|
|
تعتبر زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لمواقع الفقر ومساكن الفقراء من أهم الأحداث التي شهدتها الساحة المحلية خلال الفترة الماضية، ولعل أهمية هذا الحدث لا تنبع من كونه قد كشف لنا واقعاً مجهولاً ولكن أهميته تكمن في كونه قد سمح لنا جميعاً بالحديث عن الوجه الآخر للتنمية التي يعيشها المواطن السعودي بكافة فئاته المتعددة وفي مواقعه المختلفة، لقد كان البعض في السابق يتباهى بإطلاق التصريحات النارية التي تؤكد سلامة المجتمع السعودي من الفقر وتنفي أن يكون هنالك مواطن سعودي يعيش تحت خط الفقر كما كنا في السابق نعتقد أن الحديث عن هذه المشكلة من المحرمات إعلامياً لكونها لم تعد بعد ظاهرة تستحق الاهتمام، ولكن وبعد أن قام سمو ولي العهد «حفظه الله» بهذه الزيارة الانسانية أصبح من واجبنا جميعاً التفاعل مع المعطيات المختلفة لهذه الظاهرة لحماية المجتمع السعودي من التداعيات الخطيرة والانعكاسات السلبية المرتبطة بنمو الظاهرة وتزايد أعداد المتأثرين بها، ولعل من صور التفاعل التي سجلتها الأيام الماضية ما شاهدنا من تسابق أهل الخير في هذه البلاد المباركة لدعم صندوق الفقراء كخطوة عاجلة لمواجهة النتائج المباشرة التي خلفها انتشار ظاهرة الفقر في المجتمع السعودي، ومما سجل في هذا الاتجاه تبرع رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز بإنشاء عشرة آلاف وحدة سكنية للفقراء والمحتاجين خلال العشر سنوات القادمة لمواجهة حاجة الفقير السعودي إلى مسكن ملائم له ولأفراد أسرته، وهنا لا بد وأن نشيد بهذه الخطوة الجميلة من سموه الكريم ولكن لا بد وأن ننبه أيضاً إلى أهمية تنفيذ هذا المشروع الخيري على شكل وحدات سكنية متفرقة بدلاً من مجمعات سكنية تحتوي على وحدات سكنية متعددة، فمن المعلوم أن الهدف من هذا المشروع الخيري ليس فقط مواجهة نتائج المشكلة ولكنه اجراء مهم من الاجراءات الضرورية للقضاء على الظاهرة، وبالتالي فإن إنشاء مجمعات سكنية ستؤدي إلى تجمع الفقراء في موقع واحد وإلى استمرارهم في دائرة اجتماعية واحدة ذات منهج معيشي وسلوكي متشابه، مما سيحرمهم من الاستفادة من الاحتكاك بفئات المجتمع الأخرى، كما أن تجمع الفقراء في موقع واحد سيؤدي إلى القضاء على روح المنافسة لدى الأسر الفقيرة لكونها تعيش في مجتمع متماثل تنعدم فيه الحوافز العملية لتطوير وتنمية الذات، وإذا أضفنا إلى ذلك كون الأسر الفقيرة عادة ما تكون عاجزة عن تعليم أبنائها التعليم المناسب وعن تأمين المستوى التربوي اللازم لتوفير الحد المقبول من البيئة الاجتماعية الملائمة، فإن من المنطقي قبول فرضية وجود تداعيات أمنية واجتماعية سلبية في الأحياء التي يكثر فيها تواجد الفقراء، وأخيراً، فإن الفقير الذي يتعفف عن السؤال سيجد نفسه مضطراً للسكن في هذه التجمعات السكنية التي أنشئت خصيصاً للفقراء مما سيجعله مكشوفاً لدى كافة أفراد المجتمع ومما يعرضه للحرج الاجتماعي الذي يتنافى مع أصل ومضمون الأعمال الخيرية، وبالتالي فإن من المطلوب في الوقت الحاضر أن نتلافى مثل هذه النتائج السلبية من خلال محاولة تنفيذ المشروع على شكل وحدات سكنية متفرقة تكفل للفقير الستر الاجتماعي وتحفظ المجتمع من التداعيات السلبية التي ربما تنعكس من تجمع الفقراء. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |