مستغلين أي عملية فدائية وأي انشغال أو تشاغل دولي عما يجري في فلسطين المحتلة ينشط الإسرائيليون في تهويد المدن الفلسطينية، فبعد أن نجحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في تهويد مدينة القدس، وابتلعت أغلبية أحياء القطاع الشرقي من المدينة والقرى المحيطة بالمدينة المقدسة، جاء الدور على مدينة الخليل التي تضم الحرم الإبراهيمي والذي فرض الإسرائيليون مشاركة اليهود في الصلاة فيه، وزرعت الحكومة الإسرائيلية داخل المدينة حيّاً استيطانياً، بعد أن أقامت مستعمرة كريات أربع، وقد عمل المستوطنون الإسرائيليون في داخل المدينة وخارجها في مستوطنة قريات أربع على إثارة الاستفزاز والتوتر الدائم في الخليل مما دفع الفلسطينيين إلى الغضب ورد اعتداءات قطعان المستوطنيين، فالستة آلاف مستوطن في قريات أربع، والمئة وخمسون في الحي الاستيطاني، تفرغوا لاستفزاز وإهانة قرابة نصف مليون فلسطيني في الخليل، ولذلك جاءت العملية الفدائية التي استهدف فيها المقاتلون الفلسطينيون الجنود الإسرائيليين الذين كانوا حراساً ومشاركين للمستوطنين في أعمالهم الاستفزازية، ولأن الاستفزاز وتراكم الإهانات الإسرائيلية لأهالي الخليل عمل مبيَّت بهدف استدراج الفلسطينيين للقيام بالأعمال الفدائية، يعطي مبرراً للإسرائيليين لتنفيذ مخططات جاهزة، فقد باشر كل من شارون ونتنياهو معاً كل فيما يخصه من إجراءات لتخريب السلام وفرض أمر التهويد في الأراضي الفلسطينية كأمر واقع يحظى بسكوت الإرادة الدولية وتأييد خفي من الأمريكيين.
فشارون يطلق عمليات التهويد في مدينة الخليل ويعطي تعليمات بربط مستعمرة قريات أربع بالحي الاستيطاني داخل مدينة الخليل بطريق خاص وإقامة بؤرة استعمارية جديدة في الخليل، إمعاناً في تسريع تهويد مدينة الخليل.
أما نتنياهو فقد أعلن عن إلغاء اتفاقيات أوسلو، واتفاقية الخليل، وهو بهذا يلغي كل ما حققته الجهود الدولية لوضع أسس مقبولة للتسوية في المنطقة.
كل هذا ولا يزال السيد ياسر عرفات يردد شعار سلام الشجعان.. الشعار الذي أصبح مجرد ترديده عبثاً وسخرية.
|