إعداد عبدالمحسن اليوسف
* هل يمكن لنا أن نعرف ما هي الأسباب الرئيسية لظهور الشعر التجديدي؟
- التجديد ظاهرة من ظواهر الحياة يشمل المباني والمحسوسات. ويبدو أن من أهم الأسباب الرئيسية لظهور التجديد في الشعر هو احتكاك الفكر العربي بالفكر الغربي، وما صاحب هذا الاحتكاك من يقظات اجتماعية شملت كثيراً من الأقطار العربية، على أنني أحب أن أوضح هنا أن التجديد الذي أقصده في الشعر العربي هو حيث الصورة والمضمون والمعاني، لا التجديد الذي يحطم إطار القواعد، ويقضي على فنية الأداء الموسيقي في الشعر هو ما يسمى تارة بالشعر المنثور وأخرى بالشعر الحر.
* المعروف أن هناك دوافع وأسباباً شخصية في حياة كل شاعر تجدد تكوينه الموضوعي في إطار شعره فما هي دوافعكم؟
- الشاعر غرسة من غرسات المجتمع، وحياته النفسية تتأثر بما يضطرب في مجتمعه من عادات وتقاليد، وميزته الوحيدة، أنه يحس بالأشياء والمؤثرات الخارجية احساساً أكثر تفاعلاً في حياته الوجدانية لذلك تكون دوافعه ذاتية في التعبير عن انطباعاته تجاه أحداث الحياة والأحياء وهو في نفس الوقت يعبر أدق تعبير عن أشواق مجتمعه وتطلعاته إلى الحياة الأفضل.
* للأدب الشعبي شعراً ونثراً أصداء خاصة لدى الكثرين في حين أنه مكتوب باللهجة العامية فإلى أي شيء تعزون ذلك.
الأدب الشعبي لون من ألوان الآداب الاجتماعية في كل أمة من الأمم، وهو يعبر عن الوجدانات العامة، وظهوره وانتشاره في أي شعب من الشعوب باللهجة العامية، يعتبر في حد ذاته حاجة ضرورية من حاجات الشعوب للتعبير عن أحاسيسها باللغة التي تتحدث بها وهو محدود المدى مهما كثرت ألوانه، لأنه أدب محلي لا يستطيع أن يتجاوز النطاق الخاص إلى النطاق العام.
* للشعر العربي دور في معركتنا المصيرية فما أبعاد فاعلياته في المعركة وتطور الأمم.
- لا شك أن للشعر دوراً هاماً في ايقاظ الهمم، واشعال النخوة ودور الكلمة الشعربية في معارك النضال لا تقل عن دور القذيفة والمدفع، والأمم تحارب بالسلاح وبالكلام، وللكلمة أثرها في رفع معنويات الشعوب وألهاب خصائصها النضالية.
* هل يحتاج الشاعر إلى مستوى عال من الثقافة الواسعة.. أم أن الشعر يتأتي عفو الخاطر نتيجة موهبة فطرية.
نعم يحتاج الشاعر إلى ثقافة واسعة، وكلما كانت ثقافة واسعة كانت نظرته إلى الحياة أعمق وتعبيره عنها أدق وأشمل.
* ما مدى معطيات الأدب في امداد تطلعات الأمة وتكوينها واعدادها للمستقبل؟!
- ما من نهضة اجتماعية ظهرت في مجتمع ما إلا كان الأدب حاديها وشاديها فالأدب مشعل الفكر وإذا تطور فكر الأمة تطورت أعمالها وتسامت آمالها واتسعت آفاقها.
* ماذا ترون عن أدب القصة والرواية والمسرحية والمقالة والصفحات الأدبية في الصحف عندنا. وما هي الجهود التي تحتاج لها لتبرز البروز المشرف كما نود لها.
- أدب القصة والمسرحية ما زال أدب محاولات لم تتبلور ولم يتحدد كيانها وتبرز كلون من ألوان الأدب المتكامل، فهي في أول الطريق، أما أدب المقالة فأعتقد أنه وصل إلى مرحلة مرضية، أما عن الصفحات الأدبية لدينا فهي تتأرجح من الجودة تارة، والرداء تارة أخرى، ولعل السبب الأهم في ذلك هو أن بعض المشرفين على الصفحات الأدبية لا تتوفر لديهم المؤهلات الكافية.
* ما هي العوامل الكفيلة بازدهار الأدب وتشجيع الأدباء على الانتاج الممتاز..؟
- لعلي أجبت على هذا السؤال في جوابي السابق فلا حاجة إلى التكرار.
* لأدباء وشعراء الجنوب ألوان خاصة يمتازون بها في أدبهم وشعرهم فهل تحدثوننا عن هذه المميزات.
- شعراء وأدباء الجنوب كثيرهم من شعراء المملكة ليس لهم لون خاص يميز انتاجهم عن انتاج شعراء المملكة، اللهم إلا في لون واحد هو التغني بمحاسن بلادهم والتنوية بمغانيها الجميلة.
* اشتهر السيد والدكم رحمه الله بجانب مكانته الدينية وتفقهه بأنه شاعر أصيل وأديب وكاتب مطبوع، وقد تتلمذتم عليه فهل تعطونا فكرة تفصيلية عن انتاجه وهل صدر له مؤلف؟!
- لقد كان والدي إلى جانب كونه عالماً دينياً وقاضيا شرعياً فقد كان شاعراً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وقد سبق أن اخترنا له مجموعة من قصائده نشرناها في ديوان (شعراء الجنوب) المطبوع من حوالي سبع عشرة سنة.
* منذ أوائل القرن العشرين حوالي منتصف العشرينيات نحا الشعر العربي منحى تجديدياً حاسماً على اقلام عدد محدود من الشعراء العرب في كل قطر من الأقطار العربية كأبي القاسم الشابي في تونس والعطار في سوريا وناجي والهمشري في مصر. بالإضافة إلى شعراء المهجرو رواد هذا الاتجاه وبأعمال هؤلاء وأمثالهم تجدد الشعر العربي وأسسه الفنية والموضوعية مع تفاوت كبير في مدى التجديد، فهل لنا أن نلم بالأساس التجديدي ومداه لدى بعض شعراء أمتنا العربية؟!
أعتقد أنني قد اجبت على هذا السؤال أيضا.
* وما رأيكم في الشعر الحر والاتجاهات النقدية الحديثة؟
- لست من أنصار الشعر الحر.. أما الاتجاهات النقدية المعاصرة فلا شك أنها تعد فتحاً جديداً في تقييم الأدب وتحديد مفاهيمه.
* ما هي أمنياتك للأدب والأدب في مملكتنا الفتية؟
- أتمنى للأدب أن يكون صورة جميلة حية تعبر عن حياتنا بكل ما فيها من تطلعات وآمال، وللأدباء دوام التفوق والنجاح.
إلى هنا انتهى هذا اللقاء الأدبي الماتع في رحاب الشعر والأدب مع شاعرنا الكبير الأستاذ محمد علي السنوسي والذي كانت اللفظة العربية والكلمة الأدبية الحبلى مطواعة في مقوله الشائق، فللشاعر السنوسي شكري وتقديري على تجاوبه الكريم المعطاء مع قراء هذه الصفحة.
|