الفقر مشكلة اجتماعية لها صفة العمومية وهو ملازم للمجتمعات الانسانية منذ ظهوره حتى الآن وسوف يبقى كذلك لان الفقر من سنن الله الكونية، والمختصون من الباحثين والعلماء في العلوم الاجتماعية يجدون صعوبة في تعريف الفقر لان مستوى الفقر وتحديده يختلف من شخص الى آخر ومن مجتمع الى آخر ومن دولة الى أخرى بل ومن مدينة الى اخرى.. والمتتبع لعموم المشكلات والظواهر الاجتماعية يجدها ملازمة للمجتمعات البشرية بمعنى انه لا توجد دولة فاضلة ولا مجتمع فاضل كما يظن صاحبنا الفارابي.
والدول مهما بلغت من تقدم وحضارة وتقنية إلا أنها لا تستطيع ان تقضي على مشكلة الفقر ولكن تعمل على التخفيف منها، والفقر ليس من طبيعة دولة دون اخرى او هو يختص مثلا بالدول النامية دون الدول الصناعية «التي تسعى متقدمة» على سبيل المثال تذكر المصادر الامريكية انه في عام 1960م كان عدد الفقراء في امريكا اكثر من 24 مليون شخص ثم ارتفع هذا العدد في عهد الرئيس بوش الاب يعني في التسعينات الميلادية الى ان وصل الى 36 مليون امريكي يعيشون في فقر بنسبة 2 ،14% من سكان امريكا ويحدد خط الفقر Poverty line في المجتمع الامريكي بعدد افراد الأسرة، فالعائلة المكونة من 4 افراد خط الفقر محدد بـ359 ،13 دولاراً كدخل سنوي والعائلة من 5 افراد بحوالي 15792 دولار وسبعة افراد مثلا محدد بحوالي 20241 دولاراً وهكذا نجد الدول الغربية تسن القوانين للتصدي لمشكلة الفقر فمثلا في بريطانيا سن قانون الفقر عام 1834م وكل هذه القوانين والتحديد الدقيق لمشكلة الفقر والمجتمعات الغربية قائمة على الفردية في قيمها individualism اما مجتمعناالسعودي الذي يقوم على القيم الاسلامية مثل التكافل الاجتماعي والتراحم الاسلامي فليس بحاجة لمثل هذه القوانين لان المواطنين يخرجون الزكاة والصدقات من تلقاء أنفسهم ولكن تحتاج الى جهات معنية لتنسيق هذا الجهد.
ان زيارة الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد لبعض الاحياء في مدينة الرياض تعتبر ظاهرة اجتماعية وظاهرة انسانية تستحق الرصد وليس عيباً ان يوجد فقراء في المجتمع ولكن العيب ألا يعرف هؤلاء والعيب ان تظهر الطبقية والعنصرية في المجتمع كما هو حاصل في المجتمعات الغربية.
وعلاج مشكلة الفقر لا يقتصر على اعطاء الاسرة الفقيرة مبلغا من المال «وكيساً من الرز والسكر» من نهاية كل شهر ولكن العلاج كما قال ولي العهد الامير عبد الله هو وضع الخطط المستقبلية طويلة المدى وكذلك توفير فرص العمل للأسر الفقيرة وجعلها اسراً منتجة في المجتمع.
ان فريق العمل المزمع تشكيله للتصدي لمشكلة الفقر سوف يعمل على تخفيف المشكلة بدون ادنى شك كما قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية الدكتور علي النملة.. ولابد من اتباع المنهج العلمي اثناء وضع الحلول لمشكلة الفقر وان يشارك في العمل مجموعة من الاكاديميين المتخصصين، واخذ في الاعتبار ان الفقر ملازم للمجتمع ويتفاوت من مجتمع الى اخر والتحري اثناء الدراسة المسحية لكي يكون العمل ذا فاعلية اكثر.
|