طرقتُ بابَ العيدِ في هدأةٍ
لعلَّ باب العيد لي يُفتحُ
أرنو إلى الناس وأحوالِهمْ
مار بينَ من يأسى ومن يفرحُ
فمهجةٌ نامتْ بها وردةٌ
قريرة العين شذى تنفحُ
ومهجةٌ هامتْ بها شوكةٌ
عن كلِّ معنى للأسى تُفصحُ
وبين هاتيكَ وتلك أنا
نواظر تبكي لِما تلمحُ
قلبي مع المهموم في همِّهِ
يغلي وفي آلامه يسرَحُ
إنْ جرَّآه جرّها قبله
صدري، وفي إسعاده يُشرحُ
كأنني أشتاقُ لو أنني
أشقى وغيري في الهنا يمرحُ
وأنْ أصوغَ بسمتي شربةً
تصفو لمن أفراحُه تُذبحُ
وأخنقَ الناعب إما نعى
مُحيل قلبي طائراً يصدحُ
أأنتَ يا عيدُ الذي تدّعي
عدلاً مدى الأيامِ لا تجنحُ!
إذنْ فكيف فيك غنى الضنى
مستهزئاً كِبراً ولا تكبحُ!
وكيف صُغت خافقا جنةً
وخافقاً نيرانُهُ، تلفحُ!
وهل من العدلِ إذا ما بكى
طفلٌ، أطلَّ وجهُك الأصبحُ!
وإنْ تشكَّتْ طفلةٌ تشتهي
فستان عيدٍ كيف لا تمنحُ!
وإنْ رأى الكافلُ أطفالهُ
أمسَوا على الجوعِ كما أصبحوا
والبؤسُ يصطافُ بهم إذ لهُ
في كلٍّ عضوٍ منهم مَمْرحُ
فكيف لا تنسابُ في قلبهِ
أنساً على شفاهه يطفحُ!
وتمسحُ الدمعة من جفنه
فأنتَ أحنى عاطفٍ يمسحُ!
وتُرجعُ البسمةَ في ثغرهِ
فلم تزلْ عن ثغرهِ تنزَحُ!
وتسكبُ الراحة في قلبهِ
من بعد ما شاخ لها يكدَحُ!
تبسَّمَ العيدُ وقام كمنْ
يُريدُ عن سائله يكشَحُ
يُخفي الجوابَ خلفهُ مُحرجاً
لكنّ طرف العينِ قد يفضحُ
وقالَ: يا هذا أنا ذاهبٌ
وأنتَ لا جدوى لما تطمحُ
ما دام يسري في الورى مطمعٌ
فحالُ غاب منهمُ أصلَحُ