في قصة «كاريكاتورية» درامية بطلها موظف يعمل في إحدى الإدارات ذات العلاقة بمقابلة الجمهور، والذي أوصل أحد المراجعين إلى طريق مسدود بطلباته المتكررة من الأوراق والمستندات ناهيك عن نفسه «الشينة» وتعامله الفظ مع أصحاب الحاجات!
فما كان من صاحبنا «المراجع» إلا أن قال لذلك الموظف: أكيد أنك توك ناقل هنا من بلدية فرعية»!!
قصة صاحبنا هذا تحكي واقع الحال مع بعض مراقبي البلدية الذين لهم اتصال مباشر مع عشرات الناس من المراجعين يومياً.
لم أكن لأصدق ما يروى من قصص عن معاملة بعض هؤلاء إلا بعد أن وقعت قصة لأحد الأصدقاء مع مراقب البلدية الذي جاء ليسلم حارس منزله الجديد ورقة مخالفة ترك مخلفات في الشارع لم يمض على وضعها سوى ساعات من قبل شركة الكهرباء التي تنفذ توصيلات كهربائية بالقرب من المنزل!
كنت أتمنى (والكلام لصاحبنا) أن يقوم مراقب البلدية بالذهاب إلى أكثر من ذلك قليلاً، ليفتش أرفف البقالات القريبة التي تعدت صلاحية بعض المأكولات والمشروبات فيها فترة الصلاحية، أو حتى حفظت بشكل غير صحي لتسمم أجسادنا كما سممتها محلات الشاورما الفاسدة التي لا يعرف بها مراقب البلدية إلا بعد أن يشاهد عدداً من المواطنين المرضى على الأسرة في الصحف المحلية نتيجة هذا التسمم الذي جاء نتيجة قلة المراقبة!!
لا أدري لماذا تتكثف المراقبة على مخلفات المنازل التي هي قيد الإنشاء حتى لو كانت أكياساً وكراتين ويغفل ما هو أهم؟!!
جهود وزارة التجارة ومراقبيها أصبحت تملأ الصحف باكتشافهم العديد من المخالفات التي تتعلق بصحة المواطنين.. أما مراقبو البلدية فما زالوا يتابعون سيارات النقل ليتعرفوا على موقع إفراغها أمام الدور الجديدة ليبادروا بتسجيل مخالفة جديدة إذا تأخر في إزالتها!!
نحن لا نلوم البلديات الفرعية إذا لم تمارس دورها المطلوب إذا كان غالبية المراقبين فيها ممن تقل لديهم المؤهلات فلا يعون أهمية الحفاظ على صحة المواطن وعلى الصحة العامة بشكل عام! فيقل لديهم مستوى الإحساس بالذوق العام «جمال الشارع»، صحة البيئة، سلامة الغذاء.. إلخ.
إن مشكلة البلديات الفرعية في عدد الموظفين وفي مدى تأهيلهم العلمي!!.. فوظيفة مراقب البلدية من الوظائف المهمة جداً، التي يفترض أن يعين فيها من يفترض فيه الأمانة أولاً من الوعي والثقافة والتعليم ثانياً، لا أن يتحدث معك ويجيبك دون أن يرفع رأسه وينظر إليك!!
إن غالبية مفتشي وزارة التجارة ممن لديهم مؤهلات مناسبة لتولي هذه المسؤولية لا يمر يوم إلا ونقرأ في الصحف المحلية اكتشاف حالات جديدة من الغش التجاري أو المخالفات التي تتعلق بصحة المواطنين، أما مراقب البلدية فلا هم له إلا البحث عن مخلفات ومخالفات البناء!!
إن البلديات من أكثر الإدارات التصاقاً بالمواطنين، ومن المفترض أن تتغير صورة «المراقب» ليكون أكثر تأهيلاً وتدريباً!!
أين خريجو كليات الزراعة والهندسة، والآثار والتاريخ والجغرافيا فكلها تخصصات تناسب عمل مراقب البلدية.
الكثير من مراقبي البلدية تفشل في لغة الحوار معه عندما تراجعه لعدم وجود المراقب المتخصص الذي وصل إلى درجة علمية من التعليم تستطيع فيها أن تحاوره لتقنعه في النهاية أو يقنعك!!
إن الكثير من المراجعين يترددون كثيراً ويفكرون كثيراً ويبحثون كثيراً عن «واسطة» في البلدية لأنهم يعرفون مسبقاً ماذا سيواجههم من عقبات رغم أن الموضوعات التي ذهبوا لإنهائها لا يتعدى إنجازها دقائق في إدارات حكومية أخرى!!
انظروا إلى شركة الاتصالات السعودية كيف تغيَّر مستوى تقديم الخدمة فيها جذرياً فأصبحت المراجعة لأي مكتب اشتراكات عبارة عن نزهة جميلة.
هل العاملون في شركة الاتصالات من كوكب آخر ليكونوا بهذا المستوى الرائع من التعامل!!
إن ما حصل في شركة الاتصالات من تغيير يمكن أن يحصل في البلديات الفرعية عندما يعلم الموظف بأن إدارته ستتابعه وتحاسبه على أخطائه، إضافة إلى الدقة في اختيار الموظفين واجراء المقابلات الشخصية معهم قبل الانضمام إلى العمل!
قابل موظفاً في شركة الاتصالات واذهب مباشرة إلى موظف في بلدية فرعية لترى الفرق الشاسع في التعامل!
اذهب لطلب خدمة هاتفية وانظر كيف ستعامل واذهب بعدها لتحصل على فسح بناء وانظر للخطوات الطويلة والطويلة جداً التي ستمر بها!
إن مستوى الخدمة في البلديات الفرعية يذكرنا بمستوى الخدمة في الهاتف قبل أن يتحول إلى شركة، عندما كان المراجع يبحث عن واسطة لكي يضيف خدمة الصفر المحلي لهاتفه.
إننا بحاجة إلى «مراقب بلدية» بمواصفات خاصة، وموظفين أيضاً على قدر كبير من البشاشة، إننا بحاجة إلى بلديات فرعية أكثر تنظيماً فوضع البلديات الفرعية لا يعكس أبداً الجهود الكبيرة والجبارة التي تبذلها أمانات المدن!!
إن مراقب البلدية لا يزال يمثل.. «بعبعاً» للعديد ممن ما زالوا في طور إنشاء منازلهم وما زالت صلاحية المراقب تفوق ألف مرة صلاحية رئيس البلدية الذي يعقِّد الأمر بدلاً من أن يحله. فقط ما تحتاجه صديقاً يعمل مراقباً في البلدية عندها ستحل جميع مشاكلك وستختفي كافة مخالفاتك.
لقد كنا في وقت سابق نبحث عن أصدقاء في الهاتف أما الآن فقد اختفت هذه الظاهرة وانتقلت للبلديات الفرعية نتيجة لسوء الخدمة والبحث عن المخالفات وتعقيد الآخرين ودفعهم للتوسل والتوسط في أمور لا تحتاج إلى كل ذلك!!
|