوا الضوء على هذه الشجرة المباركة فإلى البدايات:
النبق لمعالجة الإمساك
يقول د. سيد جواد «تخصص نبابات» عن النبق: نبات معروف من فصيلة البندقيات وهو ثمر شجر السدر، عرف في الشرق العربي منذ أقدم العصور وشجر النبق يعمر طويلا وأخشابه سريعة التلف، ولذلك تجفف وتعطن في الماء المالح قبل استعمالها. وقد ذكر السدر في القرآن أربع مرات، والنبق يحتوي على جلوكسيدات أنتراكيتونية، ومواد صمغية، ولعاب نباتي ومواد عفصية وحمض كريزوفانيك. ويستعمل لمعالجة الإمساك المزمن، وما ينتج عنه من اضطرابات كضعف الدم وخفقات القلب وآلام البطن، وذلك يشرب منقوع لحاء الأشجار التي يتجاوز عمرها 3 4 سنوات، وذلك بعد تجفيفه وتخزينه لمدة سنة أو سنتين. ويمكن عمل منقوع لحاء السدر مع ملعقة كبيرة من اللحاء في نصف لتر ماء لمدة 12 ساعة ويشرب منه فنجان في الصباح وفنجان ثان في المساء.
السدر موطنه الأصلي بلاد العرب وللشجرة احترام كبير وتقدير لأهالي الجزيرة العربية هكذا تحدث عن السدر المواطن سعود السالمي قائلا:
في نزهاتنا البرية نقف عند السدر ونستظل بظله، والأطفال يجنون ثمره ولا مانع أن نستفيد مما جاء من فوائده الطبية. والسدر بحسب ما قرأت عنه معروف منذ آلاف السنين وهو من أشجار الجنة. وقد ورد السدر كما يقال في كتب الطب المصري القديمة وكان من ضمن العقاقير التي تستخدم في التحنيط. ويقال ان السدر يعمر حتى مائة عام. ويقال ان له فوائد طبية كثيرة.
بهاء الكتبي يعمل في العطارة يقول: السدر له فوائد طبية عظيمة حيث انه إذا غلي وشرب قتل الديدان وفتح السدود ويزيل الغازات ونشارته تزيل الطحال وقروح الأحشاء والبري أفضل من المستنبت، ومسحوق أوراقه يعمل على لحم الجروح وينظف الأوساخ.
مفيد للبشرة والشعر
ويضيف العطار بهاء: السدر ينقي البشرة وينعمها ويشدد الشعر، ونواة وثمرة «النبق» اذا طحن يساعد في جبر الكسر، والنبق مفيد للمعدة، وأكله جافاً يفتح الشهية، وهو مفيد للامساك والنبق الحلو يسهل المرة الصفراء المجتمعة في المعدة.
وعن أجود أنواع السدر الأخضر أجود الأنواع العريض الورق، دخانه شديد القبض وصمغه يذهب الحرارة ويحمر الشعر والورق ينقي الأمعاء والبشرة ويقويها. ويقولون ان الثمرة تؤكل بالكامل بما في ذلك النواه وبعض القبائل تطحن هذه الثمار وتعمل منها أكلة تشبه الجريش.
أحد المواطنين سلطان محمد السماري «معلم» يقول عن نزهته البرية: فعلا السدر شجرة مباركة ومفيدة ومرتبطة بماضينا وحاضرنا حيث عرفنا السدر ونحن صغار واليوم يراه أولادنا ويستمر ذات التعلق والحب، وسمعت من كبار السن لدينا ان الخلاصات المحضرة وقشوره وجذوره وساقه تستعمل علاجاً من الحمى، واضطرابات المعدة والتهابات الحلق، والقصبة الهوائية، والأهالي هنا يستخدمون السدر في علاج كثير من الأمراض مثل استعمال القلف والثمار الطازجة في علاج الجروح والأمراض الجلدية، وثماره تستخدم في علاج الدسنتاريا وأوراقه تستخدم للتخلص من الديدان الحلقية، وأوراقه إلى الآن تستخدم في المملكة لغسيل الشعر فهو يقضي على القشرة ويلمع الشعر.
النبق حلوى العيد
عدد من الأطفال يلهون بمرح في إحدى رياض السدر برفحاء ويجنون ثمار النبق..
عبدالكريم الشمري «في الصف الخامس» يقول: أستغل الفرصة كلما ذهب بنا والدنا الى البر لجمع أكبر عدد ممكن من ثمار النبق، فهي لذيذة وممتعة خصوصا اذا كانت حمراء مستديرة وممتلئة، ولا يساويها شيء في لذتها من الحلويات ولا غيرها، وأنا أجمع مع إخواني وأخواتي الكثير منها عبر أكياس «النايلون»، ونأكل منها بقية الأيام التي لا نذهب فيها الى البر.
محمد السماري «طالب في الصف الثالث» يقول: نعم أحب النبق، ووالدي ووالدتي يقولان لي باستمرار انه مفيد ومغذ، وينظف المعدة لذلك نأكله لتستمتع بطعمه اللذيذ وبفوائده الصحية، ونتسابق أنا وإخوتي الى جمع أكبر كمية ممكنة منه والنبق يحبه الصغار والكبار، وحتى إخواني الكبار يأكلون منه لأنه لذيذ وممتع.
جمعنا اليوم عشرة أكياس من ثمار النبق هكذا علّق بفرح الطفل وليد الدويرة قائلا: كلما زارنا أهلنا في رفحاء لقضاء العيد نتسابق في الرحلات البرية لجمع النبق، وأكله وأخذه معنا الى أصدقائنا وأهلنا وهو لذيذ ومفيد ونافع ووالدي يقول لي أن النبق الموجود في السدرة أفضل من المتساقط على الأرض.
نهديه للأصدقاء
ريان شفق «في الصف الأول» يقول: نعم أحب النبق ولكن أن أجمعه أيضا لأهديه لأصدقائي وزملائي في المدرسة، وأهديه أيضا لأستاذي القدير الأستاذ فوزي مقبل الشمري لأن النبق أفضل هدية طبيعية حيث يحبه الكبار والصغار.
مشعل الدويرة يرى أن النبق أفضل هدية للأصدقاء ويضيف: في العيد غالبا نزور أهلنا في حائل أو في محافظة رفحاء، ونقضي بعض الأيام في الرحلات الخلوية فنتنزه في رياص السدر الجميلة في رفحاء، وأنا أجمع السدر لأهديه الى أصدقائي وأقاربي في الرياض اذا عدنا مع بداية الدراسة، حيث يفرحون بهذه الهدية فرحاً شديداً ولكن أنصح أصدقائي بالحذر أثناء جني الثمار لأن الشوك كثير في السدر، وبعضه يتساقط تحت السدرة فيؤذي الأطفال الصغار.
يتفق مع هذه الفكرة الطفل عبدالعزيز الخضير «عزوز» حيث يقول: كثيرا ما ينكد الأطفال على أهاليهم فرحة العيد، وخصوصاً أثناء الرحلات البرية وسمعت ان أحد أبناء الجيران دخلت شوكة كبيرة في رجله أيام العيد الماضي وذهب به أهله الى المستشفى بعد ان كانوا مستمتعين برحلتهم البرية. فالحذر الحذر من الأشواك في أشجار السدر لأنها مؤذية وألمها ينسينا فرحة لقاء النبق وجنيه!!.
|