Wednesday 27th November,200211017العددالاربعاء 22 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

فارس القلم بين فرض العين وفرض الكفاية فارس القلم بين فرض العين وفرض الكفاية
د. محمد بن صنيتان

بعض أصحاب الأقلام قد لا تكون الكتابة حرفة له او حتى هواية تنازعه دائما للكتابة الا انه فارس الوطن برمحه وقلمه اذا استدعاه الوطن «الله الله» تسلح بما يناسب ظرف الدفاع عن الوطن لا يفرق بين الرمح والقلم.
والمثقف المسكون بهموم امته يلتزم بفقه تصعيد فرض الكفاية الى فرض العين، فالأمة العربية بما فيها الوطن، في مرحلة تحدٍ وتواجه أخطار عدة فالرياح العاتية تهب عليها من الجهات الأربع، والمعطيات الظاهرة والكامنة على الساحة الامريكية تدفعنا بالتصديق بأن اميركا جماهيريا متهيئة نفسياً لغزو العراق، والعراق كدولة وليس الاطاحة بالنظام فقط، وسياسياً اخذت الخطوة الاولى في الطريق استراتيجياً وعملياتياً ودبلوماسيا بحشد الحلفاء، رغم صدور قرار هيئة الامم المتحدة، وليس الهدف النهائي العراق، فوراء الاكمة ما وراءها «وان الحرب أولها الكلام».
من هذا الجانب يقع على ابناء الامة العربية عبء المسؤولية وتحرك القادرين كل من موقعه بمقدار ما يستطيع انجازه ويتقنه.
وصاحب القلم ميدانه الصحافة ودور النشر لتوعية امته وابداء نصحه ومشورته «والرأي اقوى من شجاعة الشجعان».
وهنا نحرض المثقفين العرب والسعوديين تحديدا على تحرك سياسي واعلامي وولوج دوائر القرار السياسي الامريكي والاعلام ومع الكونغرس، ان استطاعوا، وفي هذه المرحلة التي تتلمس الامة العربية والاسلامية خطاها في حلكة العتمة العالمية، اصبحت الكتابة للقادرين فرض عين. فلابد ان يكتب المثقفون في المساحات المتاحة شتى، ويتكلم القادرون على الكلام عبر التلفزة المحلية والفضائية حتى ولو لبعضهم البعض.
فالكتابات «محلية او اقليمية» مقالات او دراسات قد لا يكون لها تأثير خارجي كبير، الا انها باعث مهم لتحفيز الشعوب العربية على ادراك الخطورة المحدقة بهم، وعلى التفكير في كيفية مواجهتها وهو الاهم، وقد يتمخض من التفكير عناوين كثيرة قد نهتدي من خلال فرزها على حلول ناجحة لعل من اهمها ضرورة الاقتناع بوحدة الصف العربي.
وهذا ما تفعله السياسة الامريكية عندما تريد غزو اي دولة، تحرض الشعب الامريكي ودوائر القرار الفاعلة فيه وهي كثيرة كما تهيىء الجو العالمي نفسيا لتبرير الفعل من جانب ومن جانب آخر لفرز العالم الى صديق ومحايد ومنحاز الى الطرف الآخر. والراصد الاجتماعي لوعي الشعوب يدرك ما احدثته الكتابة مع الفضائيات من وعي حقيقي قومي للشعوب العربية، كما أن الفضائيات عامل ولو خفي في عملية الانصهار والذوبان الاجتماعي للامة العربية، فالشعور والاحساس بالآلام والمواجع كل منهم بالآخر، وبالذات قضية فلسطين، ظاهرة يشعر بها المتتبع والمراقب، وذلك للدور الفاعل للتلفزة الفضائية التي تنقل الاحداث التي يتعمد فيها المخرج التركيز على بعض المشاهد لتنشيط دورة الاحساس العام في الأمة ورفع درجة الحس القومي لتعزيز الجبهة الداخلية القومية في الأمة العربية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالقيادات العربية مهما كانت وطنيتها وقدرتها على تمثل الحلول الا ان قراراتها السياسية ومواقفها في معالجة الازمات هي مخرجات لمدخلات المجتمع سواء من رجال الادارة من خلال تقاريرهم وعروضهم وتدوين آرائهم او من مواقع اخرى كالجامعات والكتاب والصحافة وجميع وسائل الاعلام، بنقل وقائع الشارع او من آراء كبار رجال الدولة المتقاعدين الذين يتطوعون في اسداء الرأي والمشورة والنصح لمتخذي القرار. فالرأي العام لا يستهان به وقصة الجندي المجهول الذي تكلم مع رفاقه عن خطة عسكرية وسمعها امير الجند كانت السبب الرئيسي في حسم المعركة لصالح جيشه قصة معروفة للجميع.
فالكتابة في الصحافة هي للتذكير وشحذ الهمم والانذار المبكر في وقوع الازمات لتذكير كل شرائح المجتمع حتى ربات البيوت للتهيئة النفسية والاستعداد المبكر لمواجهة الحدث، واخذ الاحتياط وحسن التدبير ومراجعة الماضي فبعض الفئات التابعة سواء على مستوى الاسرة او على مستوى المجتمع. اذا كان يعيش من السابق في رغد من العيش او في ترتيب مريح سواء من رب الاسرة او من الدولة او من المؤسسات الاجتماعية. لابد ان يتيقظ ويأخذ الاستعداد. كما ان الشعب يلتمس العذر للدولة في عدم الوفاء لاحتياجات التنمية وتقديم الاهم على المهم، والاحتياط للمستقبل.
وفي الوطن العربي مئات المثقفين والاعلاميين والمفكرين القادرين على التفاعل وخلق عمل اعلامي وسياسي في الصحف الامريكية ومحطات التلفزيون والمثاقفة مع الجامعات والمؤسسات الفكرية. وكان يجب ان يكون قبل زمن بعيد ولا يمنع من البداية ولكن السؤال المهم هو كيف نبدأ؟ وبأي كيفية نبدأ؟
هل نبدأ بزيارات كرنفالية وباختيار شخوص مزاجية او قرابية لغرض التنزه والمنادمة؟ ام نبدأ من منطلق حس وطني ووعي لأهمية المرحلة ونفتش عن القادرين داخل مؤسساتنا ومن بين المتقاعدين او حتى غير العاملين في الدولة ونذهب اليهم ونقرع ابوابهم.
وانا اخط هذه الجملة استدعت ذاكرتي قصة استشهد بها مكيافللي في كتابه الامير عند اراد نصح اميره من عائلة مديشي، ما معناها: ان اهل فلورنسة عندما زحف عليهم العدو بعدد وقوة اكثر من عددهم واكبر من قوتهم راحوا يفتشون عن اهل الجدارة والاستحقاق من مواطنيهم فَذُكِر لهم شخصٌ معينٌ يقيم في مزرعة صغيرة نائية كان قد نسيه المجتمع. وكعادة المجتمعات في وقت الرفاهية ينسون كل القادرين من اهل المواهب والادهى والامر ان كل ناجح من الامة في ساعة الرخاء يترصد له الفاشلون من كل جانب حتى يصبح نسياً منسيا حتى من الذين يعرفون كفاءته حق المعرفة وفي بعض الأحيان يحاذي الحائط خائفاً يترقب الاذى او اتهامه بالفشل ليخلي الصدارة للآخرين من اجل تمرير المصالح الضيقة، وذهبوا اليه ورمى بفأسه والتف بشملته وذهب معهم ونظم صفوفه حتى تحقق لهم النصر.
لابد ان تستدعي ذاكرة المجتمع العربي مثل هؤلاء باستمرار وتؤسس اجهزة الدول ومؤسسات المجتمع وبالذات السفارات على هذا الأساس.
1- ان كل سفارة «سفارة كل دولة» بها ملحقيات تمثل الاجهزة الحكومية كافة وقد يكون الملحق الثقافي والملحق الاعلامي والملحق التجاري وعلى رأسهم السفير معنيين في هذه المرحلة، من هنا ليتنا نبدأ.
2- والاجهزة الحكومية والجامعات والغرف التجارية على امتداد الوطن العربي ترشح في المهام الخارجية المقتدرين على اساس الجدارة والكفاءة مع الاحساس بالمواطنة والوعي بالقضايا العالمية ومعرفة عادات وتقاليد الدولة المضيفة. فمن هنا ليتنا نبدأ.
3- السعودية من اكثر الدول التي تضم جاليات كثيرة وبالذات الجالية الامريكية والجالية الاوروبية وهاتان الجاليتان ليستا لعمال حرفاء بل هم مشاريعيون وخبراء ومثقفون يؤثرون بآرائهم وانطباعاتهم وتقاريرهم على قرارات بلدانهم، فمن هنا ليتنا نبدأ.
4- التجارُ من خلال عقودهم، المستثمرون من خلال مدخراتهم، الشركاتُ والمؤسساتُ من خلال موظفيهم من هاتين الجنسيتين، الطلبة الذين أصبحوا اساتذة مشاركين وأساتذة في الجامعات يحتكون بجامعاتهم التي تخرجوا منها في هاتين الدولتين أو دول اخرى، ومن هنا ليتنا نبدأ.
5- الجاليات الاسلامية والعربية في اوروبا وامريكا مهم توعيتها وتحركها لتكوين لوبي عربي واسلامي منها. ومطلوب الاخذ بالسديد من آرائها ومن هنا ليتنا نبدأ.
6- شركة ارامكو في السعودية وفي امريكا وقد عمل فيها الوف الامريكان والكثير منهم مشاريعيون ورؤساء شركات متعددة الجنسية، وقد يكون الكثير منهم في الادارة الامريكية او في حكومة الولايات، مطلوب منهم باسم الصداقة في هذه المرحلة دفع فاتورة ستين عاماً من العمل الذي افاد الطرفين. الشركات التي من رؤسائها واصحابها من هم في مواقع القرار في الماضي والحاضر واستفادوا من العقود في المملكة من المهم تذكيرهم بهمومنا ولا نريد منهم تدوير فائض الدولار السعودي الى السعودية بل نريد منهم تدوير مواقفهم سياسيا واعلاميا واستثمار فائض اموالهم المدفوعة للضريبة والحملات الانتخابية تذكار للوفاء وحسن الاقتضاء.
7- الشركات البريطانية التي ترفع عن كاهل الحكومة البريطانية نسبة كبيرة من مسؤولية مكافحة البطالة بامتصاص فائض العمالة البريطانية من خلال العقود مع المملكة، مطلوب منها تذكير حكومتها بذلك.. من هنا ليتنا نبدأ.
كل ما ذكر اعلاه مجرد عناوين قابلة للنقاش، قد يكون الكثيرون من العرب والسعوديين اقدر مني على اثراء النقاش فيها، كما هم اعرف مني على ذكر تفاصيل اكثر واوسع.. والله من وراء القصد.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved