Sunday 8th December,200211028العددالأحد 4 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حوار بين القوى السياسية حول الإرهاب حوار بين القوى السياسية حول الإرهاب
الحكومة اليمنية بين مطرقة «أمريكا» وسندان أحزاب المعارضة

  * صنعاء- الجزيرة- عبدالمنعم الجابري:
تستعد الاحزاب السياسية اليمنية في السلطة والمعارضة لاجراء حوار موسع فيما بينها حول موضوع الارهاب وفقاً لما أعلنته مصادر رسمية في صنعاء، والتي أكدت ان الحوار سيكرس للوقوف امام عدد من المسائل المتصلة بالارهاب وبما من شأنه بلورة موقف وطني موحد لمواجهة الارهاب وهو الموقف الذي دعا إليه مؤخراً الرئيس علي عبدالله صالح.
ويأتي الحوار المرتقب للاحزاب في اليمن في الوقت الذي تصاعدت فيه واحتدمت حدة الخلافات فيما بينها وبشكل غير مسبوق وذلك في اعقاب تصفية«ابو علي الحارثي» ومعه خمسة من نشطاء القاعدة الذين جرى تفجير السيارة التي كانوا يستقلونها في عملية شارك فيها الجانب الامريكي مباشرة في ال 3 من نوفمبر المنصرم.فقد ادت تلك العملية وما ذكر بأن طائرة امريكية بدون طيار اطلقت صاروخاً على سيارة نشطاء القاعدة في صحراء«مأرب» وما تأكد بعد ذلك بشأن التحول النوعي في التعاون الامني اليمني الامريكي والذي وصل إلى مستوى التنسيق والعمل المشترك في تعقب من قيل انهم عناصر القاعدة في اليمن، إلى تفاقم حدة الخلافات القائمة اصلاً بين الاحزاب اليمنية في السلطة والمعارضة بشأن التحضيرات للانتخابات البرلمانية القادمة.وبالتالي فإن قضية التعاون الامني مع الجانب الامريكي وماطرأ من تحول غير مسبوق في شكل وطبيعة هذا التعاون زاد الطين بلة وأدى إلى تفاقم حدة الخلافات واتساع دائراتها بين الأحزاب وأخذت بعداً آخر بعد أن أصبح موضوع السيادة الوطنية طرفاً فيها.
ذلك أن الاحزاب السياسية في المعارضة بادرت إلى شن حملة انتقادات قوية لسلطات الدولة والحكومة واتهمتها بالتفريط بسيادة واستقلال اليمن لصالح الولايات المتحدة.. ومن جانبها اعتبرت الحكومة اليمنية ان ما ذهبت إليه هذه الاحزاب انما هي من المزايدات الحزبية موضحة بانها تعرف جيداً كيف تحافظ على السيادة الوطنية وان التعاون مع الجانب الامريكي لايشكل خطراً على هذه السيادة ولكن الخطر الحقيقي يكمن بوجود العناصر الارهابية وبقائها دون عقاب.
وعلى ضوء ما سبق فإن بعض المراقبين يرون أن فرص نجاح الحوار المرتقب بين الاحزاب في اليمن بشأن موضوع الارهاب تبدو ضئيلة، خاصة في ظل ما هو حاصل من تباينات في الرؤى والتوجهات الفكرية والايدلوجية لهذه الاحزاب تجاه مجمل القضايا الوطنية واساليب العمل والتعاطي معها.. هذا إلى جانب المواقف المتشددة لبعض الاحزاب بالنسبة لموضوع التعاون الأمني مع أمريكا.وبحسب المراقبين فإن الحكومة اليمنية وجدت نفسها أخيراً مضطرة لرفع مستويات التعاون الامني مع الجانب الامريكي والقبول بمشاركته الميدانية في عمليات تعقب عناصر القاعدة داخل اليمن.وهذا التحول في الموقف اليمني فرضته جملة من العوامل التي من بينها تزايد الضغوط الامريكية في ظل ما قيل عن وجود مخططات لعناصر القاعدة لتنفيذ عمليات انتحارية جديدة ومهاجمة اهداف ومصالح حيوية داخل الاراضي اليمنية بما في ذلك مصالح غربية.. ولعل في تلك الضغوط من قبل الولايات المتحدة اضافة إلى بعض الدول الاوروبية وفي مقدمتها بريطانيا وكذا شعور اليمن بمخاطر تهديدات«القاعدة» ما جعلها تأخذ بخيار العمل الميداني المشترك مع الامريكان داخل اراضيها.. وهو الامر الذي اغضب احزاب المعارضة واثار حفيظتها، وبالتالي فقد وجدت الحكومة اليمنية نفسها ايضاً امام مواجهة من نوع آخر مع هذه الاحزاب.
وبمعنى آخر فإن الحكومة اليمنية التي وجدت نفسها بين مطرقة الولايات المتحدة وسندان احزاب المعارضة لم تجد امامها من بد غير الاخذ بالخيار المر في تعاونها مع أمريكا دون الاكثرات بمواقف المعارضة التي لم يكن بمقدورها اصلاً أن تمنع مثل هذا التعاون الذي ارادت الحكومة من خلاله اتقاء شر أمريكا.
ورغم أن احزاب المعارضة اليمنية في معظمها ماتزال تفتقر إلى ذلك القدر من الثقل السياسي والاجتماعي وكذلك المستوى التنظيمي الذي يؤهلها لأن تلعب دوراً مؤثراً في مجرى الاحداث والقضايا الرئيسية على صعيد الساحة اليمنية بشكل عام.. إلا أن الحكومة تبدو منزعجة إلى حد ما وتشعر بنوع من القلق الناتج عن الزوبعة الكبيرة التي اثارتها تلك الاحزاب حول موضوع التعاون مع الولايات المتحدة.
ولعل هذا الانزعاج الحكومي في اليمن مرده ان الحملة التي تشنها المعارضة حالياً والتي وصفها وزير الخارجية الدكتور ابو بكر القربي بانها ظالمة، تأتي في وقت تستعد فيه اطراف العمل السياسي«الاحزاب» في السلطة والمعارضة لخوض انتخابات مجلس النواب في ابريل القادم.
ومن ثم فإن بعض الاحزاب ومن دون شك ستجد في قضية التعاون الحكومي مع الامريكان فرصة تنطلق منها في تسويق نفسها في اوساط الناخبين اليمنيين من اجل تحقيق بعض المصالح والمكاسب الانتخابية قدر ما أمكن، وبناء على ما سبق فإن الحوار المنتظر بين الاحزاب بشأن موضوع الارهاب، وبغض النظر عن مقومات نجاحه سوف يأخذ بنقاط عدة كما يرجح ذلك المراقبون. فإلى جانب قضيته الرئيسية المتمثلة بالارهاب الذي ترى اليمن أنه قد ألحق بها اضراراً جسيمة.. هناك ايضاً موضوع الضجة المثارة حول التعاون القائم مع الجانب الامريكي، حيث سيسعى بعض اطراف الحوار للوصول إلى اتفاق من شأنه أن يلزم الجميع بالابقاء عن هذا الموضوع بعيداً عن المعترك الانتخابي القادم وعدم استغلاله لاغراض سياسية وحزبية.
بل إن الزوبعة الحاصلة في هذا الاطار ستكون هي نقطة رئيسية من نقاط الحوار بين الاحزاب، وهو الحوار الذي يرجح أن الجانب الحكومي سيحرص من خلاله على ايضاح مجمل العوامل والاسباب التي حتمت التعاون مع الولايات المتحدة، وذلك بهدف اقناع احزاب المعارضة ومحاولة دفعها على تغيير موقفها.
لكن المعطيات تشير إلى أنه ومهما حصل من اتفاق في هذا الجانب إلا أن التزام جميع اطراف الحوار به أمر صعب، خاصة مع قرب موعد الانتخابات النيابية.
فأحزاب المعارضة التي طالما ظلت تشعر بأن دورها مهمش وان وجودها على الخارطة السياسية ليس اكثر من وجود شكلي متهمة السلطة ممثلة بالحزب الحاكم «المؤتمر الشعبي العام» بالاستحواذ على كل شيء بما في ذلك مقاعد مجلس النواب حيث يسيطر على اكثر من ثلاثة ارباعها.. هذه الاحزاب وعلى ضوء تجارب اتفاقات سابقة اضافة إلى ماهو حاصل أصلاً من خلافات حزبية جوهرية متأصلة ستجد انه من الصعب بالنسبة لها الالتزام باتفاق من هذا القبيل وبالتالي فانها ستلجأ إلى كافة الخيارات والوسائل المتاحة لها من اجل بلوغ بعض الاهداف وتحقيق بعض المكاسب من خلال الانتخابات القادمة وبغض النظر عن اية اعتبارات اخرى حتى وان كانت هذه الاعتبارات تهم المصالح العليا لليمن.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved