Friday 6th December,200211026العددالجمعة 2 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رياض الفكر رياض الفكر
تطوير الخطاب.. أم تطوير آخر؟!
سلمان بن محمد العُمري

ضمن المتغيرات والمعطيات الدولية التي لا تعرف التوقف صرنا نسمع بين الفينة والأخرى وفي مكان وآخر أحاديث عن ضرورة تطوير الخطاب الديني والمقصود بالطبع الخطاب الإسلامي، لأنه حسب زعم الزاعمين أن الخطابات الدينية الأخرى قد تطورت بما فيه الكفاية وبقي الخطاب الاسلامي في قفص الاتهام.
الأمر لا يأتي من هذه الزاوية لأنها مظلمة لا تستقيم مع حق ولا تتماشى إلا مع الباطل، فعملية تطوير الخطاب هي مطلب إسلامي قبل أن تكون مطلبا من أطراف أخرى بعيدة كل البعد عن أي مصلحة للاسلام والمسلمين، بل أطراف معادية للبشرية كلها.
إن من بديهات الحياة الإسلامية عملية مسايرة العصر ومواكبة تطوراتها ومستجداتها بل إن هناك باباً واسعاً من أساسيات الإسلام ألا وهو باب الاجتهاد، لكن الأمر له أصوله وقواعده ومنطقه ولا يمكن التحكم فيه بعملية أشبه ما تكون ب«الريموت كنترول» إن تطوير الخطاب الديني هو مطلب المسلمين وولاة أمرهم وعلمائهم على مر العصور، وهذا ما يحصل على الدوام وفق ضوابط شرعية محكمة معلومة لأهلها وليس وفق الأهواء التي تريد فتح الباب للفوضى، وعندما يكون هناك خلل فإن الخلل لا يكمن في الايديولوجيا الاسلامية الوسطية الصحيحة، بل يقع في النفس التي تحاول تبني تلك الايديولوجيا وهناك يكون الخلل من زاويتين، إما نفس محبة لهذا التبني ولكنها ليست أهلا بسبب ما، وهنا يحصل الخلل من دون قصد، فالنية الحسنة موجودة ولكن المقدرة الحقيقية والعوامل الذاتية والموضوعية المؤهلة غير موجودة، أما الزاوية الأخرى فهي عندما يكون تبني موضوع التعبير بقصد الاضرار بالاسلام والمسلمين، ومن هنا يأتي دور المنافقين والأعداء المخادعين الذين يظهرون ما لا يبطنون من الخبث والمكر والشر، ومنهم من وصل درجات عليا وصار يلقب بداعية أو شيخ أو إمام وهو في الحقيقة ضال مضل.
نعم، إنه من أهم الضروريات تطوير الخطاب الديني ليتماشى مع مستجدات العصر، وقبل الوصول لنجاح هذه العملية لابد من تطوير الداعية نفسه، توعيته، تثقيفه، تعلمه، تدريسه اللغات الأخرى، تعريفه بعادات المجتمعات الأخرى، والتجديد أو التطوير لا يأتي بما يتماشى مع رغبات الآخرين، وإنما يأتي من جوهر الدعوة الاسلامية ليوضح حقائقها وأصولها وليأخذ بأيدي الآخرين نحو السعادة والخير، لا ينجر معهم في مهاوي التهلكة والتردي والفساد، يقول تعالى: {وّلّن تّرًضّى" عّنكّ الًيّهٍودٍ وّلا النَّصّارّى" حّتَّى" تّتَّبٌعّ مٌلَّتّهٍمً }، وعلى الداعية أن يعرف ذلك، فلا يجوز إهمال الجوهر، ولا ينبغي الانفتاح على الفاسد والمفاسد، ولا يحق له التنازل عن قواعد الشرع الأصيلة، فهل يعقل أن نجاري من يريدنا أن نشرب الخمر كي يسمع منا؟، وهل يعقل أن نبيح التعري كما فعل البعض كي يقول عنا الآخرون إننا متحضرون ومتحررون؟. وهل ينبغي أن نفعل المنكرات كي نصل إلى قلوب الطواغيت؟ لا والله، هذا هو النقيض تماماً، علنا ان نكون بسلوكياتنا قدوة لغيرنا، ونقطة أوكدها، وقد أكدها لي كل من عاش في الغرب وغيره ألا وهي، ان أولئك القوم يحترمون الإنسان بقدر احترامه لمبادئه وأخلاقه والعكس صحيح، والانسان الذي يخون دينه وأمانته ليس جديراً باحترام الآخرين، تلك هي البداية وأظنها النهاية.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved