مشكلتنا منذ سنوات.. أن كل شخص في وسعه أن يمسك كتاباً ويجلس أمام المصلين ويحدث بما شاء ويقرأ عليهم ما هو موجود في هذا الكتاب.. وعلى الجميع أن يصدقوا بما جاء فيه.. أو ليس منسوباً للمصطفى صلى الله عليه وسلم.. ومنسوب للدين ونحن مسلمون نتعبد لله بهذا العمل؟
** المشكلة بفضل الله تعالى.. انتهت تماماً في السنوات الأخيرة.. ولم يعد بوسع أحد أن يحدث المصلين أو الناس إلا إذا كان في مستوى هذا العمل.. ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.. نظمت هذا العمل تنظيماً جيداً.. وتقلصت هذه الأخطاء التي كان ضحيتها.. العامة.
** لقد كنا نحفظ أحاديث اتضح في الأخير أنها مكذوبة أو ضعيفة.
** دعوني أنقل لكم فقط.. بعضاً من الأحاديث التي كان الناس يتداولونها في رمضان وهي ضعيفة أو غير صحيحة.. والكلام في هذا.. ليس لي.. وليس من تخريجي.. وليس اجتهاداً من عندي أو كلاماً من «بطني».. بل نقل كامل لكلمة قيمة لأحد علمائنا المعروفين.. نُشرت مؤخراً.. أنقلها نصاً.. لأني لست محدثاً.. ولا فقيهاً.. ولا عالماً.. ولا داعية.. ولا إمام مسجد.
** «فمن هذه الأحاديث.. حديث «نوم الصائم عبادة» وقد رواه ابن مندة عن ابن عمر.. ورواه البيهقي عن عبدالله بن أبي أوفى وهو حديث ضعيف ضعفه الحافظ العراقي في تعليقه على كتاب إحياء علوم الدين».
** ومن الأحاديث الضعيفة أيضاً حديث «من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يجزه صيام الدهر كله ولو صامه» رواه البخاري تعليقاً ورواه الأربعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن طريف أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة وهو حديث ضعيف فيه ثلاث علل: أبو المطوس هذا مجهول وفيه انقطاع أو احتمال الانقطاع بينه وبين أبي هريرة وكذلك فيه اضطراب فالحديث ضعيف.
** ومن الأحاديث الضعيفة حديث «صوموا تصحوا» فإن هذا الحديث أيضاً لا يصح رواه ابن عدي والطبراني في معجمه الأوسط وهو حديث ضعيف بل لعله ضعيف جداً.
** ومن أكثر الأحاديث شهرة وهي أحاديث لا تصح.. حديث سلمان الفارسي المشهور الذي يقرأ به الناس في الدروس والكتب حديث طويل في استقبال شهر رمضان أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء رمضان قال لأصحابه «أتاكم شهر رمضان.. إلى قوله.. قد أظلكم شهر عظيم مبارك جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً فمن أتى فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه.. ومن أدى فريضة فيما سواه كان كمن أدى فريضة فيه ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه.. وهو شهر أوله رحمة وأوسطة مغفرة وآخره عتق من النار.. إلى آخره فهذا الحديث أيضاً لا يصح.. بل هو ضعيف في سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.. بل قال أبو حاتم هذا حديث منكر هذا حديث منكر وكذلك نقل غيره تضعيفه عن أئمة آخرين. أ.هـ.
** هنا.. انتهى النقل من هذا المقال الذي ذكرته.. بل هناك كتب كبيرة تتحدث عن جملة من الأحاديث المكذوبة أو الضعيفة.. وقد كنا نحفظها عن ظهر قلب ونحفظها لأطفالنا ونستدل بها في مقالاتنا وكأنها أحاديث صحيحة «100%» فصارت اليوم ضعيفة أو مكذوبة.
** إن تصحيح المسار وتبيان الصورة الحقيقية الصحيحة لا شك مطلوب ولكن.. لماذا تأخر.. ولماذا حفظنا هذه الأحاديث.. ولماذا صارت جزءاً من حياتنا في وقت سابق؟
** إن هناك أمثلة أخرى لأحاديث أخرى كنا نحفظها حفظاً دقيقاً ونتلوها في كل مجلس.. وبعد سنوات.. اتضح انها غير صحيحة أو على الأقل ضعيفة ولا يمكن الاستدلال بها على الإطلاق.
** القضية.. هي قضية علمائنا وفقهائنا الأجلاء.. وهم الأقدر حفظهم الله على مناقشتها ووضع الأمور في نصابها الصحيح.. ونحمد الله.. اليوم لدينا كليات شريعة معنية بالسنة النبوية.. بل صار ذلك قسماً من أقسام الجامعة.. بل ربما كلية من الكليات.. وهكذا مراكز الدراسات التي أنشئت حديثاً كلها معنية بالسنة والمحافظة عليها.
|