تحقيق: سلطانة سليمان الشمري
كل دقيقة.. بل كل ثانية في حياة الإنسان تشكل أمراً في غاية الأهمية، فكيف إذا كان في حالة مرضية حرجة أو تعرض لحادث يستدعي التدخل الطبي بأقصى سرعة وإلا كان الموت أو الاعاقة مصيره!!.. او أن حريقا حاصره بمنزله يستلزم وجود الدفاع المدني لانقاذه وعلاجه؟؟ وكيف يصل الاسعاف او الدفاع المدني بسرعة كبيرة وبأقل قدر ممكن من الخسائر في الأرواح والممتلكات لإنسان يتم انقاذه وهو في حالة نفسية سيئة لا تسعفه لتحديد موقعه أو وصف عنوانه المنزلي بدقة.. ولربما أخطأ في الوصف؟؟
ازدحام الرياض مدعاة للمسارعة في تطبيق الخدمة
تشهد المملكة ازديادا كبيرا في تعداد السكان وبالتالي التوسع العمراني ومن ثم الازدحام داخل المدن خاصة الرئيسية، ومن مشاهد ذلك ما نراه في العدد الكبير من ارتال السيارات التي تجوب الطرق ليل نهار وخاصة في مدينة الرياض التي يشبه السير في طرقها في أوقات الذروة سير السلحفاة «جراء الازدحام».. مما يعيق بالتالي وصول سيارات الاسعاف والدفاع المدني في الوقت المناسب عند طلب الاستغاثة.
لذلك فإن الأمر يتطلب المسارعة في تطبيق خدمة «اظهار وتحديد موقع المتصل بالدفاع المدني والاسعاف» والتي ستحقق بحول الله الوصول لموقع النداءات الموجهة لغرفة العمليات بالسرعة المطلوبة خاصة وان أمانة مدينة الرياض سهلت الأمر عندما نفذت مشروع «العنونة للأماكن».
طفل يختنق والاسعاف
لايعرف منزله
* تذكر إحدى الأمهات: ان طفلها الصغير اصيب بحالة اختناق اثناء تناوله لوجبة الافطار ولم يكن عندها ساعتها أي شخص يساعدها في الذهاب به للمستشفى لانقاذه، ومما زاد الأمر سوءاً انها حديثة السكن في هذا الحي مما صعب من وصف منزلها بدقة للهلال الأحمر السعودي عند اتصالها بهم مستغيثة لانقاذ طفلها، عندما لم تجد بداً من لبس عباءتها وحمل طفلها والجري به في الشوارع للبحث عن أقرب مستشفى بعد ان تأخر وصول الاسعاف لها والذي تجزم بأن حالتها النفسية السيئة لم تمكنها من وصف عنوانها لهم بدقة.
وتؤكد انه لو كانت خدمة اظهار وتحديد موقع المتصل موجوداً لدى الهلال الأحمر لما حصل ما حصل.
لماذا نحن متأخرون؟
* السيد أبو سعود يتساءل: لماذا نحن متأخرون في تطبيق هذه الخدمة «البسيطة المهمة» التي توجد في معظم أنحاء العالم حتى غير المتقدم، ألا وهي اظهار وتحديد موقع طالب الاستغاثة في هواتف الاسعاف والدفاع المدني وذلك بالتعاون مع شركة الاتصالات السعودية فهو امر في غاية الاهمية حيث يساهم بإذن الله في تسهيل وصول فرق الانقاذ بأقصى سرعة لطالب النجدة.
ويضيف أبو سعود: يا حبذا لو تم دمج «جمعية الهلال الأحمر السعودي والدفاع المدني» ليصبحا جهازا واحدا لتقليل التكلفة التي يقول البعض انها ستترتب من جراء ادخال هذه الخدمة من جانب، ومن جانب آخر لتكون خدمات هذين الجهازين متحدة بدلاً من انفصالها غير المبرر؟؟ فلو ان شخصا احترق منزله واصيب من جراء ذلك بحروق بجسده فإن رجال الدفاع المدني عند حضورهم يكتفون باطفاء الحريق فقط ولا يستطيعون تقديم العلاج لهذا المصاب لأنه ليس من اختصاصهم ولا يوجد من بينهم طبيب أو رجل مدرب على الاسعافات الأولية، فينتظر الجميع حضور الهلال الأحمر بعد دقائق أو بعد ساعات ولربما أضاعوا الهلال وربما ساءت حالة المصاب أو انتقل إلى رحمة الله.
الأجهزة متوفرة بالسوق السعودي.. ولا عذر
* السيد محمد عبدالعزيز العريفي مدير إحدى الشركات المتخصصة بأجهزة الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة.. شدد على أهمية هذه الخدمة وانه يفترض ان تكون موجودة لدينا منذ زمن بعيد فهي تسهل على الاطفائي ورجل الاسعاف الوصول بسرعة للمتصل في حال تعرضه لسوء، إن دور الدفاع المدني والاسعاف أكبر من اطفاء الحرائق والانقاذ ولابد من توفر السرعة اللازمة، فمثلاً عند وقوع حادث سيارة يحضر الجهازان «الدفاع المدني والاسعاف»، الأول لاطفاء الحريق أو فك حديد السيارة، والثاني للاسعاف والانقاذ؟!!، فلماذا لا يكون مع افراد الدفاع المدني سيارة اسعاف بها مختصون بالاسعافات الأولية إلى ان يصلوا للمستشفى فتكون بذلك فرقة واحدة بدلاً من ان يأتي الاسعاف ويقف ساعة كاملة في انتظار وصول الدفاع المدني ليفك لهم حديد السيارة أو قصه لاسعاف المصاب؟؟ فالمفترض ان يكون الانقاذ جهة واحدة مسؤولة عن جميع الجوانب كاطفاء الحرائق واسعاف مصابي حوادث السيارات وانقاذ الغرقى والمحاصرين بالمصاعد الكهربائية إلى غير ذلك من أمور.
* محمد الحربي صاحب مؤسسة اجهزة اتصالات قال: إننا متأخرون جداً في تطبيق هذه الخدمة «تحديد موقع المتصل بالدفاع المدني والاسعاف» كما نحن متأخرون في خدمات أخرى لا غنى للمواطن عنها، لذلك لابد من المسارعة في تطبيقها .
وذكر بأنه تتوفر بالسوق السعودي أجهزة ذات نظام متطور تمكن هذين القطاعين من الوصول للموقع المراد بأقصر الطرق وأيسرها حيث يكون الموقع مرسوما على خارطة أمام السائقين، كذلك لتمكنهم من الاتصال بإداراتهم لتبليغهم عن الشوارع المزدحمة أو المغلقة أو المفتوحة ليسلكوا المناسب منها للوصول للموقع بسرعة، ولا يترتب من وراء ادخال هذه الخدمة «تحديد الموقع» أية تكاليف حتى شركة الاتصالات لا يترتب عليها أيضاً أعباء لأن هذه الخدمة متوفرة لديها اصلا ولا يحتاج الأمر توفير أشياء جديدة، فلدينا كما هو معلوم عنوان كل مشترك بالهاتف، والمشكلة هي السرعة في التطبيق؟؟؟
وذكر ان هناك جوالاً جديداً تتوفر به خدمة جي بي اس تمكن صاحبه من ارسال رسالة لرقم هاتف معين عندما يطلب خدمة الدفاع المدني او الاسعاف فإذا وصلت الرسالة يتحدد موقع الشخص «بالمتر» أي في دائرة قطرها 5 أمتار ولو كان في الصحراء.
كذلك نظام «تراكنق سستم» وهو نظام تتبع السيارات المسروقة تمكن صاحب أي سيارة من تركيبه في أي مكان من سيارته بعد الاشتراك ودفع قيمة الجهاز للشركة المزودة حيث يظهر موقع السيارة ان هي سرقت مرسوما على خارطة لدى هذه الشركة مما يسهل الوصول إليها لكن يعيب هذا الجهاز قيمته المرتفعة التي تزيد على 3500 ريال، وهذا النظام موجود الآن بسيارات الشرطة تبين موقعها لدى الإدارة من خلال خريطة موجودة لديهم.
جمعية الهلال الأحمر ستأخذ بالنظام الرقمي
* مدير العلاقات العامة بجمعية الهلال الأحمر السعودي الأستاذ أحمد باريان قال ل«الجزيرة»: تعتبر سيارات الاسعاف التابعة للجمعية خاصة ذات الموديلات الحديثة مجهزة بالمعدات والمستلزمات الطبية الاسعافية الحديثة وفق أرقى المواصفات كما انها مجهزة بشبكة اتصالات حديثة مرتبطة مباشرة بغرف عمليات الهلال الأحمر كذلك ارتباطها ببعض اقسام الطوارئ الخاصة ببعض المستشفيات الكبيرة العامة والخاصة المرتبطة بتنسيق وتعاون مسبق مع الجمعية أما ما يخص أدوات اتصال لاظهار عناوين المتصلين ومواقعهم فإن هذا التوجه قد سبق لجمعية الهلال الأحمر السعودي بدء تطبيقه كتجربة في المنطقة الشرقية بالتنسيق مع شركة الاتصالات بالمنطقة كذلك جمعية البر باعتبارها الجهة الأولى التي بدأت بتنفيذه بالمنطقة لأعضاء ومنسوبي الجمعية من المحتاجين لكن هذا المشروع لم يتحقق له النجاح المأمول بالهلال الأحمر بحكم ان هذا المشروع يتطلب استمرارية في التحديث لمعلوماته ومتابعة ذلك فهناك حاليا بالجمعية توجه حاد لتغيير وتعديل نظام شبكة الاتصالات اللاسلكية بها لتأخذ بالنظام الرقمي في الاتصالات وفق أرقى المواصفات بدلاً من النظام الحالي المعمول به والتي ستكفل بإذن الله تحقيق السرعة المطلوبة في الاستجابة للنداءات الموجهة لغرف العمليات.
دعم خادم الحرمين الشريفين
سهل البدء به
ولكن لا يخفى على الجميع ان تغيير أنظمة الاتصالات ذات التقنية الحديثة يتطلب إمكانيات مادية ليست بسيطة وهو الأمر الذي تسعى الجمعية لتوفيره في المستقبل القريب بإذن الله فهناك ولله الحمد دعم سخي تلقته الجمعية من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين لتطوير شبكة الاتصالات بها وهو محل اهتمام وتقدير مسؤولي الجمعية التي قطعت شوطاً كبيراً في سبيل تحقيقه والبدء به.
* الجزيرة: بما ان هذه الخدمة غير متوفرة لدينا فلماذا لا تكون سيارات الاسعاف عيادات أولية متنقلة بها طبيب «ينسق في هذه الناحية مثلا مع وزارة الصحة» لا سيما وان المستوصفات لا تعمل خلال الليل وفي العطل الاسبوعية، وكذلك بعد المسافة عن المستشفيات الحكومية الكبرى مما يتسبب في الكثير من المشكلات للمرضى والمصابين؟
باريان: هذا التوجه مأخوذ به في الجمعية فجميع الفرق الاسعافية بمراكز الاسعاف خاصة في المدن الرئيسية تتكون من طبيب ومساعد صحي وسائق كما ان سيارات الاسعاف التابعة للجمعية مجهزة طبيا بحيث يتوفر بها الاجهزة الاسعافية الأساسية والضرورية لانقاذ المصاب أو المريض في المراحل الأولى لعملية الاسعاف وقبل الوصول لمراكز العلاج كما يتوفر بها كما اسلفنا شبكة اتصال لاسلكي من داخل سيارة الاسعاف مرتبطة مباشرة بغرف العمليات وأقسام الطوارئ بالمستشفيات الكبرى سواء الخاصة أو العامة، إضافة لذلك هناك تنسيق مستمر مع وزارة الصحة واللجنة الصحية بالغرفة التجارية الصناعية لتوطيد عمليات التنسيق مع المستشفيات والمستوصفات الخاصة لاستقبال الحالات الاسعافية المنقولة من قبل فرق الهلال الأحمر.
* يوجد بالمملكة شركات متخصصة في هذا المجال تلبي حاجات «الأفراد» من هذه الأجهزة التكنولوجية المتقدمة كتركيب أجهزة مراقبة المنازل في حالة السفر حيث تمكن صاحب المنزل مهما بُعد عن منزله من مراقبته في أي وقت يشاء عبر مركز المعلومات الذي تقدمه هذه الشركات، وكذلك أجهزة تحديد أماكن السيارات في أي موقع على خارطة المملكة ان هي تعرضت للسرقة وغير ذلك.. إذاً لم يبق إلا ان تطبقها الأجهزة المعنية.. فالأجهزة متوفرة والتكاليف منخفضة والحاجة قائمة.
* بما ان الهاتف الجوال غير متصل بأي شبكة أرضية ولا يعطي أي معلومة عن المكان الذي توجد به الحالة الطارئة التي تطلب الاستغاثة هناك تقنية تحديد المكان «بالتقريب» يُعمل بها في دول الغرب ولا تتطلب تكاليف مادية إضافية، ان اراد البعض اخذها كشماعة لتعليق تقاعسهم عن الأخذ بها.
* إن سلمنا انه سيُعمل بهذه التقنية فإن البعض من الناس يخشون من مراقبة اتصالاتهم لتحديد أماكن تواجدهم من قبل موظفي الاتصالات أو الشرطة مثلاً، ولتبديد هذه المخاوف هناك حلول منها ان يحجب الموقع أو العنوان من الظهور إلا في حالة الضغط على رقم معين بالهاتف.
* دمج الهلال الأحمر بالدفاع المدني بات أمراً ملحاً له من الايجابيات ما لا حصر له فهو يجمع بين اطفاء الحرائق والانقاذ والعلاج الطبي ولنا بالبرنامج الأجنبي «911» خير مثال على ان في الاتحاد في هذين الجهازين = خدمة أسرع، حياة أفضل.
* إن أُخذ بهذه الخدمة فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار البعد عن الربحية التي هي شعار شركات الاتصالات، كتكليف المشترك اقتناء أجهزة جديدة وفرض رسوم مرتفعة بحجة ان الوضع سيطرأ عليه مستقبلاً تعديل وقص ولصق و«تخفيض»؟!.
|