Wednesday 20th November,200211010العددالاربعاء 15 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
حراج المساهمات
د. محمد اليماني *

أصبح من المألوف في الآونة الأخيرة ظهور إعلانات بشكل يومي في الصحف المحلية عن مساهمات عقارية تهدف الى جمع الأموال واستثمارها من خلال شراء أراض خام وتطويرها ومن ثم إعادة بيعها. ويرافق الإعلان عن المساهمات شيء من الدعاية التي توفر عامل جذب للمدخرين الراغبين في استثمار مدخراتهم مثل الإعلان عن تحقيق ارباح مغرية في مساهمات سابقة والتي تصل حسب بعض الإعلانات الى 93% سنوياً و5 ،3% اسبوعياً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما السبب في انتشار هذه المساهمات واقبال الناس عليها، هل هو عودة رؤوس الأموال المحلية التي كانت موجودة في الخارج وعدم تمكن الاقتصاد المحلي من استيعابها إلا بهذه الصورة. أم ان السبب يكمن في خفوت بريق سوق الاسهم المحلية والعالمية. ام في رغبة الكثير من المدخرين في الحصول على مصادر دخول اضافية خاصة في ظل تزايد تكاليف المعيشة. ام الرغبة في الإثراء الكبير والسريع الذي تعدهم به ضمن الاعلانات عن المساهمات. وإذا كانت الأسباب السابقة ربما تفسر جزءاً من هذه السلوكيات الاستثمارية فإن البعض يرجع السبب الى عدم قدرة المؤسسات المالية المحلية على استيعاب المدخرات الخاصة واستثمارها بالطرق المناسبة والتي تنسجم مع تفضيلات الافراد ورغباتهم. وبعبارة عدم قدرتها على توفير المنتجات الاستثمارية المناسبة وبالقدر المناسب.
وبغض النظر عن الاسباب فإن هذا النشاط بدأ ينتشر بسرعة كبيرة، وربما كان ما يعلن عنه جزء يسير من الحجم الحقيقي لهذا النشاط، الأمر الذي يستلزم التدخل السريع من قبل الجهات المختصة لوضع الضوابط والقواعد التي تحمي حقوق المساهمين وتضمن عدم التلاعب بأموالهم. ذلك ان هذا النشاط حساس جداً لا يقل خطورة وأهمية عن قطاع المصارف.
والتدخل لازم أيضاً للحد من الآثار السلبية لهذا النوع من الاستثمارات التي يمكن وصفها في أغلب الحالات بالعقيمة. وتتمثل الآثار السلبية في ما يمكن ان ينشأ عن المساهمات العقارية من مضاربات على أسعار العقارات تؤدي الى زيادتها بشكل كبير. ولربما أعاد صغار المساهمين الأرباح الكبيرة والتي كانت الطعم الذي ساقهم الى هذا المجال الى ملاك العقار باليد الأخرى عند رغبتهم في شراء اراض خاصة نتيجة لزيادة أسعار الأراضي بسبب وجود هذه المساهمات. وأصبح كبار العقاريين مثل من يعطي بيد ويأخذ باليد الأخرى.
والتدخل مطلوب ايضاً لتوجيه هذه الاستثمارات نحو المجالات والأنشطة المنتجة والأكثر فائدة للاقتصاد والتي تنطوي على قيمة مضافة عالية مقارنة بالاستثمار في العقارات والتي تتصف بأنها انشطة ذات قيمة مضافة متدنية، الأمر الذي يساعد على تحقيق المصالح الشخصية بما لا يتعارض مع مصالح المجتمع.
إن عدم وجود رقابة جادة ودقيقة على هذا النشاط مدعاة لظهور اشكال مختلفة من الاستغلال والتحايل والتي ستترك حتماً آثاراً سيئة على الأفراد والمجتمع.

* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام محمد بن سعود

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved