Tuesday 3rd December,200211023العددالثلاثاء 28 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الأجندة السرية لإدارة بوش الأجندة السرية لإدارة بوش
شيلدون ريتشمان

يمكن القول إن صدام حسين يلعب الشطرنج بمهارة تفوق مهارة الرئيس بوش حتى الآن ولكن هذا لا يعني أنه سيتمكن من تجنب الحرب ضده في النهاية.وبدون أي شك يمكن القول إن الرئيس بوش اتخذ قرار الحرب لكنه يحاول البحث عن حلفاء له غير رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والحكومة الإسرائيلية ولم يجد حتى الآن وهذا يعد انتصاراً للرئيس العراقي وضربة للرئيس الأمريكي.
فهل يمكن أن تتصور شن حرب ضد دولة ما بسبب السجناء السياسيين أو بسبب عدم إعادة ممتلكات ما؟
أنا لا أقلل من شأن هذه الممارسات ولكن الكثيرين من حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية لديهم سجناء سياسيون وحتى أمريكا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر تعتقل الكثير من الأشخاص على خلفيات سياسية حالياً بما في ذلك معتقلو جونتانامو.لذلك يجب أن نتحدث بصراحة كاملة، فإدارة الرئيس بوش تسعى إلى تغيير النظام الحاكم في العراق حتى تتمكن من تنصيب نظام بديل يتبنى الأجندة الأمريكية التي تتعلق بالبترول وإسرائيل في الشرق الأوسط.
والواقع أن صدام حسين ظل حليفاً لأمريكا طالما كان ينفذ سياساتها فلما بدأ يتحرك بصورة مستقلة أصبحت الإطاحة به لازمة.الأجندة الأمريكية الخاصة بالبترول وإسرائيل التي تم وضعها قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر لا يمكن تنفيذها بدون وجود رئيس عراقي يتعاون بصورة كاملة مع الأهداف الأمريكية خاصة أن العراق دولة كبيرة ومؤثرة في العالم العربي.
فصنّاع السياسة الأمريكية يشعرون دائما بالقلق من القوميتين العربية والإيرانية أكثر من أي شيء آخر في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك التهديدات المتبقية من الاتحاد السوفيتي المتحلل.وبعد أن تتم الإطاحة بالنظام الحاكم في العراق وتنصيب نظام موال لأمريكا تنتقل الإدارة الأمريكية إلى البند الثاني في أجندتها وهو إيران التي تبدي باستمرار اهتماما بالحصول على أسلحة نووية.
وهنا يثور سؤال مهم: لماذا يعتقد الجميع بأنه لا يجب على القوى الرئيسية في الشرق الأوسط امتلاك أسلحة نووية؟
فإسرائيل تمتلك الكثير من الأسلحة النووية منذ ثلاثين عاما ًعلى الأقل، كما أنها لم توقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ولا تسمح بعمليات التفتيش الدولي على منشآتها النووية.
وقد كان العراق كذلك لكنه وقَّع على المعاهدة وسمح بعمليات التفتيش. بل إن إسرائيل ظلت على مدى سنوات ترفض الاعتراف بامتلاكها أسلحة نووية وعندما كتب أحد خبرائها كتابا عن البرنامج النووي الإسرائيلي تم اختطافه من جانب المخابرات الإسرائيلية في لندن والحكم عليه بالسجن مدى الحياة في إسرائيل.وهذا الرجل هو موردخاي فانونو أحد العاملين في مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل.
بمعنى آخر فإن إسرائيل تحتكر الخيار النووي في الشرق الأوسط، وهي تؤمن تماماً بأن أقوى حكومة على ظهر الأرض هي الحكومة التي يمكنها فعلا استخدام القنابل النووية ضد أعدائها.كما أن إسرائيل تحتل الأراضي العربية منذ حرب عام 1967م، كما قامت بقصف المفاعل النووي العراقي في عام 1981م، وهو المفاعل الذي كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أنه يستخدم فقط للأغراض السلمية، وأيضاً غزت إسرائيل لبنان عام 1982م وقتلت أكثر من 17 ألف لبناني وفلسطيني.بعد كل هذا هل تبدو رغبة كل من العراق وإيران مثلاً في ردع إسرائيل غريباً؟
أنا لا أدافع عن حكومات العراق أو إيران ولكن لا أستطيع أن أتجاهل مدى رغبة هذه الدول في الحصول على مثل هذه الأسلحة النووية.وكما يقول المدافعون عن إسرائيل من أنها تعيش في وسط جيران يكنون لها العداء فإنه يمكن القول إن إسرائيل أيضا تكن لهم العداء.
ويذكرنا الصحفي إريك مارجليوس بأنه كان هناك قرارا من الأمم المتحدة ضمن سلسلة القرارات التي صدرت أثناء الأزمة الكويتية عام 1990 يدعو إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.والحقيقة أن الولايات المتحدة سعيدة بتجاهل مثل هذا القرار لأن تنفيذه سيلزم إسرائيل بالتخلي عن ترسانتها النووية.
ولهذا تركِّز إدارة بوش على تضخيم الاتهامات الموجهة للنظام العراقي، ولهذا أيضا فأنا أعتقد وأتمنى أن أكون مخطئا أن الحرب مسألة محتومة.
أما بالنسبة لهؤلاء الذين يريدون أن يعرفوا نوع اللعبة المميتة التي يلعبها محور بوش تشيني رامسفيلد وولفيتز فعليهم فقط أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي:
ما الذي يمكن أن يقدمه الرئيس العراقي صدام حسين ولا تقول عنه إدارة بوش أنه «مجرد خطوة تكتيكية الهدف منها تجنب الحرب».

(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور خاص ب«الجزيرة».

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved