كان للسياسات الصحية التي اعتمدتها المملكة خلال خططها الخمسية السابقة دور كبير في تحسين الرعاية الصحية التي يحظى بها سكان المملكة. حيث تركزت هذه السياسات على محاصرة والقضاء على الأمراض السارية والمزمنة، ومنها تلك الأمراض التي كانت تودي بحياة الكثير من أطفالنا، إذ تشير مصادر وزارة الصحة ان معدل وفيات الأطفال الرضع انخفض من «50» لكل ألف مولود عام 1405هـ الى «19» لكل ألف مولود عام 1420هـ، اضافة الى الانخفاض الشديد في معدل الاصابة بالأمراض المعدية نتيجة التغطية الشاملة بالتحصينات الأساسية والاستخدام الفعال للمضادات الحيوية وغيرها من العقاقير في مكافحة الأمراض الفتاكة.
ولا تعتبر هذه الخدمات الطبية العامل الوحيد في هذه المؤشرات، فإن لازدياد الوعي الصحي وانتشار التعليم أثرهما الايجابي أيضا في ان تصل نسبة انخفاض معدل وفيات الأطفال الرضع الى أقل من عشرة لكل ألف مولود.
كما دعمت وزارة الصحة برامج الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية والتأهيلية، اضافة الى تشجيع الأبحاث الطبية من خلال مراكز الأبحاث الحكومية منها والخاصة للقيام بإجراء البحوث في جميع المجالات الصحية وما يتعلق منها بالمملكة بصفة خاصة.
وفي مجال تطور المستوى الصحي، حققت الخدمات الصحية تقدما ملموسا. فقد ارتفعت نسبة تحصين الأمهات الحوامل ضد الكزاز وزادت نسبة الولادات التي يقوم بها أخصائيون متمرسون، واستمر تنفيذ برنامج تحصين الأطفال ضد الحصبة،والنكاف، والالتهاب الكبدي. فضلا عن نشر الثقافة الصحية، وإصحاح البيئة، وقد أدت برامج الرعاية الصحية للأمومة والطفولة الى رفع نسبة المواليد الذين يزيد وزنهم عن «2500»جرام من 94% الى 95%، وخفض نسبة الأطفال دون الخامسة الذين لا تتناسب أوزانهم مع أعمارهم من 97% الى 94%. كما أدت برامج مكافحة والوقاية ضد الأمراض المعدية الى استمرار تناقص نسب الاصابة بأمراض الدفتيريا، والسعال الديكي، والحصبة، وتدني معدل الاصابة بشلل الأطفال على نحو يتجه للقضاء عليه تماما، كما انخفضت أيضا نسب الاصابة بالأمراض المستوطنة «البلهارسيا، والملاريا، واللشمانيا».
وقد كان للقطاع الصحي الخاص دور فعال في تطبيق هذه البرامج، مما يشير الى أهمية صياغة منظور اداري يحقق أسلوبا محددا للتنسيق والتكامل بين مختلف الجهات التي تقدم خدمات الرعاية الصحية، يضمن الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، كما يضمن لها كفاءة الأداء والجودة النوعية. خصوصا ان هناك تزايداً على طلب خدمات الرعاية الصحية نتيجة للزيادة السكانية المطردة من جانب، وارتفاع مستوى الوعي لدى المواطنين، مع تغير نمط الأمراض من جانب آخر. ويصاحب هذه الزيادة ارتفاع في المتطلبات المالية اللازمة للمحافظة على مستوى المعدلات الصحية الذي وصلت اليه، والارتقاء بخدمات الرعاية الصحية على نحو شامل.
وأما عن الكفاءة الانتاجية فإنها ترتبط في القطاع الخاص بتوفير الخدمات الصحية بأكبر قدر من الكفاءة ذات الجهود النوعية الملائمة، وبأقل قدر من التكلفة مقارنة بالدول الغربية. كما ترتبط من ناحية أخرى بكفاءة أداء العاملين في هذا القطاع. إلا ان تحقيق المزيد من الكفاءة الانتاجية في مجال الرعاية الصحية خلال المراحل المقبلة يتطلب الاستمرار في تطبيق برامج الجودة النوعية، والمتابعة والتقويم المستمرين لبرامج الرعاية الصحية، وتطبيق الضمان الصحي التعاوني والتنسيق بين جميع القطاعات التي تقدم الخدمات الصحية.
* مدير عام المستشفى |