* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
مابين أحداث الثلاثاء الأسود وضرب أفغانستان.. والتهديد بضرب العراق مسافة طويلة لم تسلم البورصات والأسواق العالمية من حالة القلق التي تسيطر على الساحة العالمية، والتي جعل الرئيس الأمريكي جورج بوش الحرب ضد الإرهاب هدفه وطريقة لعلاج الأزمات الاقتصادية التي تمر بها أمريكا والعالم معا وإذا نظرنا إلى مؤشرات أسواق مال داوجونز نجد حركة التداول كانت تزيد على 10500 مليار سهم قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 انخفضت في شهر الأحداث حتى قاربت على 8000 مليار سهم فقط، ثم أخذت في الارتفاع والانخفاض ولم تصل إلى معدلها الطبيعي إلا في مارس الماضي، ولكنها انخفضت إلى أقل من مستويات 11 سبتمبر لتصل إلى 7500 مليار سهم في يوليو الماضي وتوقفت حركة الاسهم ما بين 9000 مليار، 7500 مليار سهم فقط أما ناسداك المجمع فنشهد نفس السيناريو فكان يزيد على 2000 مليار سهم وانخفضت إلى مايقرب 1400 مليار ثم ارتفعت عن 2000 مليار في شهري ديسمبر ويناير الماضيين وانخفضت إلى أقل مستوى 1200 مليار في شهر سبتمبر من عام 2002م.
وما تشهده الأسواق العالمية من انهيار جعلنا نلتقي بالخبير العالمي أحمد فراج ليطلعنا عن أسواق المال العالمية بحكم عمله وخبرته في أسواق المال الأوروبية والأمريكية.
* في البداية نريد التعرف على حجم السوق الأمريكي؟
السوق الأمريكي من أكبر أسواق العالم فهي بالتريليونات وتضم عقود البترول ويوجد مؤشر داوجونز الذي يضم حركة تداول أكبر 30 شركة تسمى الاقتصاد القريب وفيها الشركات القديمة مثل IBM وقائمة عليها صناعات العالم الكبيرة، وأيضا مؤشر ناسداك وفيه أكبر شركات التكنولوجيا والكمبيوتر وهذه الشركات قائمة على العقل البشري فمثلا سوقتوبير أصوله لا تأتي 10 ملايين ولكن بقيمتها السوقية والتي تقدر بالمليارات حيث يحسب القيمة السوقية بضرب سعر السهم في حالة السهم بالسوق.. والأسهم المتداولة في السوق الأمريكي تؤثر على باقي الأسواق فإذا هبط سعر سهم اريكسون يهبط بالتبعية في أوروبا وهو ما يؤثر على أسهم الاتصالات الأمريكية والعالمية لذلك يسمى في اليابان «نيكاي»..
أما في أسواقنا فلا يتأثر حركة تداول الأسهم لأنها تتميز بطابعها المحلي ولا يوجد أي تأثير على الأسعار.
* ماهي العوامل الجاذبة في أمريكا وأوربا التي تدفع أموالنا العربية للهجرة من بلادها؟
لا قيود وسيولة
السبب الرئيسي لجذب الأموال العربية في أمريكا هو توافر السيولة، ولا توجد أي قيود على حركة التداول فعندما يريد المستثمر شراء 100 مليون سهم يعلم تماماً أنه سيستطيع بيعها في اليوم التالي أو أي وقت إلى جانب توافر الشفافية وتنوع المحفظة التي يختار فيها المستثمر، وأيضا حجم السوق الذي يسمح بحركة تداول ضخمة بعكس الأسواق العربية.
* على مدى الفترة من 11 سبتمبر 2001 مرورا بضرب أفغانستان إلى يومنا هذا حيث التهديدات الأمريكية بضرب العراق ماذا عن أسواق المال العالمية؟
- بدأت أسواق داوجونز INDU في اكتوبر 1928 وناسداك CCMP في فبراير 1971 وأسواق SPX في 1943 والنيويورك توك اكس NYA في ديسمبر 1965، وفوتس UKX بلندن في يناير 1984. وكانت البداية ضعيفة في 1929م ثم بدأت حركة التداول في الانتعاش 1933 واستغرقت عشر سنوات حتى فترة السبعينيات لتنتعش الاسواق ويغتني المستثمرون، والاقتصاد الأمريكي قبل أحداث 11 سبتمبر كان يشهد تدهورا وجاءت الاحداث نجدة للمستثمرين وقد قيل في بعض الاسواق العربية ان أحداث 11 سبتمبر أثرت على أسواقنا خاصة في قطاع السياحة ولكن نجد ان دخل مصر 5 ،4 مليارات دولار سنويا رغم انها لديها امكانيات سياحية تضعها في مقدمة الدول وتطل على البحرين الأحمر والمتوسط، نجد ان اسبانيا دخلها السنوي 55 مليار دولار من السياحة. ان ماحدث هو ان المستثمرين خافوا ومنهم من قام بالبيع أو التحويل لعملة أخرى كالين أو اليورو أو الفرنك السويسري.
مما أحدث الهبوط وتعاملت السياسة الأمريكية مع ذلك من خلال تشجيع المستثمرين على العودة للشراء، ومحاربة الإرهاب بضرب أفغانستان وبدأ .. يصعد ولكنه شهد أكبر انخفاض له في يوليو الماضي رغم انه لم تكن هناك أي حركات إرهابية بالإضافة إلى التشجيع المستمر من قبل المؤسسة الحاكمة، فما حدث بعد الأحداث أنه بدأ يتصاعد ولكن ارتفاعا غير صحيح فكان يتم شراء الأسهم بدون تحقيق عائد منها مما جعل حركة المؤشرات تتراجع منذ ابريل الماضي وحتى الآن والمشكلة الآن هي كيفية علاج هذه الأزمة فلايوجد إنتاج وانخفض الطلب وارتفعت البطالة، ويوجد خوف من الاستثمار.
هذا جعل المؤشرات في انخفاض دائم.
التنبؤ بالأزمات
* كثير من الأزمات المالية كانت السبب في تدهور اقتصاديات الدول ولدينا النمور الآسيوية كنموذج لذلك في 1997 فكيف يمكن التنبؤ بمثل هذه الأزمات؟
- التنبؤ بالأزمات صعب ولكن بالنسبة لشركة معينة يسهل التنبؤ بأزمتها لوجود تقرير ربع سنوي يمكن معرفة إذا كانت هناك حالة كساد وكيفية التعامل مع هذه الحالة: وأما المستثمر إذا عرف ان هذه الشركة تحقق خسائر فلن يقبل على شراء أسهمها وهناك قطاعات لا تتأثر بالأزمات انخفاضا مثل الأدوية والمواد الغذائية، وتوجد قطاعات تنعش وقت الحرب مثل شركات الأسلحة التي تعمل على افتعال الأزمات والحروب. وعندما نواجه أزمة كساد أو شركات تحقيق خسائر لابد من النظر في السياسات العامة داخل هذه الدولة فهل لديها بيروقراطية وبطئا في الاجراءات؟ هل لديها قوانين تشجع وتجذب الاستثمارات؟ هل لديها ضرائب ومصاريف حكومية مجحفة؟ هل تستورد ببذخ ودون ان تنظر للصناعات المحلية؟ وغيرها من الأسئلة التي يمكن من خلالها حل الأزمة. والخروج منها وما فعلته أمريكا في أثناء انخفاض أسواق المال بعد 11 سبتمبر انها عملت على تشجيع الاستثمار وبث روح الطمأنينة إلى المستثمرين، وقامت بتقليل الفائدة حتى يستثمر الافراد نقودهم وخفضت تكلفة الإقراض من 4% إلى 1% مما يدفع زيادة الطلب لدى المجتمع فينتعش السوق وينعكس على أسواق المال.
خسائر المستثمرين
* الاستثمارات العربية في أمريكا ماذا عنها؟ وماهو حجم خسائرها وهل مناخنا مناسب لجذبها؟
رأس المال بطبيعته «جبان» وإذا ذهبت هذه الأموال إلى أسواق أمريكا فليس حبا فيها ولكن لعدم توافر الفرص الاستثمارية والجاذبة لهذه الأموال في الدول العربية، ففي مصر لا يوجد نظام وتوجد معوقات كثيرة ففي وقت اشترى الناس سعر السهم ب 10 جنيهات وارتفع إلى 30 جنيها ولكن حدث تشبع وبدأ الناس يخسرون لعدم وجود من يشتري.. ففي أمريكا الناس تشتري وهي متأكدة انه لن تظهر قوانين أو ضرائب جديدة أو معوقات أمام حركة الاستثمار وإذا أردنا تهيئة المناخ في المنطقة العربية فلابد من استقرار القوانين وأمامنا مثال «سنسبرى» الذي وضعوا له كثيرا من المعوقات ولم يكمل سنة في السوق المصري وانسحب ولم يتحرك أحد لتشجيعه أما في أمريكا فتعمل على تشجيع الشركات للاستثمار وتقلل من الضرائب.. وتخفض من سعر الفائدة، بل ان أحد أسباب الحرب هو محاولة من الرئيس الأمريكي لتوجيه الرأي العام نحو الحرب وليس الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أمريكا حاليا. وتوجد شركات كثيرة مستفيدة من الحرب وتدفع القيادات السياسية الأمريكية لذلك وأمامنا أكبر نموذج لتؤكد ان الشيخوخة بدأت تلحق بالاقتصاد الأمريكي وهي خسائر أكبر الشركات.
القوة الشرائية والطلب
* انهيار الأسهم وفساد الشركات الكبرى صاحبها بطالة مما انعكس على القوة الشرائية لدى الأمريكان - تعليق؟
الأمريكيون فقدوا الثقة في السوق الأمريكي، وما حدث من خسائر وفساد أدى إلى استغناء الشركات عن العمالة، وأصبحوا يحصلون على معونة البطالة، فكيف يمكن لهذه الشريحة الاستثمار في البورصة بعد ان أصبحت عاطلة، وتوجد شركات تتعامل على حسب احتياجات الناس مثل شركات الاتصالات، وبدلا من محاولة المؤسسة الحاكمة في أمريكا من علاج ذلك بدأت دائرة الحرب ليس من أجل الإرهاب وإنما لثروات البترول التي ستكون المنقذ من أزمتها الاقتصادية، إنها الاستعمار الذي ينهب الدول المستعمرة لصالح مواطنيه.
كساد وبطء عالمي
* قيل ان مايشهده الاقتصاد العالمي من بطء يرجع إلى تلازم الكساد في الاقتصاد الأمريكي مع البطء في الاقتصاد الياباني.. ما رأيك؟
- اليابان مكونة من أربع جزر وقامت باحتلال ما حولها لتزيد من مساحتها، وارتفع سعر الأراضي، وبدأت في الاستثمار العقاري ومع ارتفاع الاسعار لم يصاحبه الطلب مما جعل هذه الشركات تتساقط ومعها البنوك التي قامت بتمويل هذه الاستثمارات واكتشفوا ان وراء ذلك فساد، واليوم التحم الشعب مع الحكومة بزيادة الادخار لاخراج اليابان مما يعانيه من بطء أما مشكلة أمريكا فلديها تشبع ووصلت إلى النضج فبدأ يحدث الكساد، والغريب ان الأزمات المالية بدأت تلاحق اقتصاديات الدول المتقدمة فنجد فرنسا تعاني من البطالة وبطء في النمو بألمانيا، والكارثة أنه يقال ان ضرب العراق ينعش الاقتصاد الأمريكي ومنه العالمي، ولكن ضرب العراق سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي لأنها ستتحمل تكاليف هذه الحرب والتي تقدر بـ100 مليار دولار إلى جانب الانعكاسات الأخرى منها ارتفاع أسعار البترول وانعكاس ذلك على السلع والمنتجات والخدمات، كما يهدد اقتصاديات المنطقة العربية بأكملها وما ينعكس ذلك على الاقتصاد العالمي.
|