Sunday 8th December,200211028العددالأحد 4 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في تقرير الاونكتاد بعنوان التجارة والتنمية: في تقرير الاونكتاد بعنوان التجارة والتنمية:
البنوك العالمية تحصل على 20 مليار دولار سنوياً من الأسواق الناشئة

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبدالله الحصري:
بدلا من التركيز على الاجراءات الواجب اتخاذها على الصعيد الدولي لمعالجة حالة عدم الاستقرار في البنية المالية الدولية أولت عملية الاصلاح أهمية خاصة للإجراءات التي يتعين اتخاذها على الصعيد المحلي وحتى في هذا المجال نجد ان هذه الإجراءات قد أخفقت في تبني منهجية منصفة توازن بين مصالح الدول الدائنة والمدينة وذلك وفقا لتقرير الاونكتاد الذي صدر مؤخرا بعنوان تقرير التجار والتنمية.
ويقدم التقرير مقترحات بديلة لتحقيق معاملة متوازنة بين الدول المدينة والدائنة بما في ذلك تخفيف الالتزامات المفروضة على الدول المدينة مناديا بشرطية أقل مغالاة والنهوض بفاعلية الإجراءات المتعددة الأطراف المعتمدة حاليا لمراقبة السياسات الاقتصادية الكلية للدول الصناعية الى جانب تبني سياسات أكثر جرأة لترسيخ استقرار المخزون العالمي من احتياطي العملات الصعبة كما يدعو التقرير إلى ان تصاحب عملية اشتراك الدول الدائنة في معالجة الازمات المالية وتجميد برامج سداد الديون المفروضة على الدول المدينة.
وركزت الإصلاحات منذ نشوب الأزمة المالية الاسيوية بشكل أساسي على ضبط الأداء الاقتصادي للدول المدينة وتعزيز قدراتها على تجنب الوقوع في ازمات مالية من خلال توفير آليات الدفاع المناسبة حيث دعيت الدول الى تحقيق نتائج أفضل في مجال إدارة المخاطر من خلال تبني معايير مالية ومدونات سلوك صارمة وتعزيز المخزون الاحتياطي من العملات الصعبة والتوصل إلى ترتيبات طوعية لإشراك الجهات الدائنة من القطاع الخاص في معالجة الأزمات وذلك كما ورد في تقرير الاونكتاد المذكور.
ويوضح التقرير انه على الرغم من فعالية بعض البرامج التصحيحية المطبقة إلا أنها تفترض أن الاسباب التي تقف وراء الأزمة تتعلق بشكل أساسي بالسياسات والأطر المؤسساتية والسياسات المطبقة في الدول الدائنة والتي تلعب هي الاخرى دوراً في نشوب الازمات المالية فيما تبقى عدد من القضايا التي تهم الدول النامية خارج نطاق البحث.
ولا تعكس هذه المفارقات معوقات فنية بقدر ما تنم على مجموعة من المعوقات السياسية حيث ينوه التقرير بأن عملية الإصلاح تخضع بشكل أساسي لمصالح الدول المدينة ومن هنا تبرز ضرورة إعادة صياغة جدول الأعمال الخاص بالإصلاح لضمان مصداقية البرامج التصحيحية التي يجب ان تمنح الدول النامية فرصة للتأثير الجماعي في مسار عملية الإصلاح.
يستعرض التقرير المبادرات التي تم تبنيها مؤخرا لأغراض تطوير معايير الأداء ومدونات السلوك الخاصة بالقطاع المالي وكذلك تلك المتعلقة بالسياسات الاقتصادية وقوانين الإفصاح موضحا انه على الرغم من تحقيق هذه المبادرات تقدما ملموسا في مختلف المجالات الا انها تبقى غير قادرة على إزالة مخاطر نشوب أزمات مالية.
وينتقد التقرير ما يصفه بالمنهجية غير المتوازنة المعتمدة حاليا لكونها تصب اهتمامها على الإصلاحات المالية المطبقة في الدول المتلقية للتدفقات المالية وأغفلت تلك المعمول بها في الدول المصدرة لهذه التدفقات مؤكدا ضرورة تبني منهجية متوازنة تأخذ في الحسبان تباين احتياجات مختلف الأطراف والحاجة إلى إصلاحات تدريجية إلى جانب عدم إثقال كاهل الدول النامية بالإجراءت الإدارية وتجنب ربط هذه البرامج بشروط صندوق النقد الدولي.
* نظام أسعار الصرف العالمي
وإجابة عن سؤال مفاده: هل يمكن إعادة النظر في نظام أسعار الصرف العالمي؟ يرى التقرير أن تبنى معايير أداء وتقييم أفضل توفر حماية محدودة للدول المدينة في ظل غياب الإجراءات اللازمة للحد من التقلبات التي تصب تدفق رؤوس الاموال والناتجة من اختلالات في جانب العرض حيث تعود معظم الأزمات المالية التي شهدتها الاسواق الناشئة بشكل أساسي إلى التغييرات التي طرأت على أسعار صرف العملات والسياسات النقدية المطبقة في الدول الصناعية.
ووفقا للتقرير فإن المشكلة الرئيسية تكمن في إخفاق الأطراف المعنية في خلق نظام مستقر لتحديد أسعار الصرف عقب انهيار ترتيبات بريتون وودز وذلك في إشارة إلى حساسية الدول النامية إزاء تقلبات أسعار الصرف نظرا لاعتمادها الكبير على التجارة لتفعيل النمو وارتفاع حجم المديونية العامة، بينما تركزت الآراء حول معالجة هذا الوضع على إيجاد النظام الأمثل لتحديد أسعار الصرف وانقسمت بين تلك المؤكدة ضرورة قيام هذه الدول بتعويم عملاتها وتلك المؤكدة لربطها بالدولار الأمريكي.
ويقدم التقرير وجهة نظر مغايرة لهذا موضحا أن احتمال نشوب الأزمات المالية يبقى قائما في ظل النظامين، فمجلس العملات لا يقلل من احتمالية حدوث ازمات على صعيد تسديد الديون إلا من خلال زيادة احتمالية نشوب الأزمات في القطاع المصرفي بينما قد تتجاوز التكاليف المترتبة عن حماية الارتباط بالعملات الصعبة تلك التي تتكبدها الدول التي تمر بأزمة مالية نتيجة انهيار نظام الصرف المربوط بعملات صعبة ربطا قابلا للتعديل.
وحسب التقرير فإن المسألة تتعلق بوجوب وضع نظام صرف مستقر ومناسب للدول النامية في ظل التقلبات المتكررة التي يتعرض لها المخزون الاحتياطي العالمي من العملات الصعبة الرئيسة وعدم استقرار تدفق رؤوس الاموال على الصعيد العالمي.
* التدخل خلال الازمات
وفي الوقت الذي يدعو فيه التقرير إلى معالجة هذه المشكلة على الصعيد العالمي يشير إلى غياب هذه المسألة عن النقاش الذي يدور حاليا حول إصلاح البنية المالية الدولية ويقترح إعطاء أهمية خاصة لمجموعة من القضايا تتبنى الإجراءات المناسبة التي تفسح المجال لادخال تعديلات محددة مسبقا في إدارة المخزون العالمي من احتياطي العملات الصعبة الثلاث الرئيسة، على ان تكون هذه الاجراءات مدعومة بالتزام الدول بحماية هذه الاجراءات من خلال التدخل المدروس في الاسواق المالية القائم على التنسيق وسياسات اقتصادية كلية مشتركة وإنشاء نظام دولي فعال لمراقبة السياسات الاقتصادية المطبقة في الدول الصناعية مع الاخذ في الحسبان تأثيرها في الدول الفقيرة وتبني إجراءات مناسبة على الصعيد العالمي من شأنها ان تضمن توفير لآليات الحماية اللازمة للدول النامية من اوجه القصور البنوية وعدم الاستقرار إلا أن ذلك يتطلب اشتراك إحدى الدول الكبرى التي تتمتع بمخزون وفير من إحتياطي عملتها الصعبة والتدخل خلال الازمات وتحميل الجهات الدائنة الخاصة جزاء من المسؤولية والحد من منح القروض الجديدة في ظل غياب الآليات العالمية لضمان الاستقرار المالي حيث يشير التقرير إلى ان تعامل السياسة الدولية مع الازمة الأخيرة التي عصفت بالأسواق المالية الآسيوية لم يكن كما يجب ان يكون حيث تمثلت المشكلة في تبني سياسات تصحيحية تولي أهمية قصوى لتلبية احتياجات الدول المدينة والابقاء على حسابات جارية لرؤوس الاموال بدلا من التركيز على تمويل الواردات وحماية العملات من تأثير المضاربة.
* مسؤولية الجهات الدائنة من القطاع الخاص
ويوضح التقرير ان عمليات الإنقاذ الواسعة تحمل الجهات الدائنة من القطاع الخاص مسؤولية العواقب الناجمة عن المخاطر التي أقدمت على تحملها مما يضعف آليات تنظيم السوق الحرة.
وتشير التقديرات إلى ان البنوك العالمية حصلت على ما يزيد على 20 مليار دولار سنويا من الاسواق الناشئة على شكل علاوات مخاطر منذ مطلع الخسائر التي تكبدتها من عملياتها في الدول النامية حاجز 60 مليار دولار خلال الفترة المذكورة مما يعني تحمل قطاعي الأفراد والخاص من دافعي الضرائب في الدول المدينة العبء الأكبر من تكاليف خدمة الديون بسبب تحمل الحكومات مسؤولية سداد المديونية الخاصة.
وفي ظل صعوبة الاعتماد على عمليات إنقاذ القطاع الخاص لضمان استمرار النظام المالي العالمي- خاصة مع تنامي الشكوك في الدول الدائنة حول فعالية هذه العمليات- يقترح التقرير تجميداً مؤقتاً لبرامج خدمة الديون في الدول التي تمر بأزمات مالية للحد من الاصول وتمهيدا لوضع آلية أكثر توازنا لتسديد القروض.
* فرض قيود متشددة على منح القروض الجديدة
وفي الوقت الذي يشير فيه التقرير الى الدور المهم الذي تلعبه الآليات التطوعية في تسهيل إعادة هيكلية الديون مثل التدابير الجماعية المندرجة ضمن عقود السندات، يؤكد ان الوصول إلى استراتيجية أكثر مصداقية لإشراك القطاع الخاص في معالجة الأزمات يتطلب الجمع بين التجميد المؤقت لبرامج خدمة الديون وفرض قيود متشددة على منح القروض الجديدة من قبل صندوق النقد الدولي.. ويوضح انه على الرغم من ان التشريعات المحلية الخاصة بالأفراد توفر آليات ونماذج مناسبة لتطبيق هذه المنهجية الا انها لا تكفل بالضرورة توفير نموذج عالمي متوازن لمعالجة مشكلات المديونية.
* إعادة تقييم موارد صندوق النقد الدولي
ويقترح تقرير الأونكتاد تعديل البنود الخاصة باتفاقية صندوق النقد الدولي بما يمنح الدول الاعضاء التي تقرر تجميد خدمة المديونية بعض الحماية ضد المخاطر الناجمة من قيام الدول الدائنة باللجوء إلى القضاء واستحالة قيام صندوق النقد الدولي بإجازة ترتيبات بصفته جهة دائمة، وإنشاء هيئة مستقلة لتولي هذه المهمة، وفرض القيود على منح قروض جديدة لأغراض إدارة الازمات المالية، وتوفير التمويل اللازم لمواجهة التقلبات الدورية المحلية، والتمويل الطارىء للحساب الجاري وإعادة تقييم موارد صندوق النقد الدولي لأنها لا تجاري في نموها معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
ويؤكد التقرير انه على الرغم من تأكيد ضرورة إشراك القطاع الخاص في معالجة الأزمات يظل إقدام الحكومة على تحمل مسؤولية سداد المديونية الخاصة - والاسلوب المفضل لمعالجة الازمات لدى الدول التي بحكم اوضاعها الاقتصادية- يهدد الاستقرار المالي العالمي، وبما ان الهدف الرئيسي من توفير التمويل لمواجهة الازمات واحتمالات نشوبها يتمثل في تمكين الدول المدينة من تسديد التزاماتها تجاه الدول الدائنة دون تأخير فإنه من الصعب في ظل هذه المعطيات إشراك القطاع الخاص إشراكا فعالا في معالجة الازمات واقتسام الاعباء.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved