الذي يتابع ما ينشر في وسائل الإعلام الأمريكية ويبث في محطات التلفاز وبعض ما يقوله من تطلق عليهم تلك المحطات لقب «خبراء مكافحة الأرهاب» يكتشف بعد أيام قليلة كم هو الحيف الذي تمارسه تلك الوسائل وخبراؤها ضد الدول الإسلامية والعربية وبالذات المملكة العربية السعودية.
والآن تخوض هذه الوسائل في مسألة التبرعات للجماعات الخيرية الإسلامية وتتّهم جميع الهيئات والمنظمات والجمعيات الإسلامية بمساندة الارهاب، وأن المملكة تعتبر أكبر محوّل لهذه الجمعيات لأنها لم تستطع ضبط ومعرفة الأموال التي تقدم كتبرعات للجمعيات الإسلامية، وقد تناسى هؤلاء الخبراء ووسائل الإعلام الأمريكية أن أول من شجّع ودفع الجمعيات الخيرية إلى التبرع إلى ما يسمونه الآن بالارهابيين، أمريكا نفسها وخبراؤها والدعاية الأمريكية التي كانت تحيط المقاتلين في أفغانستان بهالات من القدسية والشجاعة، ولا نكشف سراً فالكل يعلم أن الدوائر الأمريكية كانت تفرض فرضاً بتوجيه التبرعات والمساعدات للمقاتلين في افغانستان مثلما تفعل الآن بالطلب بتقديم الأموال إلى الحكام الأفغان الجدد، ولهذا فإن من الانصاف والعدالة والمصداقية التي يجب أن تكون محل اهتمام القائمين على وسائل الإعلام - على الأقل تجاه قرائهم ومشاهديهم - أن يتم الفصل بين مرحلتي الجهاد في أفغانستان ومرحلة الإرهاب، فليس كل من دعم المجاهدين الأفغان داعمين للارهاب، وإلا اعتُبر الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجن داعماً للارهاب لأنه استقبل قادة طالبان في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض.أما مرحلة الارهاب فهي الفترة التي سبقت أحداث 11 سبتمبر والتي يمكن تحديدها بشكل تقريبي قبيل تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام.
وهكذا فإنه يصبح كل من تعاون من الجهات والمنظمات التي ثبت تورطها في الأعمال الارهابية بعد هذا التاريخ يعد من الناحية العملية متورطاً في دعم ومساندة الارهابيين. أما ما سبق ذلك فيجدر ألا يتحدث عنه الأمريكيون بالذات لأنهم بكل بساطة هم من صنعوا ذلك ودفعوا الآخرين للاقتداء بهم.
ومن يفتح ملفات الشخصيات والجمعيات الخيرية الإسلامية التي ساعدت المجاهدين في أفغانستان بعد هذا، بعد انحراف المقاتلين في أفغانستان، يعد استهدافاً مقصوداً للاساءة إلى الشخصيات والجمعيات الإسلامية في حين كان يجب أن تفتح ملفات الجميع وأولهم الأمريكيون، أما أن يتركز الحديث على السعوديين والجمعيات الخيرية الإسلامية فهذا استهداف مقصود وحيف لا يمكن السكوت عليه.
|