Tuesday 3rd December,200211023العددالثلاثاء 28 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الإدارة الأمريكية و أهمية قراءة التاريخ الإدارة الأمريكية و أهمية قراءة التاريخ
نيتا كرافورد(*)

تميل إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى استخدام القياس النسبي أو اوجه التشابه مع أحداث سابقة لوصف التهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية ولشرح استراتيجتها الوقائية الجديدة وتشير هذه الإدارة باستمرار إلى الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربور الأمريكي في بداية الحرب العالمية الثانية وتدمير الأسطول البحري لأمريكا وكذلك أزمة الصواريخ الكوبية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي والرئيس السوفيتي نيكيتا خورتشوف، تشير إليهما للدلالة على خطورة الانتظار وعلى الحكمة التي تنطوي عليها المبادرة بالهجوم على الأعداء قبل أن يتحركوا هم أولا ولكن التشبيه المفضل لهذه الإدارة قد يكون في مساواة صدام حسين بهتلر، فالعراق - كما تقول الإدارة الأمريكية- مثل ألمانيا النازية يفترض أن تكون دولة مارقة وخطيرة وتسعى إلى الحصول على أسلحة دمار شامل واستخدامها.
كما أن العراق يقمع شعبه وبالتأكيد فإنه أبعد ما يكون عن الديموقراطية.
ولكن هناك أوجه تشابه اخرى فقد رأينا من قبل تهديدات خطيرة مثل تلك التي يمثلها العراق ولكن لم تكن الضربات الوقائية هي رد الفعل الدولي على مثل هذه التهديدات ففي أواخر السبعينيات وطوال عقد الثمانينيات كان هناك شك في وجود دولة عسكرية وعدوانية تحتل دولتين مجاورتين وتمتلك أسلحة للدمار الشامل. كما أن الموارد الطبيعية الهائلة لهذه الدولة كانت مقصورة على أقلية صغيرة من سكانها وهذه الأقلية حرمت الأغلبية من حقها في الانتخاب والتصويت والحكم. كما ان هذه الدولة كانت تستخدم التفجيرات الإرهابية مع جيرانها وكذلك أساليب اغتيال القادة والمعارضين في الخارج كما كانت مشهورة بتعذيب وقتل مواطنيها من أفراد الأغلبية المقهورة.
ليس هذا فحسب بل كانت هناك مخاوف بشأن انتهاك هذه الدولة للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتكنولوجيا النووية وانتهاك العقوبات المفروضة عليها لمنعها من السعي إلى الحصول على أسلحة نووية أو أسلحة تقليدية متقدمة كما أشارت التقاريرالمخابراتية فيما بعد أن هذه الدولة كانت تحاول الحصول على أسلحة نووية وربما تكون قد حصلت بالفعل على أسلحة بيولوجية وكيماوية.
وزيادة في الخطر والتهديد فقد كانت هذه الدولة تمتلك صناعة عسكرية محلية ضخمة أصبحت فيما بعد واحدة من أكبر الصناعات العسكرية في العالم حيث تصدرالسلاح إلى مناطق الصراع حول العالم ولم يكن أحد يتوقع أن يتم تغيير نظام الحكم في هذه الدولة المارقة بطريقة سلمية.
فقد استخدمت الأقلية الوسائل الدموية في تعاملها مع الأغلبية على نطاق واسع لذلك كان التصور هو ضرورة استخدام هذه الوسائل للإطاحة بهذه الحكومة وبالتالي كانت هناك توقعات بسقوط ملايين القتلى قبل تغيير هذا النظام ولكن كيف انتهت القصة؟ في عام 1990 فقط بدأت هذه الدولة وهي جنوب إفريقيا السير في طريق الديموقراطية حيث انسحبت من أراضي الدولتين التي كانت تحتلها وفككت أسلحتها النووية فكيف تم تغيير النظام الحاكم؟
كان هناك إصلاح داخلي قوي وحركة ديموقراطية حظيت بدعم واسع من المجتمع الدولي رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية على وجه التحديد لم تكن ممن يدعم هذه الحركة وتعرضت الدولة لضغوط إقليمية وتم فرض عقوبات دولية صارمة ثم جاء فيما بعد التحول في صفوف النخبة الجنوب إفريقية حيث بدأ الكثيرون من أفراد هذه النخبة السعي لتخليص الدولة من صفة المتمرد الدولي والخارج عن الشرعية والانضمام إلى بقية العالم سياسيا واقتصاديا.
إذن فالحروب مع الدول المارقة ليست ضرورية ولا حتمية ويمكن لاستراتيجيات التأثير الأخرى أن تحقق الهدف المطلوب لذلك فعلى إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أن تقرأ التاريخ قليلا قبل أن تنطلق إلى إشعال الحرب ضد العراق.

* استاذة علوم سياسية بجامعة براون الأمريكية
خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب«الجزيرة»

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved